تستمر معاناة شعب الطوارق في إقليم أزواد بشمال مالي، حيث أصبح هذا الشعب محاصرا بين ضربات قوات فاجنر الوحشية على أراضيه والدرون التركي، ورغم ذلك يتشبث بمطالباته بالحرية واستقلال أراضيه والحصول على حقوقه المشروعة، ولذلك حاورت وكالة فرات للأنباء(ANF) آكلي شكا (المعروف بالصندوق الأسود للطوارق وصحرائهم الواسعة وهو الناشط والمناضل الطوارقي ومؤلف العديد من الكتب العربية والإنكليزية حول الطوارق وثقافتهم ولغتهم، منها مذكرات مناضل من الطوارق ومؤسس العديد من المنظمات الدولية التي تهتم بالطوارق كمنظمة ايموهاج الدولية وجمعية تيفيناع الثقافية مؤسس قناة توماست)، حول وضع إقليم أزواد الراهن والعلاقات الأزوادية الكردية وكيفية تطويرها وتحول القائد أوجلان لشخصية عالمية وايقونة للشعوب المظلمة وإلى نص الحوار:
من هم الطوارق واين يتواجدون؟
ما يربطنا بالكرد هو الكثير، الطوارق هي مجموعة أمازيغية وقطنوا الصحراء الكبرى من جنوب ليبيا إلى جنوب الجزائر إلى جنوب موريتانيا وشمال مالي في إقليم أزواد وشمال بوركينافاسو وشمال النيجر في إقليم أزواد واير، وهم السكان الأصليين لشمال إفريقيا وهم أحفاد طارق بن زياد، ومؤسس دولة الموحدين والمرابطين في شمال أفريقيا، وهم أمازيغ تلك المنطقة، ويتحدثون جميعهم الأمازيغية أي تمازق، ومساحة إقليم أزواد ٨٤٠ كم وهو أكبر من مساحة فرنسا ثلاثة مرات، والطوارق في تلك المنطقة يناضلون منذ الترسيم الأول للحدود سنة ١٨٨١ في مؤتمر برلين الذي قسم إفريقيا، ولذلك تجد الحدود بين الدول الأفريقية خطوط مستقيمة لأن المحتل لم يقوم بعمل مجهود ليميز بين إثنية و أخرى وثقافة وأخرى، فمثلا الخط بين الجزائر ومالي خط مستقيم مما مزق الطوارق بين تلك الدول.
كيف تعاملت حكومات مالي مع إقليم أزواد؟
أول ثورة كانت بعد خروج المستعمر الفرنسي ١٩٦٣ وحدثت بها مجازر كبيرة جدا ولكن الطوارق قبل أن تخرج فرنسا من أفريقيا أرسلوا رسالة وقع عليها ٤٠٠ شخص يطالبون فرنسا بعدم إلحاق هذا الإقليم بمالي لأنه لا يوجد ما يربط هذا الإقليم بمالي سواء ثقافياً أو دينيا، ولكن ديجول الرئيس الفرنسي تجاهل الرسالة وأرغم سكان الإقليم بأن يكونوا جزء من مالي التي لم تكن موجودة في هذا الوقت، لأن مالي كانت اتحاد بين عدة دول ولم يكن هناك دولة اسمها مالي، عندما نسمع عن تمبكتوا عمدة السلطنات في تلك المنطقة وتعود إلى ٥٦٠ عام قبل الاحتلال الفرنسي، ورغم ذلك فرنسا تجاوزت كل تلك الحدود وأرغمت الازواديين بالالتحاق بمالي، ولذلك بعد خروج فرنسا وسلمت مالي كدولة قامت أول ثورة ضد موديبو كيتا الذي قام بتسميم الآبار وحرق المراعي وقتل النساء والأطفال وارتكب المجازر ومنذ ذلك الوقت كل ١٠ سنوات والطوارق الازواديين يخرجون بالسلاح، وفي ٢٠١١ وما يسمى بربيع الشعوب حصلوا على كمية كبيرة من السلاح وبعد ٣ أشهر قاموا بإخراج الجيش المالي من كل المنطقة، وهو ما يحدث كل مرة حيث تنجح الثورة ثم تتدخل الجزائر لتقمع الثورة، ويكون هناك اتفاق سلام مثل الذي وقع عام ٢٠١٥ والذي فشل الآن، عجزت مالي عن مواجهة الازواديين جاء الانقلابيين بفاجنر وهي مهمتها قتل الأطفال والنساء وحرق الأراضي وهي عادة الجيش المالي في قمع كل الثورات، وذلك بترسانة تركية والدرون التركي يقتلون الإنسان والحيوانات، اختلف أسلوب الحرب والازواديين تلك المرة لم يكتفوا بتحرير إقليمهم ولكن بالسيطرة على كل أراضي مالي، لأنهم يرون أن الماليين يجب أن يعانون ليعرفون قيمة السلام، وقيمة الاتفاقيات التي يوقعون عليها ولا ينفذوها.
ما هي الهياكل السياسية والعسكرية التي أسسها الازواديين بعد 2011؟
في ٦ إبريل ٢٠١٢ بمدينة جاو أعلن الازواديين استقلال إقليمهم، ولكن للأسف الاستقلال كان من طرف واحد ودول الجوار مثل الجزائر وليبيا وبوركينا فاسو أعلنوا عدم اعترافهم بذلك الاستقلال والمجتمع الدولي لم يعترف بهذا الاستقلال وفي مقدمتها فرنسا هي التي تحمي مستعمراتها، ومنذ ذلك التاريخ شكل الازواديين جيشاً سموه الجيش الوطني الأزوادي وسيطر على كل تلك المنطقة ولكن بحكم دول مثل الجزائر لم تكن راضية عن هذا الإعلان لأنها تجد في ذلك خطر عليها وهو مثل ما يحدث مع الكرد عندما يتحالف ضدهم، حتى الازواديين بدأوا يفهمون أن مشكلتهم ليست مع مالي وإنما مع الجزائر، ولكن دول الجوار بدأت تنظر إلى الطوارق على أنهم الجدار الحامي للشمال، بحكم على أنه عندما كان الطوارق يسيطرون على تلك المنطقة لم يكن هناك إرهاب ولم يكن هناك هجرة غير شرعية،ولكن عندما ضعفت قوة الطوارق هو ما ولد اليوم موجات كبيرة من الهجرات غير الشرعية والإرهاب، لأنه مجتمع لم يعرف التطرف على الإطلاق، وكان مجتمع منفتح جدا على بقية الثقافات مثل كافة الأمازيغ في شمال أفريقيا.
كيف ترى الوضع الحالي للطوارق في إقليم أزواد؟
والآن الوضع سيئ جداً والوضع الإنساني سيئ، لأن الانقلابيين في باماكو وهم انقلابيين غير شرعيين جاؤوا على ظهر الدبابة يراهنون على شعب مسالم لم يعتدي على شعب آخر، أصبح لديهم ترسانة عسكرية زودتهم تركيا بطائرات الدرون، وهم لا يهاجمون الجيش الأزوادي ولكن يقتلون الحيوانات والأطفال ويهاجمون القرى مما تسبب في هجرة الكثير من السكان إلى الجنوب الجزائري وموريتانيا بحكم أن المنطقة أصبحت غير آمنة، مشيرا إلى أن قوات فاغنر عندما تقتل شخص تقوم بقطع رأسه ثم تضع المتفجرات تحته، لكي تنفجر في من يقوم بدفنها ولذلك الجثث ملقاة في الصحراء لا تجد من يدفنها بسبب تلك الإستراتيجية، وهم يقتلون الحيوانات ويسمون الآبار، وهي ليست طريقة جديدة للجيش المالي في تدمير القرى بعد عجزه عن مواجهة قوات الثورة، والأبرياء هم من يدفعون فاتورة ذلك، ولكن هناك إعداد قوي ومفاجآت في الفترة القادمة
كيف ترى استهداف القائد الأزوادي حسن فجاجا؟
حسن فجاجا استهدف من الدرون التركي، وكان أحد أبرز قادة الجيش الأزوادي وكان يناضل من الثمانينات ومن نعومة أظافره، وكان يعاني من مرض السكر، هو ومجموعة من الثوار.
ما هو عدد سكان إقليم أزواد وعدد الطوارق في الصحراء الكبرى؟
لا توجد إحصائية بعدد الطوارق دقيقة وذلك لأن الحكومات الرسمية تتعمد وضع إحصائيات مضللة لتصوير الطوارق بأنهم أقلية، ولكن ما نعرفه أن عدد الطوارق يصل إلى 10 مليون في الصحراء الكبرى، وفي إقليم أزواد يصل إلى 4 مليون، ولكن الدول تريد تصويرنا على أننا أقلية لا نستحق أن نحصل على حقوق.
كيف يمكن تطوير العلاقات بين الطوارق والشعب الكردي؟
انا من الطوارق، بعض الكتاب يشيرون الى ان الطوارق هم كرد إفريقيا، والتقسيم الذي حدث في أرضنا هو ما حدث للطوارق، حيث استيقظوا ليجدوا أنفسهم مقسمين.
وأتأسف جدا على ما يحدث ضد الشعب الكردي والشعب الأمازيعي، في الشرق الأوسط يوجد الكرد في كافة نواحي الحياة حتى في اللغة دخلت إلى العربية الكثير من الكلمات الكردية، وفي شمال أفريقيا لا توجد ثقافة سوى الثقافة الأمازيغية حتى من كانوا يعتقدون أنهم عرب بدأوا يكتشفون أنهم أمازيغ في حقيقة الأمر، وتم غسل دماغهم وتوجيههم ضد أشقاءهم الأمازيغ، ولذلك يجب أن تتواصل النخب الأمازيغية والنخب الكردية، والإعلام له دور هام جدا لتقريب وجهات النظر ورسم مستقبل لتلك الشعوب، لأنهم رغم التباعد الجغرافي بين الشعبين إلا أنه عبر المنابر الإعلامية يمكن أن تتطور تلك العلاقات، وخاصة أن هدف الكرد والأمازيغ هو الاستقرار والحصول على حقوقهم، عندما يتضامن الكرد والأمازيغ لأن كلا الشعبين يستحقون حقوقهم، وهو أمر مهم جدا.
كيف ترى الحملة الدولية لحرية القائد عبد الله أوجلان قائد الشعب الكردي المعتقل منذ 25 سنة؟
تحول عبد الله أوجلان إلى شخصية عالمية، ولا أحد يرضى بما يحدث لهذا المناضل الكردي، أنا من الموقعين على تلك العريضة، وأعول على النخب الأمازيغية والكردية وتنوير الرأي العام عن قضية عبد الله أوجلان، حتى تتداول تلك القضية وتشكل ضغط على السلطات التركية، ولأن أبسط حقوق المناضل عبد الله أوجلان هو وجود زيارات له، ولذلك يجب عمل ندوات ومظاهرات من أجل الضغط دوليًا للتحرك في تلك القضية، ويساعد للتخفيف فيما يعانيه هذا المناضل.