"شيوخ العشائر رشحت امرأة بالبرلمان وهذا سر تفرد تجربتنا الديمقراطية بالقرن الأفريقي"

كشفت مريم روبلية السياسية الصوماليلاندية سر قيام دولتها بتجربة ديمقراطية فريدة، ودور النساء بها وما يعانين منه وتجربتهم في المناصب العليا.

تعتبر دولة صوماليلاند أحد الديمقراطيات الهادئة وسط بحر الصراعات المضطرب في القرن الأفريقي، وهي دولة تشهد تجربة ديمقراطية متميزة سواء في القرن الأفريقي أو الشرق الأوسط، حيث نجحت المعارضة الفوز بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية بينما الرئيس من حزب آخر، كما تشهد انتقال سلس للسلطة بين أحزابها المختلفة، إلا أنها تعاني من عدم الاعتراف الدولي في ظل الأزمة الصومالية، ولذلك حاورت وكالة فرات مريم روبلية السياسية الصوماليلاندية المستقلة، لتتحدث عن تجربة صوماليلاند والنساء بها، وإلى نص الحوار:

كيف نشأت دولة صوماليلاند؟

نشأت جمهورية أرض الصومال أو صوماليلاند‏، جمهورية أعلنت استقلالها عن بريطانيا عام 1960، واعترفت بها أكثر من 34 دولة عضو في الأمم المتحدة، ولكن الشعب كان يريد تأسيس بلد لكل المتحدثين باللغة الصومالية ابتداًء من جيبوتي إلى إقليم، ولذلك قاموا بعمل وحدة طوعية مع الصومال، ولكن بعد مجازر الجنرال سياد بري ضد قبيلة الإسحاقيتين والتي عفت باسم "هرجيسا هولوكوست"، وعقب انهيار الحكومة المركزية في عام 1991، أعلنت الحكومة المحلية بقيادة الحركة الوطنية الاستقلال عن بقية الصومال في كينيا.

كيف ترين التجربة الديمقراطية في صوماليلاند؟

تمكنت صوماليلاند من تحقيق إنجازات ملحوظة في مجال الديمقراطية بدون أي مساعدة كبيرة، وتغلبت على التحديات التي تمثلت في الفشل في الحصول على الاعتراف الدولي والمساعدة، وتمكنت صوماليلاند من الحفاظ على نظام ديمقراطي فعال وتنمية اقتصادها ودعم سيادة القانون، تزامن هذا مع مواجهة التطرف والحفاظ على الاستقرار في المنطقة، على الرغم من التحديات الخارجية المعقدة في لاسعانود.

ما قصة انتخاب الأحزاب السياسية في البلاد؟

كل 10 سنوات في صوماليلاند تتغير الأحزاب السياسية، وذلك لأن الدستور غريب بعد الشيء، والذي ينص أن كل عشر سنوات يطالب الشعب بتجديد الرخصة للحزب، وهذه القاعدة تسري على الجميع وحتى الحزب الحاكم.

ما هو سر نجاح التجربة الديمقراطية في صوماليلاند؟

سر نجاح التجربة الديمقراطية في البلاد، بأن السبب هو تحويل السلطة الحقيقة لشعب، ولا يمكن أن تحصل على ديمقراطية قبل إعطاء الشعب السلطة لاختيار القيادة، وذلك عندما يكون السياسي حسابات مرتبطة بالشعب تنجح التجربة الديمقراطية، خاصة من أعضاء المجلس التشريعي، وأثبتت صوماليلاند أنها أكثر بلد ديموقراطي في القارة الأفريقية، حيث فاز تحالف المعارضة برئاسة المجلس التشريعي، فيما قام الرئيس الصوماليلاندي باستضافة رئيس المجلس التشريعي الجديد ونائبيه في القصر الرئاسي وقدم لهم التهنئة، وكان تحالف المعارضة حصد أغلبية المجالس المحلية أيضاً، أن مجلس الشيوخ في صوماليلاند، قام بإتباع برنامج مفيد جدا من أجل الدول الهشة، ومنها أفغانستان قبل سيطرة طالبان على مقاليد الحكم بها طبقت نفس البرنامج الذي طبقته صوماليلاند دون أي تغيير، وعام 2001 جنوب إفريقيا اخدت نظام المجلس شيوخ في دولة صوماليلاند.

كيف ترين خسارة الحزب الحاكم للبرلمان في صوماليلاند؟

مبادئه هزمته، فتح الباب للجميع، والمعارضة قويت في عصر موسى بيحى، صارت أمور شخصية ويسبون الرئيس وأهله، ولكنه إذا ترشح مرة أخرى سينتخبه الحكم، المعارضة تحالفت بالبرلمان 51 كرسي وشكلوا الأغلبية، والحزب الحاكم 30 مقعد، البرلمان هو من يحاسب البرلمان، وأي اتفاقات دولية يجب أن تستلزم موافقة البرلمان، القوة الأساسية الشعب.

هل يمكن أن يحكم الرئيس الحالي للبلاد موسى بيحي لفترة رئاسية جديدة؟

فوز المعارضة في الانتخابات البرلمانية لا يعني أنها ستفوز في انتخابات الرئاسية، وذلك لأنها تختلف تماماً عن الانتخابات الرئاسية، والبرلمان ينتخب بشكل عشائري والأحزاب مجرد مظلة لتلك العشائر، أي يعني التصويت لا يكون لأجل مبادئ أو مرشح حزب، وإنما كل عشيرة تنتخب من يرونه الأفضل من بين مرشحي العشيرة في الأحزاب السياسية.

هل يوجد تمثيل للمرأة في الحكومة الصومالية؟

وزيرتين في الحكومة، وزيرة الأسرة والبيئة والبادية وزيرة الأشغال، وهو تمثيل قليل جداً، البلد 51٪ نساء، أكثر الناخبين الذين يخرجوا ويصوتوا هم النساء أكثر من 70٪، وبمجرد أن تبلغ المرأة سن الرشد تذهب للتصويت.

ما سر خلو برلمان صوماليلاند من وجود المرأة؟

كان يوجد في البرلمان القديم امرأتين ولكن في البرلمان الحالي لا يوجد، رغم أن الرئيس موسى بيحى أطلق وعود أن المرأة يعمل لها كوتا، قرار أن تحصل النساء على 18 مقعد من 82 مجموع مقاعد البرلمان، حيث يختار كل إقليم 3 نساء، 6 أقاليم، ولم ينفذ، ولكن قرار الرئيس لا يسير بدون موافقة البرلمان، كان هناك قرار للأقليات والنساء والقرارين رفضوا في البرلمان، اعتبروه فصل عنصري، وبالتأكيد الانتخابات مكلفة، وعمل دعم للنساء في الانتخابات، والأصعب أن المرأة لم تعطي صوتها للمرأة، والنساء دخلوا في منافسة قوية.

هل توجد تجارب مضيئة في انتخابات البرلمان للمرأة؟

توجد سيدة تسمى سعاد ترشحت في أحد دوائر العاصمة هرجيسا، وحصدت أعلى أصوات، وتعد أول امرأة يرشحها استطاعت تقنع السلاطين والمشايخ في ترشيحها، وكسرت العادات والتقاليد، أن عشيرة ترشح امرأة وتقول هي من ستمثلنا، وحصلت على أكثر من 10 ألاف صوت، وخاضت جولة الإعادة في البرلمان أمام مرشح أحد الأقليات في المجتمع، ولكن في الجولة الثانية فاز مرشح الأقلية تكريماً من المجتمع لتلك الأقلية.

كيف ترين أزمة لاسعانود؟

تتواصل المواجهات في لاسعانود، الحركة التمرد العشائري التي يقودها زعماء بعض العشائر، فإن التصعيد يزداد ويؤدي إلى عدم استقرار في منطقة متوترة بالفعل.

تسبب التمرد في نزوح حوالي 100000 شخص وتجذب مقاتلين من جميع أنحاء القرن الإفريقية، وعانت المنطقة بالفعل من تسلل الجماعات المتطرفة مثل داعش والشباب.

تحت سياق تمرد العشيرة، لن تتمكن الصومال من تحديد مثل هذه التهديدات بشكل فعال لكينيا وأثيوبيا، حيث لا تملك سلطة على صوماليلاند، ولا يشكل الوضع في صوماليلاند تهديداً فقط لها بل يشكل تهديداً أيضاً على جيرانهم، مثل كينيا وإثيوبيا، التي تستقبل عدداً كبيراً من الصوماليين العرقية. كما أن العديد من الصوماليين المتواجدين في كلا الجيران يتشاركون روابط قرابة مع سكان لاسعانود، مما يجعلهم أساساً عرضة لتأثير هذه الجماعات المتطرفة، خصوصاً جماعة الصومالية. الشباب الذين اتحدوا مع تحالف يتألف من جماعات مسلحة لها أفكار ومعتقدات مختلفة.

كيف ترين السياسة الأمريكية تجاه صوماليلاند؟

سياسية أمريكا بدأت  تتغير ولاسيما في قضية صوماليلاند، حيث  يأتي الاهتمام الأمريكي بعد توسع الصين في شرق أفريقيا وتوغلها الاقتصادي في تلك المناطق، مما يهدد النفوذ الأمريكي هناك، و اخيرا أصبح السياسيين الأمريكيين يرون صوماليلاند كمفتاح لحل للمشاكل في منطقة القرن الأفريقي، ولذلك تمت دعوة أرض الصومال لحضور قمة جو بايدن للديمقراطية، مشاركين بها مئات من الدول، مما يدل على أن  سياسة أمريكا بدأت  تتغير ولاسيما في قضية صوماليلاند، و تلك الدعوة جاءت بسبب أزمات أثيوبيا والصومال، خاصة بعد فرض الولايات المتحدة ضد النظامين الإثيوبي والارتري عقوبات بسبب انخراطهم في جرائم حرب أثناء المعارك في إقليم تيجراي.

كيف ترين القرارات الأمريكية حول صوماليلاند خاصة في أزمة لاسعانود؟

طالما لعبت الولايات المتحدة دوراً كبيراً في الأحداث الإفريقية، حيث أسفرت مشاركاتهم في المنطقة عن تأثير إيجابي على نمط حياة الملايين، وأعلنت الخارجية الأمريكية مؤخراً عبر بيان عن وقوفها في صراع لاسعانود المحصور شرق صومالاند، وشعر كثيرون من أهل صوماليلاند أن ذلك البيان يُبْطِلُ جهودهم في تحقيق نظام ديموقراطي، فضلاً عن انتقاد غير منصف لجهودهم في التصدي للتطرف وتحافظِ المنطقة على استقرارها، وصوماليلاند هي دولة بحكم الأمر الواقع ذات ديمقراطية تعمل بشكل جيد وتدافع عن السلام الإقليمي والاستقرار والتكامل الاقتصادي.

أثبتت دولة صوماليلاند، التي تتميز بنظام ديمقراطي، للغرب موافقتها على تمديد العلاقات مع جمهورية تايوان والإبداء المستمر لولائها للولايات المتحدة. وصمود صوماليلاند أمام الضغوط الخارجية التي تستهدف إجبارها على التخلي عن علاقاتها مع تايوان والاتفاق بشأن حصة تايوان في أكبر حقل نفط في صوماليلاند، يثبت التزام هذه الدولة بالتحالفات. نظراً للاستمرار في الأزمة المستمرة في الصومال المجاورة، فإنه يتعين بشدة فحص الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة للدولة غير المستقرة والتركيز على تعزيز الصلات مع شركاء مؤسسين وديمقراطيين وذوي جدارة في شبه الجزيرة الإفريقية.