هل يدعو حديث كامالا هاريس عن غزة للتفاؤل؟ .. خبراء يجيبون وكالة فرات للأنباء
يرتبط الشرق الأوسط بشكل خاص بمجريات الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لا سيما في ظل العدوان الإسرائيلي على غزة، وحديث كامالا هاريس مؤخراً بشأن الوضع في فلسطين.
يرتبط الشرق الأوسط بشكل خاص بمجريات الانتخابات الرئاسية الأمريكية، لا سيما في ظل العدوان الإسرائيلي على غزة، وحديث كامالا هاريس مؤخراً بشأن الوضع في فلسطين.
قد يكون من المتعارف عليه أن قضايا السياسة الخارجية ليست بالتي تحسم السباق الانتخابي في الولايات المتحدة أمام الملفات الداخلية، إلا أن ما فعلته إسرائيل من جرائم في غزة على مدار 10 أشهر من العدوان خلف رأياً عاماً معارضاً بشدة لمواقف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن ودعمه المفتوح لإسرائيل، وقد فجرت مواقفه غضب الشباب وكثيراً من الأقليات قبل أن يعلن مؤخراً انسحابه من ماراثون البيت الأبيض الذي يحسم في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
ويبدو أن كامالا هاريس التي خلفت بايدن كانت تعي جيداً هذا الأمر، وتعي كذلك جيداً حاجتها إلى أصوات الشباب والأقليات إذا كانت تريد هزيمة خصمها الجمهوري القوي والعنيد دونالد ترامب، عندما تحدثت وأكدت أنها لن تصمت عما يجري في غزة من إبادة، في موقف إيجابي من الناحية النظرية، لكن هل الأمر هكذا؟ وهل بالفعل سنرى تغيراً في موقف الإدارة الأمريكية؟ كانت هذه تساؤلات تشغل كثيرين على مدار الأيام الماضية.
مجال للتفاؤل؟
يقول الدكتور ماهر صافي القيادي المحلل السياسي والكاتب الفلسطيني، في تصريحات عبر الهاتف لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الموقف الأمريكي بصفة عامة تجاه القضية الفلسطينية وعلى مر التاريخ غير واضح وغير ثابت، فالملف الفلسطيني كان له صولات وجولات، وقد رأينا كثيراً من القرارات لصالح القضية الفلسطينية وتضع إسرائيل في موقف محرج، لكن واشنطن دائماً تأخذ صف تل أبيب وتتعامل بفكرة الكيل بمكيالين.
وأضاف صافي أن ما جاء على لسان كامالا هاريس يعطي نوعاً من التفاؤل بأن هناك جديداً حتى لو كان بعيداً، فقدت تحدثت عن وقف الإبادة وإدخال المساعدات وإيجاد حل للقضية الفلسطينية، ولكن كل هذه الأحاديث ربما تأتي قبل الانتخابات حتى تكسب أكبر قدر ممكن من الأصوات وهي تعلم جيداً أن بايدن تعامل مع الملف الفلسطيني والعدوان على غزة بشكل غير محايد، ما أدى لخروج مظاهرات وانتقادات لبايدن بشأن سياسته تجاه العدوان على غزة والدعم الأمني والسياسي والعسكري لإسرائيل والمحاباة الواضحة للأخيرة.
وقال السياسي الفلسطيني إنه ربما يكون لهذه النائبة بعض الإيجابيات إن نجحت في الانتخابات الرئاسية، مع الأخذ في الاعتبار أن المنافس هو ترامب وربما يكون قريباً من الفوز ومن المعروف أن له "سيئاته" الكثيرة مع القضية الفلسطينية مثل الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها ودعم شرعية الاحتلال الإسرائيلي وكذلك اعترافه أن الجولان أرض إسرائيلية.
واعتبر صافي أن حديث كامالا هاريس يمكن أن يحلل كذلك باعتباره دعاية انتخابية سابقة لكل الأحداث، وربما تحدثت عن الإبادة وتأثرها لذلك، لكن علينا النظر عملياً إلى الأفعال التي ستترجم حديثها، مشيراً إلى أن حديثها عن عدم الصمت تجاه الإبادة في غزة ربما يكون مؤشر خير بالنسبة لإدارة أمريكية جديدة حال نجحت في الانتخابات، خصوصاً وأن الرؤساء الأمريكيين المتعاقبين لم يأتوا بخير للفلسطينيين باستثناء ربما بل كلينتون الذي كانت مواقفه أكثر إيجابية، ولكن إسرائيل دائماً لها اليد العليا في تحديد سياسية أي رئيس أمريكي.
وشغلت مواقف هاريس تجاه إسرائيل كثيراً من وسائل الإعلام الأمريكية، وعلى سبيل المثال تقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إن هاريس كانت متوافقة إلى حد كبير مع بايدن فيما يتعلق بدعم الولايات المتحدة لإسرائيل في حربها مع حماس في غزة، وأكدت موقف الإدارة بأن لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها، لكنها استخدمت نبرة أكثر حدة بشأن معاناة الناس في غزة.
الرأي العام الأمريكي
"واهم من يعتقد أن سياسة أمريكا تجاه فلسطين يمكن أن تتغير"، بتلك العبارة استهل الدكتور حامد فارس أستاذ العلاقات الدولية تعليقه على مستقبل السياسة الأمريكية تجاه الوضع في غزة حال تغيرت الإدارة، وقال في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF) إن سياسة واشنطن في هذا الملف ثابتة ولا تتغير سواء كان الحزب الديمقراطي أو الجمهوري، وبالتالي فإن تصريحات كامالا هاريس تأتي فقط في إطار جذب الداخل الأمريكي وخاصة فئة الشباب.
ولفت إلى أن آخر استطلاعات الرأي العام في الولايات المتحدة تكشف عن أن كامالا هاريس تحظى بدعم 60% من أصوات الشباب مقابل 40% لترامب، معرباً عن قناعته بأن الحزبين الجمهوري والديمقراطي ما هما إلا وجهين لعملة واحدة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، وربما إذا أتى ترامب ستزداد الخطورة على القضية الفلسطينية، مذكراً بقراراته بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وكذلك الدعم الأمريكي المستمر اللامحدود باتجاه تقوية إسرائيل لدى مختلف الإدارات الأمريكية، خاصة أنهم يرون إسرائيل قاعدة متقدمة لحماية المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط.
وبسؤاله عن مؤشرات التغير في الرأي العام الأمريكي، يقول الدكتور حامد فارس إنه إذا نظرنا بعمق شديد تجاه التغير في نظرة المجتمع الأمريكي تجاه الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية سنجد تغيرا كبيراً متزايداً باتجاه دعم القضية الفلسطينية، خاصة أن نظرة المظلومية التي كانت تستغلها إسرائيل بدأت تسقط، ولكن هذا على المستوى الشعبي وليس على مستوى السياسيين ومن قد يتولون المناصب القيادية خلال الفترة المقبلة في الولايات المتحدة.
وقال إن المجتمع الأمريكي اكتشف الوجه الحقيقي لإسرائيل بعد ما رأوه من جرائم ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وخاصة لدى فئة الشباب الأمريكي، وبالتالي فإن عجلة التغير في موقف الشارع الأمريكي تجاه إسرائيل أو تجاه القضية الفلسطينية قد بدأت في التحرك.
ولم تحضر هاريس خطاب نتانياهو أمام الكونجرس، يوم الأربعاء الماضي، لكنها نددت بالمحتجين الذين أحرقوا العلم الأمريكي ورسموا شعارات معادية لإسرائيل على تماثيل بالقرب من الكابيتول، وفق ما نقلت قناة الحرة الأمريكية، التي لفتت إلى أنها بعد اجتماعها مع نتانياهو، قالت هاريس أيضاً إنها التقت بعائلات الرهائن الإسرائيليين الذين احتجزتهم حماس، مؤكدة أنها تقف معهم.
وفي مارس/آذار دعت هاريس إلى "وقف إطلاق النار الفوري" في غزة وقالت إن الوضع في الجيب "كارثة إنسانية"، ولاحقاً في مقابلة أجريت معها، أكدت معارضة إدارة بايدن للغزو الإسرائيلي لرفح، المدينة الواقعة في جنوب غزة حيث فر أكثر من مليون شخص إليها، وقالت: "ليس هناك مكان يذهب إليه هؤلاء الأشخاص".