"مصر لن تسكت".. ما تداعيات الهجوم الإسرائيلي المحتمل على رفح الفلسطينية؟

باتت عملية اجتياح رفح الفلسطينية من قِبل الجيش الإسرائيلي مسألة وقت، وهي الخطوة التي تُنذر بكارثة كبيرة لا سيما في ظل الترقب المصري لما قد يحدث في قطاع غزة، خصوصاً أن تلك العملية لها تداعيات كبيرة على أمنها القومي.

وتخطط إسرائيل لعملية عسكرية في رفح الواقع أقصى جنوب قطاع غزة وعلى الحدود الشمالية الشرقية لمصر، لكن الخطورة تكمن في أن هذه المنطقة الضيقة للغاية بها قرابة 1.5 مليون فلسطيني فروا من جحيم العدوان إلى هذه المنطقة الضيقة، وهؤلاء قد يضطرون إلى اقتحام الحدود المصرية نتيجة الضربات الإسرائيلية المحتملة.

ويشكل ذلك بكل تأكيد تهديداً كبيراً للأمن القومي المصري، لا سيما أن خروج هؤلاء الفلسطينيين يعني تحقيق مخطط التهجير الذي أرادته "تل أبيب" للسكان في غزة، وهو ما اعتبرته مصر منذ السابع من تشرين الأول المنصرم خطاً أحمر ومساساً بأمنها القومي خصوصاً وأنه يعني تصفية للقضية الفلسطينية.

مساس بالأمن القومي المصري

Open photo

في هذا السياق، يقول اللواء عادل العمدة المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن "مصر لديها مواقف ثابتة ليس في مسألة رفح فقط وإنما منذ بداية أحداث 7 تشرين الأول، ويتلخص في 6 عناصر هي وقف إطلاق النار وأنه لا حل إلا حل الدولتين واستمرار تدفق المساعدات ومحاسبة كل من تسبب في جرائم الحرب واضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته والرفض التام للتهجير".

وأضاف "العمدة" أن هذه المواقف يؤكد عليها الرئيس عبدالفتاح السيسي في مختلف اللقاءات، وبالتالي فإن موقف مصر واضح و"القاهرة" تتحرك بالتعاون مع المجتمع الدولي لإبطال هذه التحركات الإسرائيلية لاجتياح رفح الفلسطينية من الجنوب، وهذا أمر مرفوض تماماً و"القاهرة" ترفض تماماً لجوء "تل أبيب" لهذه المرحلة.

وشدد اللواء عادل العمدة على أن هذه العملية إن تمت فهي تشكل مساساً بالأمن القومي المصري، لا سيما أنها قد تتسبب في الضغط على الفلسطينيين للعبور إلى مصر، وهنا أذكر بما قاله الرئيس عبدالفتاح السيسي من قبل بأن الحدود المصرية خط أحمر "ومحدش يجرب مصر"، موضحاً أن هذا يجب أن يتم أخذه في الاعتبار عند التفكير في هذه العملية العسكرية.

ولفت إلى أن مصر لم تقم بأي تحرك عسكري ضد إسرائيل وذلك انطلاقاً من مبادئ وثوابت السياسة المصرية، ولكن لكل حادث حديث، قائلاً: "لن نسكت أبداً حال وقوع ذلك، ونمتلك قوات مسلحة قوية قادرة على اتخاذ ما يلزم لردع كل من تسول له نفسه المساس بالأمن القومي كمصريين، ولكن في نفس الوقت نحن نمتلك دبلوماسية نشطة ولديه جيش رشيد وقادرين على الرد في التوقيت الذي يناسبنا".

وكانت وسائل إعلام غربية زعمت أن مصر تقوم بتشييد منطقة عازلة على حدودها مع قطاع غزة بهدف استقبال الفلسطينيين حال تم دفعهم للفرار إلى الأراضي المصرية نتيجة العملية العسكرية الإسرائيلية، إلا أن "القاهرة" نفت اليوم تلك المزاعم التي كانت نشرتها تحديداً صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.

الهجوم على رفح أمر واقع

Open photo

بدوره، يقول الدكتور عبدالمُهدي مطاوع المحلل السياسي الفلسطيني، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن "الهجوم على رفح أصبح أمراً واقعاً سواء بالنسبة لحكومة بنيامين نتنياهو أو حتى للمعارضة الإسرائيلية، وأعضاء مجلس الحرب "غانتس وغالانت" لا يختلفون مع رئيس وزراء الاحتلال في تنفيذ هذا المخطط".

ولفت "مطاوع" إلى أن الإدارة الأمريكية أيضاً ليست ضد خطة اجتياح رفح الفلسطينية من الجنوب، وإنما كل تحفظها كان في مسألة أن تكون هناك خطة واضحة، وأن يكون هناك ممراً لنقل المدنيين، موضحاً أن الهجوم على رفح يعني إتمام صفقة تبادل محتجزين وأسرى وفق الشروط الإسرائيلية وكذلك الهدنة، والأمر الثاني فإن "تل أبيب" ترى أنه بدون السيطرة على رفح التي تصفها بـ"رئة حماس" ووضع آلية جديدة للمنطقة الحدودية يعني أن النصر لن يكون كاملاً لإسرائيل.

وأشار المحلل السياسي الفلسطيني كذلك إلى أن إسرائيل تريد اجتياح رفح كذلك لأن هناك كتائب عسكرية لا تزال قائمة وفاعلة وتفكيك الجناح العسكري يتطلب مهاجمة هذه الكتائب، ويتبقى فقط كتيبتان في دير البلح فور القضاء عليهما تكون إسرائيل سيطرت بالكامل على غزة، وحققت النصر الذي تريده.

تأثيرات كبيرة على مصر

وتحدث الدكتور عبدالمهدي مطاوع عما وصفه بـ"التأثيرات الكبيرة" لهذه العملية الإسرائيلية على مصر، التي من المحتمل أن يتم دفع فلسطينيين في منطقة عبر الحدودو معها، وستتفاقم الحالة الإنسانية في قطاع غزة بشكل كبير، وربما تكون الفوضى أكبر في القطاع بعد هذه العملية التي تعني أنه لن يكون هناك مكاناً إلا وقد تم اجتياحه من قِبل إسرائيل.

وأضاف أن العملية تعني مزيداً من الأوضاع والأعباء على المستوى الإنساني وسيكون على مصر في هذه الحالة عبء كبير لمحاولة ترتيب الوضع مرة أخرى في قطاع غزة، أي أن مصر تواجه تبعات عديدة ومتداخلة جراء الوضع في غزة بصفة عامة وجراء ما قد يحدث إثر هذه العملية العسكرية المخطط لها في رفح.