في هذا السياق، أجرت وكالة فرات للأنباء(ANF) حواراً مع السيد الهادي برقيق رئيس المجلس الأعلى لأمازيغ ليبيا، والذي فتح صدره للحديث عن أمازيغ ليبيا وخصائصهم، وما يطمحون إليه خلال الفترة المقبلة، فضلاً عما تعرضوا له من ظلم في عهد نظام الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، وكذلك بعد ثورة 17 فبراير/شباط.
كما أبدى القيادي الأمازيغي الليبي البارز إعجابه بتجارب الشعب الكردي لا سيما تلك السياسية، مؤكداً الحاجة إلى توطيد العلاقات بين الشعبين وإقامة المهرجانات المشتركة للتعريف بالهويتين الأمازيغية والكردية، والاستفادة من الخبرات السياسية بشكل متبادل.
وإلى نص الحوار:
*بداية، من هم الأمازيغ؟ وما حجم وجودهم في ليبيا وكذلك شمال أفريقيا؟ وهل هناك خصوصيات للأمازيغ في كل بلد من بلدان شمال أفريقيا؟
- الأمازيغ هم من سكان وشعوب شمال أفريقيا الأصليين، وقد عرفوا عن طريق العديد من القبائل منهم الليبو والمشواش والتحنو وغيرهم. ونسب الأمازيغ بين سكان ليبيا تختلف بين من هم أمازيغ ناطقين باللغة الأمازيغية وغير ناطقين بها أي مستعربين، وأيضاً أمازيغ الشمال وأمازيغ الصحراء والأمازيغ الذين يعرفون بالطوارق، وعامة الأمازيغ يشكلون بهذا التعداد ما يصل إلى ثلث سكان ليبيا إذا اعتبرنا غير الناطقين بالأمازيغية بينهم. أما عما إذا كان للأمازيغ خصائص ما في ليبيا أو تختلف من بلد لآخر في شمال أفريقيا، فمن المعروف أن شعوب شمال أفريقيا لديهم نفس الهوية والتاريخ والعادات والتقاليد والموروث الثقافي المشترك ونفس الموروث اللغوي والهوياتي، والاختلاف فقط بين الأمازيغ من دولة لأخرى يكون في نطق بعض الكلمات، أما فيما يتعلق باللباس فيكاد يكون متشابه بين الأمازيغ في مختلف دول شمال أفريقيا، خصوصاً لبس النساء للحلي.
*نعلم أن الإيدولوجيات القومية والإسلاموية كانت لها ممارسات إقصائية تجاه شعوب المنطقة كالشعبين الكردي والأمازيغي، كيف كانت أحوال الأمازيغ في ظل النظام الليبي السابق وهل كانت الخصوصية الأمازيغية معترف بها؟
- النظام الليبي السابق كان متشبثاً بالقومية العربية على نحو كان له أثراً سلبياً على الأمازيغ في ليبيا، فقد حارب كل ما هو متعلق بالهوية الليبية الأصلية وهي الأمازيغية وقام بالزج بأبناء الأمازيغ في السجون وقام بإعدام كثيرين منهم، كما منع التحدث باللغة الأمازيغية في جميع المحافل والإدارات الرسمية للدولة، وسخر لمحاربة الأمازيغية كل ما يملك، وقام بإنشاء جمعيات بقصد تعريب الأمازيغ، وقام بتهميش المدن الأمازيغية لكي يهرب سكانها إلى المدن ويتم تعريبهم ويتحدثون باللغة العربية.
*بعد أحداث ماعرف بـ "الربيع العربي" مجازاً، كيف تبدلت أحوال المجتمع الأمازيغي الليبي وهل أصبح للأمازيغ إدارة خاصة بهم في مناطقهم وماذا عن الهوية واللغة الأمازيغية؟
- الأمازيغ في ليبيا كان لهم دوراً في إنجاح ثورة 17 فبراير/شباط بشكل مباشر لإنهاء الظلم والطغيان، وساهموا بإنهاء تلك الحقبة من الزمن التي حاربت الأمازيغ بشكل مباشر، وبالتالي كان لهم دوراً إيجابياً ومباشراً في إسقاط النظام السابق، إلا أن القوانين التي وضعت لاحقاً أي بعد إسقاط نظام معمر القذافي همشت الأمازيغ بشكل واضح، رغم وجود بعض النصوص القانونية التي تعطي للأمازيغ الحق في التعلم بلغتهم داخل مناطقهم، لكن لا تزال الأمازيغية لغة مهمشة ويعاني الليبيون الأمازيغ من الإقصاء، ولا يزالون يعانون من تطبيق القوانين العنصرية القديمة وخاصة القانون 24 الذي يمنع التسمية بغير الأسماء العربية.
*ما التحديات والصعوبات الحالية أمام تمتع الشعب الأمازيغي في ليبيا بهويته وثقافته؟، وكيف ترون الحل في ليبيا في ظل الانقسام الحاصل وتعقد المشهد واستمرار التدخلات الخارجية وخاصة أنكم من قيادات الأمازيغية الليبية؟
- بالطبع أهم التحديات التي يواجهها الأمازيغ في ليبيا تعنت بعض الساسة وتمسكهم بمشروع القومية العربية، وهذا بالطبع مدعوم من أطراف خارجية تحارب الأمازيغية بشكل مباشر، وبعضها أطراف عربية وأخرى غربية، وهذا ما لمسناه طوال السنوات الماضية خاصة خلال سنوات المؤتمر الوطني (البرلمان السابق) حيث طالب الأمازيغ بتمثيل واضح في هيئة تأسيس الدستور وأيضاَ البرلمان، لكن عملت هذه الأطراف التي أشرت إليها على تهميش وإقصاء الأمازيغ. وفي ظل تعقد المشهد السياسي الحالي نطالب بضرورة توفير قوانين توافقية تذهب بنا إلى الانتخابات وأن يتشارك في كتابتها ووضعها كل مكونات الأمة الليبية بمن فيهم الأمازيغ.
*ما سقف طموحات ومطالب المجتمع والشعب الأمازيغي في ليبيا؟ هل هي اللا مركزية أم الفيدرالية أم الاستقلال؟
- نحن كأمازيغ مثلنا مثل باقي أبناء الأمة الليبية وكل الليبيين ندعم مشروع اللا مركزية الإدارية وهو أنجح مشروع لتنظيم الإدارات والتواصل الخدمي بالتحديد بين الوزارات الخدمية في العاصمة وباقي المدن الليبية.
*الشعب الكردي مثل الأمازيغي تعرض لمحاولات طمس هويته وثقافته ومحاولة تعريبه وتتريكه وتفريسه، كيف ترون أهمية العلاقات بين الشعبين الكردي والأمازيغي وكيف يمكن تطوير العلاقات في المجالات الفنية والثقافية والسياسية؟
- نحن نطمح إلى بناء علاقة جيدة وطيدة مع إخوتنا الكرد، ونتمنى أن تكون هناك مهرجانات ثقافية لتبادل الثقافات والتعريف بهويتنا وثقافتنا، وكذلك التعرف على هوية الشعب الكردي وثقافته. وأيضاً في المجال السياسي فإن الشعب الكردي له جولاته السابقة للأمازيغ في العمل السياسي ونتمنى أن نخوض تجارب مشتركة ونتبادل الخبرات حتى نستفيد من بعضنا البعض.