على هامش ندوة العلاقات العربية الكردية.. مفكرين مصريين يطرحون آليات لتطوير علاقات الشعبين

طرح عدد من المفكرين المصريين والعرب على ضفاف النيل في العاصمة المصرية القاهرة عدد من آليات تطوير وتعميق العلاقات المصرية الكردية مسترشدين بأفكار وأطروحات القائد عبد الله أوجلان.

شهدت ندوة "العلاقات العربية الكردية – قاطرة التوازن الإقليمي في الشرق الأوسط" بمبادرة ودعوة من مركز الفارابي للدراسات السياسية الكثير من النقاشات الساخنة حول كيفية وآلية تطوير العلاقات العربية، بعد أن شاركت فيها نخبة من الأكاديميين والباحثين والكتاب والصحفيين والسياسيين المصريين.

وتناولت الندوة عدة محاور هي: الجذور التاريخية للعلاقات العربية- الكردية / العلاقات الثقافية والفنية العربية- الكردية/ العلاقات العربية الكردية 1992-2024: قراءة في البعد السياسي/ كردستان والمحيط العربي- قراءة في الأبعاد الجيواقتصادية.

كشف السفير شريف شاهين السفير المصري السابق في العراق، أن تطوير العلاقات بين الجانب الكردي والعربي لا يقتصر على الجانب السياسي والثقافي بل له نشاط في افتتاح للقنصلية المصرية في هولير، وكانت معركة كبيرة في وزارة الخارجية، لمجرد  فتح قنصلية في هولير، غير المعركة داخل العراق نفسه، وجاء محافظ الموصل وتحدث بلهجة شديدة معه، وقال له كيف تفتح قنصلية في هولير، ويجب فتح قنصلية في الموصل، وقلت له لا لأن الموصل عربية، ولديك بغداد تمثل فيها، ولكن لابد من تواجد في هولير والسليمانية، هذه مناطق نريد ربطها بمصر والعالم العربي، ويوجد طيران مباشر بين السلمانية والقاهرة، وتقوم بعمل ثلاث رحلات في الأسبوع.

وأكد شاهين خلال مداخلته، أنه فيما يتعلق بالنشر توجد دار نفرتيتي تقوم بترجمة الفكر، والأدب الكردي، والثقافة الكردية إلى اللغة العربية، ومن يحب أن يطلع على الأدب الكردي لابد له من زيارة هذا الدار، وهي تقوم بدور هام جدا في نشر الثقافة الكردية الرفيعة، وهناك شركات مصرية منذ التسعينات بعد انتهاء حكم صدام عملت في هولير مثل شركة السويدي للكهرباء، وشركة منصور للسيارات الثقيلة، والمقاولون العرب، كل هذه الشركات تعمل، ولها دور في الإعمار.

وأضاف السفير المصري السابق في العراق، أنه ما ينقص هذا الجهود هو الاهتمام الإعلامي وإبراز هذا الجانب، لأن الثقافة الكردية جزء أصيل منا، الرأي العام لا يعرف شيء عن الثقافة الكردية، حتى سليمان الحلبي الذي قتل كليبر هو كردي مسلم.

بينما كشف مجدي الدقاق، الكاتب الصحفي ورئيس تحرير مجلة دار الهلال الأسبق، أنه توجد صحوة تنويرية، تقودها القاهرة ربما تكون غير مرتبة، مبيناً أن انتشار الدعم للقضية الكردية هو استمرار الجهد العربي من أجل القضية الفلسطينية، و لا يمكن أن توافق على انتهاك الشعب الكردي وحقوقه وأنت تدافع عن الشعب الفلسطيني، واسترداد حقوق الشعب الفلسطيني يناط به حقوق الشعوب الأخرى.

وأكد الدقاق خلال مداخلته، أنه ما سمي زوراً بالربيع العربي دفع بعض الأنظمة إلى إعادة النظر فيما فرضته النظم القوية من محاولة إلغاء شعوب، حيث كنت تزور بعض الدول وتجد ربع سكانها، أو أقل قليلاً اي عدد لا بأس به لا يملك حق المواطنة، ويمكن أن نسميهم البدون.

وأضاف رئيس تحرير مجلة دار الهلال الأسبق، أنه رغم حبه لسوريا والعراق وعدم تدخلنا في شأنهم الخاص، إلا أنه يدعم مجهودات بعض المثقفين العرب لاسترداد حقوق الكرد، وهم رغم كونهم شعب غير عربي، ولكنهم جزء من الثقافة العربية، وجزء من منطقة الشرق الأوسط، وعلينا بقدر ما نقف مع القضية الفلسطينية نقف مع القضية الكردية.

وبيّن الدقاق، أنه قرأ العديد من الأوراق السياسية التي كتبها كرد العراق أو كرد سوريا أو كرد إيران أو كرد تركيا، والتي من أبرزها كتابات عبد الله أوجلان لا يتحدث عن الانفصال بل يتحدث عن الدولة الأم، وعن الأمة الجامعة، وتحقيق الشخصية الثقافية والاجتماعية، وأن هذا مطلب مهم يتبناه ويسعي لتحقيقه.

بينما كشف الهامي المليجي الصحفي والكاتب المصري ومنسق المبادرة العربية لحرية القائد اوجلان، أن كثير الموروث الثقافي المصري يتماس ويتداخل مع الموروث الكردي، وفوجئ عندما ذهب للقرية الفرعونية مع شخصية كردية ان هناك عادات تتشابه بين المصريين القدماء وما بين الكرد.

واقترح المليجي خلال مداخلته، أن يتم البحث عن أسباب توقف مبادرة علي بدرخان، وإذا توجد إمكانية لإحيائها لأنها مبادرة هامة، وتساعد في توطيد العلاقة بين الشعوب، مشيراً إلى أن الأفكار الهامة التي طرحت هي فكرة إنشاء معهد عربي كردي، ولكن لا يحبذ ربطها بالجامعة العربية، لأنها مؤسسات فقدت صلاحيتها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، والهجوم الصهيوني البربري على أهالينا في قطاع غزة أكد بما لا يدع مجال للشك أن هذه المؤسسات فقدت صلاحيتها.

ودعا منسق المبادرة العربية لحرية القائد اوجلان، إلى البحث عن مؤسسات أخرى تتبنى هذه الفكرة مثل مؤسسة عبد الله أوجلان للعلوم الاجتماعية ومقرها باريس، وتحمل نفس الرؤى ونفس الفكر، خاصة أن الأكاديمية تبحث عن فتح فروع اقليمية، والقاهرة أحد مشاريعها الاقتصادية، وحتى لا تشترط أن تسمى بنفس الاسم بفرعها في القاهرة.

وأردف المليجي، أن أقصر الطرق لتعارف الشعوب مع بعضها هي الثقافة، لو عدنا إلى الشرخ الذي حدث بين الكرد والعرب كانت بسبب ثقافي، عندما سيطرت الدولة القومية بعد الحرب العالمية الثانية، وحاولت في سوريا والعراق فرض الثقافة العربية على حساب الثقافات الأخرى.

بينما كشف محمود الشناوي مدير تحرير وكالة الشرق الأوسط، أن صلاح الدين الأيوبي ولد في مدينة تكريت الكردية الواقعة في شمال العراق، والكرد يوجد لديهم من التاريخ والثقافة، وفهم أن الكرد انفصالين هو نتيجة لعمليات التعريب والتتريك، والتفريس، وفي إيران يعتبرونهم انفصاليين ومعزولين، يمثلهم حزب الحياة الكردي.

وأكد الشناوي في مداخلته، أن الكرد في إقليم كردستان هم جزء من الدولة العربية، ولكن ما قام به مسعود بارزاني وما قام به من استفتاء على انفصال إقليم كردستان وكان يمثل ثلث العراق في الخريطة التي أعلنها، الكرد الموجودين في تركيا وسوريا يتهمون زورا بتهمة الانفصال.

واضاف مدير تحرير وكالة الشرق الأوسط، أنه عندما كان مديرا بوكالة الشرق الأوسط في العراق وحد صعوبة في زيارة إقليم كردستان العراق، مبيناً أن أحد أسباب فشل مشروع علي بدرخان هو الانقسام الكردي الكردي في إقليم كردستان العراق بين الحزبين الكبيرين ولا تزال تلك الانقسامات هي المسيطرة على المشهد في الإقليم.

بينما كشف كريم حسين أستاذ العلاقات السياسية في جامعة زنجبار في تنزانيا، أن القوة هي جزء من مفهوم القوة، ومفهوم القوة هو أهم مفهوم في السياسة والعلاقات الدولية، مبيناً أن مفهوم القوة الناعمة تطور ليصل إلى مفهوم القوة الذكية وهي التي تجمع ما بين مفاهيم القوى الناعمة والصلبة والسياسات.

واوضح حسين خلال مداخلته، أن إيران نجحت في بسط نفوذها في دول مثل اليمن ولبنان رغم أنها دول العروبة متأصلة في داخلها، وذلك لأن إيران ربطت بين القوة الناعمة ومستويات أخرى من القوة.

وأضاف أستاذ العلاقات السياسية في جامعة زنجبار في تنزانيا، أن مصر وتركيا كان بينهم مشكلة سياسية لمدة ١٠ سنوات، ورغم هذه الأزمة كان الشق الاقتصادي بينهم عالي جدا، وهذا يدل على أن هذه المساحة المخصصة للعلاقات الاقتصادية يمكن أن تفوق الخلافات السياسية، ويجب أن نربط ما بين هذه المستويات من القوى والعلاقات حتى يستعيد العرب مكانتهم مرة أخرى سواء التماس الكردي أو الأفريقي.

وبيّن حسين، أنه لا يمكن أن يصبح الأزهر مجرد مؤسسة دينية ولكن له دور حضاري بالغ الاهمية نفتقده، مبيناً أن وجود الرواق الكردي كان من عشرات السنين، ولكن في الوقت الحالي توجد جامعات إسلامية عديدة في الدول الإفريقية والشرق الأوسط، ولا توجد من بينها جامعة للأزهر، والأزهر له تواجد ولكن الحديث عن الفاعلية شيء آخر.

وبعد بحث معمق وحوار ثري وواسع في مناخ ديمقراطي، وصل الحضور لمجموعة من التوصيات نوجزها فيما يلي:

1-   السعي لتفعيل مبادرة السينمائيين الخاصة بمشروع مشترك لتسجيل التراث الكردي.

2- إنشاء معهد عربي كردي يستهدف تنشيط حركة التواصل والنشر والترجمة والاطلاع على آداب وفنون وثقافات كل طرف اضافة الى التحديات والمخاوف التي تهدد الهوية المشتركة للعرب والكرد والهوية الخاصة لكل منهما.

3- العمل على نسج علاقات أكاديمية وفكرية مع الأكاديميات الكردية المختلفة، على سبيل المثال أكاديمية عبد الله أوجلان للعلوم الاجتماعية.

4- تفعيل التعاون الثقافي والإعلامي والسياحي بين العرب والكرد بوسائل شتى.

5-العمل على مناقشة واسعة ومعمقة لمشروع الأمة الديمقراطية من خلال الندوات وورش العمل باعتباره أحد المشاريع المهمة المطروحة لحل مشكلة الكرد والأقليات في المنطقة، بل وحل المشاكل التي تعاني منها المنطقة.

6- السعي للبحث عن سبل تفضي إلى دخول السلع المصرية إلى مناطق شمال وشرق سوريا (الإدارة الذاتية).

7- دعوة المؤسسات الدينية المصرية لتعظيم دورها الحضاري في المناطق الكردية.