ماذا وراء قرار "الداخلية" الألمانية وقف استقدام الأئمة من تركيا؟

بدأت ألمانيا خطة التخلص التدريجي من استقدام الأئمة من تركيا بحسب بيان لوزارة الداخلية في برلين، على أن يكون البديل برنامج لتدريب الأئمة داخل البلاد.

وتعد مسألة استقدام الأئمة الأتراك إلى ألمانيا واحدة من أكثر القضايا الجدلية في البلاد، وسط اتهامات لبعض هؤلاء الأئمة بنشر أفكار متطرفة، بل إن هناك بعض المعارضين الأتراك يقولون إن بعضهم يعملون لصالح أجهزة الاستخبارات التركية ويقدمون من خلال وجودهم في المساجد والمراكز الإسلامية معلومات حول معارضي النظام التركي.

تفاصيل قرار وزارة الداخلية الألمانية

وسيتم تدريب 100 إمام سنوياً من مسلمي ألمانيا ليحلوا محل الأئمة القادمين من تركيا في إطار برنامج تدريبي، إذ قالت وزيرة الداخلية الألمانية نانسي فيزر إن بلادها بحاجة إلى دعاة يتحدثون لغة الألمان، ويعرفون البلاد ويدافعون عن قيمها، وأن يكون للأئمة دوراً في الحوار بين الأديان ومناقشة المسائل المتعلقة بالمعتقدات في المجتمع الألماني.

وقالت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية التي نقلت بيان وزارة الداخلية الألمانية إن برلين تسعى منذ سنوات إلى زيادة عدد الأئمة المتعلمين محلياً لتقليل تأثير الدول الأجنبية على مجتمعاتها المسلمة، مشيرة إلى أن هناك حوالي 5.5 مليون مسلمون من سكان ألمانيا البالغ عددهم 83.2 مليون، كما أن هناك حوالي 3 ملايين شخص في البلاد من الأتراك أو من ذي الأصول التركية.

ونظًراً لعدم وجود مدارس دينية إسلامية في ألمانيا، قامت التجمعات الإسلامية لسنوات باستقدام زعماء دينيين من الخارج، فيما يعتقد كثيرون الآن أن الأئمة الذين تم تدريبهم في برامج الفقه الإسلامي في ألمانيا سيكونون أكثر قدرة على تلبية احتياجات جيل الشباب من المسلمين الذين ينشأون في البلاد، ومن أجل التدريب سيتم طلب التعاون من الكلية الإسلامية بألمانيا، والتي تأسست من قبل جمعيات المجتمع الإسلامي وعلماء الدين والأكاديميين في عام 2019 لتوفير التدريب العملي والعقائدي للموظفين الدينيين والأئمة الناطقين باللغة الألمانية للمجتمعات المحلية.

دور مشبوه للأئمة في تركيا

Open photo

في هذا السياق، يقول أحمد سلطان الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن القضية بين تركيا وألمانيا تحديداً تتعدى الأمور المتعلقة بالشأن الديني إلى أبعاد سياسية، لا سيما أن هناك جالية من أصول تركية كبيرة في ألمانيا وهؤلاء يتبعون بشكل أساسي المنظمات الدينية التركية، والتي تشكل جيوباً للتأثير والنفوذ لصالح أنقرة.

وأضاف أن هذه المسألة معركة قديمة موجودة بين الجانبين فيما يتعلق باستقدام الأئمة ومدى التزامهم بالقيم الألمانية والتعايش وما إلى ذلك، فضلاً عن أن مسألة الأئمة تحولت إلى ورقة ضغط سياسي يتم استخدامها من حين لآخر كلما كانت هناك توترات ما بين أنقرة وبرلين، أو كانت هناك مساع لنشر أفكار معينة.

وقال الباحث في شؤون الحركات الإسلامية إن كل الدول الأوروبية سعت لمشروع تدريب أئمة محليين يلتزمون بالقيم العلمانية، وساعدتهم في ذلك بالمناسبة دول عربية وإسلامية، لكن هذه التجربة لا تزال غير ناجحة بشكل كبير، لأن الجاليات المسلمة في الدول الغربية لا تزال غير موحدة، وهناك عديد من المنظمات الإسلامية والمرجعيات.

أئمة تركيا يتوزعون على 900 مسجد في ألمانيا

وتقول صحيفة "تروكيش مينيت" التركية إنه قد تم إرسال الأئمة الأتراك للخدمة في أكثر من 900 مسجد في جميع أنحاء ألمانيا، ويبقى هؤلاء لمدة أربع أو خمس سنوات، ويتقاضون أجورهم من تركيا، ويتعرضون لانتقادات بسبب قلة معرفتهم باللغة أو الثقافة الألمانية أو عدم معرفتهم بها على الإطلاق.

وبدلا من أن تكون المؤسسات الدينية في تركيا صاحبة المسؤولية عن الأئمة، ستكون جمعية "ديتيب" المسجلة بموجب القانون الألماني هي صاحبة المسؤولية المباشرة عن تدريب الأئمة، وقد تأسست في عام 1984 في إطار مجابهة الحركات الإسلامية الأصولية التي كانت تحظى بشعبية متزايدة بين السكان الأتراك في ألمانيا.

لكن صحيفة "توركيش مينيت" التركية بدورها تقول إن جمعية "ديتيب" اتهمت بالعمل كذراع طويلة للحكومة التركية في أعقاب محاولة الانقلاب المزعومة عام 2016 ضد الرئيس رجب طيب أردوغان، ويُزعم أن بعض الأئمة تصرفوا بناء على أوامر من البعثات الدبلوماسية التركية للتجسس على أتباع حركة جولن، التي تحملها أنقرة مسؤولية الانقلاب الفاشل.