مراقبون مصريون عن رسالة أوجلان: طرح واقعي والكرة الآن في ملعب النظام التركي
أشاد مراقبون مصريون برسالة المفكر عبدالله أوجلان التي نقلها ابن شقيقه عمر أوجلان خلال أول زيارة له منذ 4 سنوات، حيث يضعه النظام التركي في عزلة تامة بجزيرة إمرالي.
أشاد مراقبون مصريون برسالة المفكر عبدالله أوجلان التي نقلها ابن شقيقه عمر أوجلان خلال أول زيارة له منذ 4 سنوات، حيث يضعه النظام التركي في عزلة تامة بجزيرة إمرالي.
وقد أتت تلك الزيارة بعد نحو 44 شهراً من حرمان النظام التركي الزيارات عن المفكر عبدالله أوجلان وفرض حالة عزلة تامة عليه بالمخالفة لكافة المعايير الدولية وحقوق الإنسان، لكن بقدر أهمية تلك الزيارة كانت الأهمية أيضاً للرسالة التي نقلها عضو البرلمان التركي عمر أوجلان على لسان عمه بتأكيد "استمرار العزلة"، وتأكيده في الوقت ذاته على "قدرته النظرية والعملية لتحويل الصراع والعنف إلى أرضية سياسية وقانونية".
وقد تلقف مراقبون مصريون ومهتمون بالشأن الكردي نبأ الزيارة بالترحيب، كما أشادوا بشدة برسالة المفكر عبدالله أوجلان، لا سيما وأنها في طياتها تحمل مبادرة سياسية من رجل يتسم بأنه صاحب أفكار قادرة على خلق التعايش السلمي والاستقرار، وقد شددوا كذلك على أن تلك الرسالة ألقت بالكرة في ملعب النظام التركي.
طرح واقعي
يقول الدكتور محمد رفعت الإمام أستاذ التاريخ الحديث بجامعة دمنهور المصرية إن أوجلان يحتل موقعاً محورياً في القضية الكردية وعموم الشرق الأوسط، ويعد مسؤولاً بشكل خاص عن استمرارية القضية الكردية، مشدداً على أنه حتي الآن يمثل عاملاً مهما في العلاقات الكردية التركية، اذ أنه مناضل وسياسي وصاحب مشروع فكري قادر على معالجة معضلات الشرق الأوسط.
وأضاف الإمام، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن أوجلان من العقليات الكاريزمية صانعة التاريخ، مؤكداً أنه لهذا فهو قادر علي توجيه وإعادة صياغة الواقع الكردي _ الكردي والكردي _ التركي والكردي _ الشرق أوسطي، معتبراً أن ما صرح به علي لسان ابن أخيه وعضو البرلمان التركي طرح واقعي يتسق مع دوره كمناضل سياسي.
وأكد أستاذ التاريخ أن الأهم أن رسالة أوجلان كذلك أنها تتسق مع دوره كمفكر صار من فلاسفة صياغة النظريات متكاملة الأركان للتحديات التي تواجه الكرد في محيطهم الإقليمي والدولي، مشدداً على أن خروج أوجلان من عزلته في إمرالي إن تمت فستكون إضافة تصب في صالح تركيا، حيث يمر الشرق الأوسط بمرحلة فارقة لن تكون فيها تركيا دولة وظيفية كما كانت للغرب.
وكانت المبادرة العربية لحرية القائد عبد الله أوجلان أعلنت في بيان رسمي عن دعمها لمخرجات تلك الزيارة والرسالة التي نقلت على لسان ابن شقيق أوجلان، داعية الدولة التركية إلى التفاعل بشكل إيجابي مع هذه الرسالة، وأن تمهد الطريق لتهيئة أرضية قانونية وسياسية تسهم في إنهاء العنف وتحقيق السلام.
كما شددت المبادرة العربية أن أوجلان يمتلك القدرة الفكرية والعملية لتحقيق هذا التحول، ومن الضروري أن تفتح الدولة التركية الباب أمام الحوار البناء، وأن تتخذ خطوات جدية لتفعيل الحلول السياسية المستندة إلى السلام والتوافق الديمقراطي، كما شددوا على أن الرسالة تبرز رؤيته العميقة بشأن ضرورة الانتقال من الصراع والعنف إلى الحلول القانونية والسياسية، خاصة في ظل التحديات العالمية الراهنة.
من جهته، يقول السفير شريف شاهين مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الرسالة إيجابية وتفهم على أنها مبادرة سياسية من المفكر عبدالله أوجلان، معتبراً أنه قد ألقى الكرة في ملعب النظام التركي الذي ننتظر كيف سيتفاعل مع هذه المبادرة السياسية.
لكن السفير شريف شاهين لم يبد تفاؤلاً إزاء موقف النظام التركي، إذ يرى أن المؤشرات المختلفة خلال الفترة الماضية تشير إلى أنه ماض في تصعيده ضد الكرد، سواء في الأراضي السورية أو الأراضي العراقية، إلا أنه في الوقت ذاته يرى أن حدوث تلك الزيارة ربما يشير إلى أن هناك أجواء مختلفة يجب الانتظار لمعرفة ما ستسفر عنه.
وكان مراد قره يلان القائد العام لمركز قوات الدفاع الشعبي صرح أن دولة الاحتلال التركي وبدعم محلي ودولي تستمر في عدائها ضد الكرد منذ 9 سنوات، وقال إنها لم تتمكن من تحقيق النتيجة المرجوة في هذه الحرب، مشيراً إلى ما قاله نظام الاحتلال التركي من أن هذا الصيف "سنكمل الدائرة" وسط إشارة إلى نهاية شهر أكتوبر/تشرين الأول، وتأكيده أن العملية ستنتهي قريباً في شمال وشرق سوريا وكأنه يتحدث عن قرب انتصار عدوانه.
الحاجة إلى توسيع الحملات الدولية
وحول الأبعاد القانونية لمخرجات هذه الزيارة، يقول المحامي المصري محمود الدسوقي، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن ما أعلنه مكتب القرن الحقوقي يمثل تطوراً مهماً، ليس باعتبار الزيارة مجرد حق من حقوقه وحقوق أسرته، ولكن باعتبارها تمثل أساس ممارسة كافة الحقوق، وهو الحق في الحياة، خاصة وأنها الزيارة الأولى منذ أكثر من أربع سنوات.
واعتبر أن الزيارة تأتي تتويجاً لجهود أسرة عبدالله أوجلان ومحاميه وكافة المدافعين عن حق المعتقلين في سجن إمرالي، والممنوعين من ممارسة حقوقهم الأساسية وخاصة مقابلة عائلاتهم ومحاميهم بالمخالفة للمواثيق والمعاهدات الدولية وبالمخالفة للقوانين التركية ذاتها.
وقال الدسوقي إنه إذا كانت الزيارة الأخيرة تكتسب أهمية من الاطمئنان على حياة أوجلان بالأساس، فينبغي الاستمرار في توسيع حملات الدعم الدولية من أجل تمتع أوجلان وغيره من المعتقلين بحقوقهم المقررة للسجناء في كافة دساتير العالم، خاصة وأن رسالة أوجلان تعد أمراً جديراً بالاهتمام في ظل ما تشهده المنطقة من حالات استقطاب دولية، وصراعات طائفية ومذهبية، وحروب بالوكالة، ما يمثل خطورة على الاستقرار السياسي والاجتماعي والاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط.
وكان مكتب القرن الحقوقي أكد أن هذه الزيارة لا ينبغي أن تبقى منفردة ومحدودة مثل سابقاتها، بل يجب ضمان استمراريتها، كما أنه بموجب الدستور والقانون والاتفاقيات الدولية يجب أن يتمكن عبدالله أوجلان ورفاقه من لقاء محاميهم وعوائلهم، وفق بيان رسمي.
وشدد المكتب على أن اللقاء المنتظم مع أوجلان سيمهد الطريق لحل المشاكل السياسية والاجتماعية في تركيا والمنطقة على أساس الحوار والسلام والتوافق الديمقراطي، مكرراً ضرورة وضع حد للانتهاكات المنهجية لحقوق الإنسان في إمرالي، وضمان الحق في لقاء المعتقلين مع المحامين والعائلة الذي لم يُسمح به منذ 7 أغسطس/آب 2019.