وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن إسرائيل أبلغت مصر أن عملية اجتياح رفح لن تتسبب في تدفق اللاجئين إليها، وهو الأمر الذي يرى مراقبون أنه نوع من المغالطة الإسرائيلية، إذ أن الموقف المصري لديه عديد من الأسباب التي تجعله يرفض عملية رفح، خاصة أنها تصب باتجاه التهجير القسري وتصفية القضية الفلسطينية، الأمر الذي تعتبره مصر خطاً أحمر.
وكانت الحكومةُ الإسرائيلية أعلنت أن جيشها قدّمَ خططاً لإجلاء النازحين من رفح التي يتحصن بها أكثر من مليون ونصف فلسطيني، وذلك بعد يوم من تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيمين نتنياهو ن أي اتفاق للتهدئة سيتمُ التوصلُ إليه مع حركة "حماس"، لن يؤدي إلا إلى تأخير الهجوم على رفح.
الأمر ليس كما تقول إسرائيل
في هذا السياق، يقول السفير رخا أحمد حسن مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه لو نظرنا على سبيل المثال إلى كلمة وزير الخارجية المصري سامح شكري أمام المستوى الرفيع لمجلس حقوق الإنسان التابع في الأمم المتحدة بجنيف، سنجد أن الأمر بالنسبة للقاهرة ليس مجرد مسألة لاجئين فلسطينيين يصلون الأراضي المصرية وإنما أكبر من ذلك.
وأضاف "حسن" أن مصر تؤكد رفضها التام للتهجير القسري ليس خوفاً من قدوم الفلسطينيين إلى مصر وإنما لأن التهجير القسري مخطط إسرائيلي يهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية، باتخاذ إجراءات الهدف منها "تطفيش الفلسطينيين" بالعنف، وسعي تل أبيب منذ التسعينيات للقضاء على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وبالتالي هناك رفض تام من قبل مصر وفلسطين والأردن للتهجير.
وواصل السفير رخا أحمد حسن حديثه عن الموقف المصري قائلاً إن الأمر ليس كذلك مسألة استقبال للفلسطينيين فقط، لأنه على سبيل المثال في عام 2008 دخل الفلسطينيون إلى سيناء ثم عادوا لاحقاً، لكن الأمر يختلف هذه المرة لأن الاحتلال الإسرائيلي لن يسمح بعودة من يخرجون، لأن تل أبيب تريد محاصرة قطاع غزة من جميع الاتجاهات وهذا هو الهدف الرئيسي من التخطيط لاجتياح رفح، وبالتالي يمكن كذلك فتح الباب للفلسطينيين للهجرة عن طريق البحر.
ويرى الدبلوماسي المصري السابق أنه من ضمن عقبات الصفقة الحالية أن الذين سيخرجون من السجون لا يعودون إلى قطاع غزة، قائلاً إن هذا يعود إلى رغبة الاحتلال في اغتيال هؤلاء كما فعلوا مع صالح العاروري، كما أن لديهم مخاوف من تكرار سيناريو يحيى السنوار الذي كان في سجون الاحتلال وأعادوه إلى غزة، وهو الذي خطط لهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
مخطط إعادة الاحتلال
بدوره، يؤكد الدكتور حسن عصفور وزير المفاوضات الفلسطيني السابق، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن ما يجري هو مخطط لإعادة احتلال رفح، لأن "نتنياهو" عندما قدم خطته لإجلاء المدنيين، فإن هذا يعني بالفعل أن هناك مخطط لاحتلال رفع، وهذه عملية مخططة وليست مجرد أمر شكلي.
وأضاف "عصفور" أن خطط "نتنياهو" كانت واضحة تماماً، مشيراً إلى أنه كتب مقالاً يشرح فيه هذه الأمر، إذ أن الاحتلال يريد السيطرة تماماً على غزة، والقيام بترتيبات أمنية معينة بعد اجتياح رفح، منها احتلال محور فيلادلفيا واحتلال معبر رفح، وبالتالي إعادة الوجود العسكري الإسرائيلي فيما يعرف بالمنطقة الأمنية العازلة في جميع شرق قطاع غزة.
ولفت وزير المفاوضات الفلسطيني السابق، في ختام تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إلى أنه من المحتمل أن تتضمن الخط الإسرائيلية بشأن رفح ترك لسان بحري يربط بينها وبين قبرص، للمساعدة على فتح ممر عبر البحر للهجرة، وهذا أمر مرتبط بملف التهجير، فإعادة احتلال غزة بالكامل أيضاً يعني فصله تماماً عن الضفة الغربية، وبالتالي هذا أمر له تأثيره على القضية الفلسطينية ككل.
وبينما يرى البعض أن الحديث الإسرائيلي عن اجتياح رفح أمر من قبيل الضغط على "حماس" لإنجاز صفقة دون اشتراطات قاسية على تل أبيب، لكن فريق آخر يرى أن "نتنياهو" عازم على اجتياح رفح إما آجلاً أو عاجلاً، وهو قد صرح بذلك حين أكد أن عدم دخول رفح عسكرياً يعني أن إسرائيل تفرط في الانتصار على "حماس".