تكدست مئات الطلبات المقدمة لحرية القائد أوجلان على مكاتب المنظمات الدولية والإقليمية المعنية بحقوق الإنسان، في عملية ازدواجية معايير يمارسها المجتمع الدولي ضد القضية، ورغم ادعاء الغرب أنه قلعة للحريات إلا أنه يغض الطرف عن قضية القائد أوجلان إلا أنها تجاهلت جميع الطلبات للنظر في المحاكمة والقوانين غير العادلة التي يخضع لها القائد أوجلان وصولاً إلى العزلة الجسدية ومنعه من لقاء محاميه أو أسرته.
وكانت قد وجهت الحملة الدولية لحرية القائد عبد الله أوجلان رسائل لـ 11 جهة دولية المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان وأطباء بلا حدود ومجلس أوروبا والصليب الدولي ولجنة مناهضة التعذيب الأوروبية ولجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة CPT ومجلس حقوق الإنسان والهلال الأحمر الدولي ومنظمة الصحة العالمية والجامعة العربية ومنظمة العفو الدولية، مما يدل على تواطؤ المجتمع الدولي مع تركيا في قضية القائد عبد الله أوجلان.
ازدواجية المعايير الغربية
تشهد منظمات حقوق الإنسان الأوروبية ازدواجية معايير في قضية القائد أوجلان، لأنه على الرغم من تصديها للكثير من انتهاكات حقوق الإنسان في أنحاء العالم إلا أنها تشهد عملية صمت رهيبة تجاه العزلة المشددة المفروضة على القائد أوجلان ومنعه من لقاء أسرته أو محاميه.
بدأ الموقف الأوروبي المخزي من قضية أوجلان عام 2007 عندما تنازلت لجنة الوزراء بمجلس أوروبا عن اعادة محاكمة القائد أوجلان رغم أن المحكمة الاوروبية لحقوق الانسان في عامي 2003 و2005 قالت إن محاكمة أوجلان غير نزيهة، واستمر غض الطرف مع العزلة الجسدية للقصائد أوجلان، حيث تجاهلت اللجنة الأوروبية لمناهضة التعذيب آلاف الطلبات والتي بلغت أكثر من 20 ألف رسالة من عدة دول ومقدمة من حركة المرأة الكردية في أوروبا وحدها.
يقول الدكتور علي أبو الخير الباحث المتقاعد في وزارة التعليم المصرية وأستاذ زائر في التاريخ الإسلامي في كتاب "عبد الله أوجلان.. مسيرة نضالية تحدت الصعاب وإبداع فكري تخطي الجدران"، إن التكييف القانوني لسجن عبد الله أوجلان هو أنه لا قانون ثم الاعتماد عليه عند خطف أوجلان ثم محاكمته ثم سجنه، مبيناً أن إزدواجية المعايير تتضح من موقف محكمة حقوق الإنسان الأوروبية ومجلس أوروبا الذين قد غضوا النظر عن الانتهاكات القانونية التي تحصل في سجن إمرالي والعزلة الحالية تجاوزت المعايير القانونية ومستمرة فقط من الناحية السياسية بالإضافة لصمت الاتحاد الأوروبي.
وأضاف، أن العزلة في شخص القائد عبد الله أوجلان والظروف التي تجري داخل السجن خلف الأبواب المؤصدة والتي تستخدم خطط مختلفة تدل على أن وجهة نظر الاتحاد الأوروبي بشأن القضية الكردية تلعب دورا مهما في العزلة لأن تركيا لديها أجندة مختلفة مع أوروبا فان القضية الكردية متجاهلة في هذه الأجندات ويستخدمون المشكلة الكردية من كل الاتجاهات فهم يقولون انه بإمكاننا أن نتفق معكم في العديد من القضايا الأخرى لكن عليكم غض البصر عن سياستنا القمعية والأمنية بشأن القضية الكردية حيث أن تركيا كيان وظيفي للاستعمار يتعامل مع النظام الصهيوني ولا يخدم أي قضية إسلامية بل يتعاون مع الجماعات المتأسلمة المتطرفة.
وأشار أبو الخير إلى، أن الدولة التركية تعلم يقينا أن حرية القائد أوجلان تخفف كثيراً من الثورة الكردية ضد الأنظمة التركية ويعم السلام.
ازدواجية المعايير الإقليمية
تجاوزت عملية ازدواجية المعايير من المجتمع الدولي إلى الإطار العربي والإسلامي خاصة مع وجود 4 دول تقسم الشعب الكردي فيما بينهم وهي تركيا وإيران وسوريا والعراق، وغالباً ما تنحاز المنظمات الإقليمية سواء جامعة الدول العربية أو منظمة التعاون الإسلامي لتلك الدول وأنظمتها على حساب القضية الكردية ومنها قضية حرية القائد عبد الله أوجلان.
وتطرق المؤرخ المصري إلى ازدواجية المعايير الإقليمية، مبيناً أنه قبل 10 سنوات دعت جامعة الدول العربية بتاريخ 2 أبريل\نيسان 2014 إلى تبني الدول آليات وتدابير اجتماعية وثقافية وسياسية وقانونية تضمن حقوق الأقليات بها وحريتهم في ممارسة شعائرهم الدينية وطقوسهم الاجتماعية والثقافية في إطار القوانين المنظمة لها وتهيئة المناخ المناسب لنشر وتعزيز وتكريس ثقافة استيعاب الآخر، لكن على طرف النقيض الموقف من القضية الكردية، حيث جامل العرب الأعراق المجاورة لهم على حساب القضية الكردية، ويوجد صمت وموافقة ضمنية عربية رسمية على سياسة تركيا في قضية أوجلان.
وأشار أبو الخير، إلى أن نفس الموقف ظهر من لجنة حقوق الإنسان في منظمة التعاون الإسلامي والتي ترأسها تركيا، ولذلك من الطبيعي ألا تحقق في قضية القائد عبد الله أوجلان.
ولا تتوقف ازدواجية معايير على الخارج فقط ولكنها تصل للداخل التركي حيث فصلت السلطات التركية قانون وسجن استثنائي للقائد عبد الله أوجلان يختلف عن باقي سجون تركيا.
يقول الدكتور مختار الغباشي الأمين العام لمركز الفارابي للدراسات في تواصل هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن هناك ازدواجية معايير في قضية أوجلان، مبيناً أن جزيرة إمرالي بعد انتقل إليها عبد الله أوجلان أصبحت معسكر حربي لا يجوز الاقتراب منها لمسافة 5 أميال.
وأضاف، أنه في بعض النظم السلطوية يتم تفصيل أدوات قمعية لمحاكمة انسان، أحيانا يكون منها أدوات قانونية حصرية للمحاكمة، وفصل قانون داخل تركيا وسمي بقانون أوجلان، بدعوى أنه يريد انفصال أرض لتركيا حاكمية عليها وحكم علي بالإعدام وخفف عليه الحكم عام 1999 نتيجة القوانين الأوروبية ويتم تفصيل نص مادة وتلك المادة تتحدث عن الحكم المؤبد المشدد، لا يجوز الحكم عنه، رغم أنه معروف أن الحكم المؤبد هو 25 عام ويتم الإفراج عن الشخص بعد 20 سنة ويظل 5 سنوات تحت مظلة الإفراج الشرطي، وحكم المؤبد المشدد لا يفرج عنه إلا عند الوفاة وداخل القانون أنه بعد أن توافيه المنية يظل من ٢٢-٢٣ ساعة لا يقربه أحد حتى يتأكدون أنه انتهى فعلا وعملياً، ولا يجوز الإفراج منه بأي حال من الأحوال.
وأشار "غباشي"، إلى أن السجون عادة تكون تحت إشراف وزارة العدل، ورغم أن إدارتها من وزارة الداخلية إلا أن من يقوم بالتعيين وزارة العدل ولكن جزيرة إمرالي مختلفة حيث أصبحت تحت ولاية رئيس الوزراء وتحت رئيس الوزراء تفرع منه جهة مختصة بتعيين العسكريين في الجيش التركي وهم المعنيين بإدارة هذا السجن، بالإضافة إلى أن الموظفين والإداريين والحراس يخضعوا بشكل مباشر للقيادة العامة للدولة التركية أي لا وسيط، بمعنى أنك تصل إلى مستوى رئاسة الوزراء فيما يرتبط سجن إمرالي أو جزيرة إمرالي أو أدوات إدارة هذا السجن.
وقال الغباشي في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن قانون أوجلان مختلف عن باقي النظام القانوني التركي، وقواعد سجن إمرالي مختلفة تماما عن باقي السجون وكلها تعتبر خرقا لقواعد القانون الدولي الإنساني.