"أوجلان يجمع بين الزعامتين النضالية والفكرية ويجب أن يتحرر ليقوم بدوره الطليعي بفكره الديمقراطي"

تنشر وكالة فرات للأنباء (ANF) الجزء الثاني من لقائها الخاص مع المفكر والأديب والناشط الحقوق المغربي الأمازيغي البارز أحمد عصيد، والذي واصل الحديث عن أوجه التشابه والتقارب بين الشعبين الأمازيغي والكردي.

وفي هذا الجزء أكد "عصيد" أن الأمازيع والكرد يتشابهان في عديد من القواسم لا سيما أنهما شعبان أصليان في أراضيهما المقسمة بين عدة دول، كما أنهما شعبان مقاومان تواقون إلى الحرية، ورفض الوصاية.

 

كما أعرب السيد أحمد عصيد عن إعجابه الشديد بالقائد عبدالله أوجلان وأفكاره، مؤكداً أنه يجمع بين الزعامتين الفكرية والنضالية والتي لا تجتمعان معاً دائماً، معرباً عن أمنيته بأن ينال حريته ليقوم بدوره الطليعي بفكره الديمقراطي، كما كان الحال بالنسبة للزعيم الجنوب الأفريقي نيلسون مانديلا.

إلى نص اللقاء:

*كما هو الحال بالنسبة للشعب الأمازيغي، فقد تعرض الشعب الكردي لمساعٍ ممنهجة لطمس هويته لصالح فرض الهويات المسيطرة على الدولة القومية في الشرق الأوسط وفرض مشروعات التعريب والتتريك والتفريس، كيف ترون المشتركات بين الشعبين الكردي والأمازيغي؟ وفي ضوء مشروعكم الفكري، كيف يمكن الاستفادة من هذه المشتركات لتطوير نموذج للتواصل الإنساني بين الكرد والأمازيغ إنسانياً وأدبياً وفنياً؟ وفي ضوء خبرتكم الفكرية والنضالية، ما مقترحاتكم لتطوير خطاب نضالي كردي في ظل التطورات الراهنة بالشرق الأوسط؟

- بالنسبة للعلاقة بين الشعب الأمازيغي والشعب الكردي فسبق لي أن كتبت في هذا الموضوع وأوضحت نقاط الالتقاء والتشابه الكبير بين الشعبين، أول شيء هي أنهما معاً من الشعوب الأصلية في الجغرافيا والأرض والتي نبت فيها، وهذا التواجد على تراب يرتبط بالهوية جعل الإيديولوجيات المناوئة تبحث لهم عن أصل آخر بعيد، فيتحدثون من أين جاء البربر وهكذا كانوا يسموننا أو من أين جاء الكرد وهكذا ينبغي أن يكونوا جاؤوا من مكان آخر، وهذا الانزعاج الكبير من هذا الارتباط بين الكرد والأمازيغ والتراب والأرض التي أنجبتهم الجغرافيا من واحة سيوة في مصر وتشمل كل الطريق وكردستان الكبرى نمت على 4 دول معروفة وهم إيران والعراق وسوريا وتركيا، بالإضافة لتواجد الكرد في مناطق أخرى جانبية بسبب الاضطهاد من العالم، والخاصية الثانية التي تجمع بين الكرد والأمازيغ هي أنهم سكان جبال وأنهم تنقلوا بين السهول ولديهم ثقافة ارتبطت بالقدرة على الحياة في المناطق الوعرة الجبلية، ونجد أن في الوثائق القديمة يتحدث عن الشعبين معهم وسكنهم الجبال ووثائق تتحدث عن هذه الصفة وعن الأمازيغ أيضاً، وهناك خاصية ثالثة أنهم وصفوا معاً في البأس والقوة، وأنه عندما نقرأ نصوص قديمة نجد أن المؤرخين القدامي من اليونان أو المرحلة الإسلامية نفسها يتحدثوا عن الكرد والأمازيغ بنفس الأوصاف وأنهم شديدوا البأس والقوة وهذا يجعلنا نتحدث عن الخاصية الرابعة وهي المقاومة الشديدة ورفض الوصاية ورفض وصاية الأجنبي والكرد والأمازيغ معاً يحبان الحرية بل إن كلمة أمازيغ بالنسبة لنا هي كلمة الناس الأحرار وتعني الأحرار وموزغة تعني التحرر أو الحرية في اللغة الأمازيغية وهذه الخاصية الرابعة مهمة جداً لأنها مستمرة إلى اليوم، لأن الشعب الأمازيغي والشعب الكردي مقاومان على عدة مستويات منذ القدم إلى اليوم، ثم هناك مشكلة الانقسام على عدة دول، فبعد نشوء الدولة الوطنية الحديثة أي بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية تم تقسيم المنطقة إلى بلدان وطنية أو دول وطنية ونفس الشيئ شمال أفريقيا أيضاً وشمال أفريقيا كان يسمى عند المؤرخين المسلمين بلاد البربر وهكذا أو الغرب الإسلامي واليوم أصبح يسمى المغرب والجزائر وتونس وليبيا إلى غير ذلك ونفس الشيء في الشرق الأوسط، كما ظهرت الدول الوطنية بناء على قوميات الفرس والترك، وطبعاً نظراً لاتساع خريطة كردستان الكبرى وجد الكرد أنفسهم موزعين على كل هذه البلدان كما وجد الأمازيغ أنفسهم مقسمين على أنظمة مختلفة، فالمغرب ملكية والجزائر دولة عسكرية وتونس جمهورية وليبيا كانت عسكرية والآن لا يزال لم يتم بناء دولة بعد للأمازيغ ولا يوجد دستور ولا مؤسسات، أي أوضاع صعبة وهذه الأوضاع الصعبة تجعل الشعبين معاً يقاومان من أجل استعادة الاعتراف بوجودهم كهوية ولغة وثقافة وحضارة، كما أن هناك خاصيات خامسة وهي أن الشعبين معاً تعرضا لتزوير تاريخهما من قبل أطراف أخرى وكٌتب تاريخهم من خلال خصومهم أو أعدائهم بمعنى لم يكتبا تاريخهم بأيدهم بل كٌتب التاريخ نيابة عنهم، وأدى ذلك إلى أن أيدولوجيات أخرى تحاول تملك الإرث الرمزي لهاتين القوميتين، وأصبحت الشخصية الكردية عربية وأصبحت الشخصية الأمازيغية عربية والحضارة الأمازيغية تسمى الحضارة العربية في الأندلس والحضارة العربية في شمال أفريقيا وكل ما أنجزه الكرد كتب باسم غيرهم ونفس الشيء حدث للشعبين معاً وهذا طبعاً يقع للشعوب التي لم تكتب تاريخها بإيديولوجيتها الخاصة ورؤيتها الخاصة للعالم، لأن الكرد كان فيهم علماء كبار وكتاب كبار ولكنهم كتبوا في ظل أنظمة أخرى أو إيديولوجيات أخرى مثلما كتب الأمازيغ، كذلك نجد كٌتاباً أمازيغ كتبوا وأنجزوا وأنتجوا في ظل المنظومة العربية الإسلامية ويعتبروا أنهم عرب ولكن الحقيقة غير ذلك، لأنه عندما نتأمل في عناصر الثقافة والحضارة ونظل وراء هؤلاء نجد أن لهم خصوصية مميزة تطبعها الجغرافيا وتطبعها الخصوصيات الثقافية والحضارية في كل ثقافة.

ثم هناك خاصية سادسة وهي أن الشعبين معا تعرضا لهجوم إيديولوجي من إيديولوجيات سياسية أجنبية فهجمت القومية العربية في العراق على الكرد وهجمت القومية التركية على الكرد وهجمت القومية الفارسية في فارس وإيران على الكرد وهجمت القومية العربية خاصة في النصف الأخير من القرن الـ 20، وهذا جعل الأمازيغ والكرد يقاومان هذه الإيديولوجية الزاحفة التي كانت تريد أن أن تقوم بتغيير هويتهم وإعطائهم هوية أخرى قسرية بالرغم أو بالعنف، وهذه الإيديولوجيات كانت تحاول جعل الشعبين ينسلخا من هويتهم ويتنكران لهويتهم التاريخية والحضارية، وطبعاً فشلت هذه الإيديولوجية كلها لأن الشعبين معاً ظلا لديهما هذا الوعي بالذات ويستمران في مسار ارتجاع الاعتراب وهذه الخصائص المشتركة جعلت الشعبين يتعاطفا مع بعضهم منذ مدة والحركة الأمازيغية في المغرب والجزائر وتونس وليبيا تتضامن دائماً مع الشعب الكردي، فعندما تأسست المنظمة المغربية لحقوق الإنسان كان في مكتبها المؤسس الأستاذ محمد شرك عميد الثقافة الأمازيغية في المغرب والأب الروحي للفكرة الأمازيغية الحديثة وكان عضواً في هذه المنظمة، وحينما تمت محاولة إبادة الكرد في العراق باستعمال الغازات السامة أصدر مكتب المنظمة بياناً تنديدياً استنكارياً ضد هذه الجريمة التي اعتبرت جريمة ضد الإنسانية، لكن أعضاء مكتب المنظمة رفضوا لأنهم كانوا عرباً وكانوا معظمهم من حزب الاتحاد والترقي ولديهم هذه الإيديولوجية البعثية في العراق، وقدم استقالته على الفور من منظمة حقوق الإنسان وقال لهم في ذلك الوقت أنتم ضد حقوق الإنسان ولستم منظمة لحقوق الإنسان بشكل كوني والكرد من البشر وليسوا من الحشرات وإبادتهم بهذا الشكل تقتضي منا كمنظمة حقوقية أن نكون إنسانيين وأن نتخذ الموقف الصارم وأننا في منظمة ينبغي تغيير اسمها إلى اسم المنظمة المغربية لحقوق الإنسان العربي وليس لحقوق الانسان عامة مادمتم ليس لكم تضامن إنساني مع الكرد بل انتم تتضامنوا عرقياً وليس إنسانياً وانسحب من المنظمة، وهذا من بين الوقائع التي تشير للتضامن الكبير بين الأمازيغ والكرد وهناك بيانات كثيرة صدرت في هذا الصدد وهناك متابعة أيضاً حثيثة لما يجري في كردستان الكبرى واضطهاد الكرد في تركيا من قبل الحكومات التركية المتعاقبة والجيش التركي وكل هذا تتم متابعته باهتمام ودائماً نندد به ودائماً نتخذ الموقف لصالح الكرد المضطهدين، وهناك دعوات وجهت لي شخصياً من طرف كرد في العراق خاصة أربيل (هولير)، لكن الظروف لم تسمح ولحدود الآن أن أحضر تظاهرات كردية في العراق أو في أي منطقة أخرى وكذلك كان التنسيق مع بعض المثقفين الكرد، بل إننا قمنا بصياغة وثيقة لإنشاء منتدى أو ائتلاف أمازيغي كردي وهذه الأرضية قمت شخصياً بالمشاركة في صياغتها منذ سنوات وكنا نريد أن نطرحها في مؤتمر تحضر فيه 30 شخصية كردية من المغرب ونقيم مؤتمراً ونطور الفكرة الأرضية ونعمق النقاش المباشر ونخرج بها كميثاق أو كأرضية دولية للائتلاف والتحالف بين الأمازيغ والكرد في مؤتمر للسلام العالمي، الأحداث التي وقعت بعد ذلك والتي كانت فيها الحراك وكثير من التشنجات جعلت هذا الموضوع يتأجل، ولكن أعتقد ان الأرضية ما زالت موجودة والمشروع ما زال موجوداً في أذهاننا ويمكن التفكير في سبيل تحقيقه سواء داخل المغرب أو في أي بلد أوروبي أو في الشرق الأوسط حسب ما يتفق عليه الفاعلون الأمازيغ والكرد.

وعن الحركة الأمازيغية في المغرب فهي مهتمة جداً بهذا الموضوع وبدون شك يشاركوا في هذه الفاعلية ولدينا الكونجرس العالمي الأمازيغي وهو منظمة دولية للأمازيغ، كما أن للكرد أيضاً منظماتهم الدولية وهذا يساهم كثيراً على التلاقي والتفاهم والتنسيق فيما بيننا، ومن بين أهم أوراق التنسيق ليس فقط الموضوع السياسي والتحرر بل هناك أيضاً موضوع حضارة وثقافة والهوية واستعادة الرموز الثقافية الكردية والأمازيغية شيء عظيم وضروري، ولا بد أن تتضافر فيه الجهود بالخصوص من الناحية الإعلامية بمعنى أن ننشر عبر العالم أسماء الإعلام الكرد والأمازيغ الذين أنتجوا حضارات عظيمة وأن نعيد قراءة التاريخ من منظورونا والآن توجد لدينا نخب مكونة في مختلف العلوم الإنسانية وفي التاريخ والأرتولوجيا ولدينا أيضاً قدرة على استعادة القراءة بإجماع عن الوثيقة التاريخية وبشكل علمي ونفس الشيء عند الكرد وأعتقد أن هذا المشروع مهم جداً ولماذا لا أن نصل إلى إنجاز موسوعة أمازيغية كردية للتعريف بالحضارتين وبمقار الشعبين وأن هذا سيكون رائعاً.

وطبعا هناك فوارق أيضاً في الوضعية مثلا عند الأمازيغ لا يوجد أعمال مسلحة الآن والعمل المسلح عند الأمازيغ كان إلى حدود جيش التحرير سواء في المغرب أو في الجزائر أو ليبيا وكذلك تونس والمقاومة الأمازيغية المسلحة ضد المستعمر أو عند الاستقلال والأمازيغ وعاشوا عند الدولة الوطنية ومعترف بهم كعنصر بشري أنهم أمازيغ ولكن لا يعترف بلغتهم وبثقافتهم فتجد أنهم وزراء كبار وتجد أنهم مديرون بمختلف المؤسسات سواء في المغرب أو الجزائر أو تونس أو ليبيا أو تجدهم موظفين سامين على أعلى مستوى ومعترف بهم أنهم أمازيغ ولكن السياسات العمومية لا تعترف بلغتهم وبثقافتهم، إلى أن جاء الاعتراف التدريجي بعد مقاومة ثقافية وفكرية شديدة استمرت ما يقرب من نصف قرن، بينما الكرد في وضعية مخالفة وهناك مقاومة ثقافية ولكن هناك أيضاً قوى مسلحة تقاوم وهذا الفارق نتفهمه لأنه فارق في السياق التاريخي لكل شعب، والكرد لهم سياق تاريخي والأمازيغ لهم سياق مغاير وأعتقد أن موضوع الأقلية والأغلبية أيضاً يؤثر في أفريقيا لا نتحدث عن الأمازيغ، وقد جعلت هذه الإيديولوجيات المستوردة وضع الأقلية به تهميش في ثقافتها ولكنهم أغلبية، والأمازيغ الآن يستعيدوا حقوقهم بينما الكرد في حكم أن هذا الشعب العظيم موزع على دول وفي كل دولة يعتبررون أقلية ويعاملون معاملة أقلية، ولكن هنا ينبغي أن نشير لمسألة أساسية من الناحية الحقوقية وهي أن وضعية الأقليات هي وضعية حقوقية لأنه هناك حقوق كونية للأقليات، والدولة التي لا تحترمها تعتبر دولة طغيان وظلم كما هو حاصل في تركيا وفي العراق وفي إيران وأعتقد أنه في ظل الوضعية التي نتواجد فيها اليوم، فقد مرت عواصف كثيرة على الشعبين ومرت أحداث هائلة وتضررت أمور كثيرة ولكن التحرك لرأب الصدع ومحاولة إعادة البناء وتقوية كيان هوية للشعبين يسمح لنا بالتعاون فيما بيننا والتضامن كذلك من أجل إنجاز مهمات تاريخية.

*كما تعلمون فإن المفكر والزعيم الكردي عبد الله أوجلان لديه مشروع فكري كردي وإنساني يتجاوز مجلداته الخمسة التي تحمل مسمى "مانفيستو الحضارة الديمقراطية"، وهو قيد الاعتقال لدى السلطات التركية على إثر مؤامرة دولية قادتها الولايات المتحدة وإسرائيل في عام 1999، ولا تسمح السلطات التركية له بالتواصل مع أهله ومحاميه، ويسعون لكبح أفكاره، الآن وقد تشكلت حول العالم حملة عالمية للمطالبة بحريته، كيف تنظرون إلى مكانة القائد عبد الله أوجلان؟ وإلى أي مدى يمكن أن تسهم أفكاره في إيجاد حلول لمشكلات الشرق الأوسط؟ وما هي مقترحاتكم بشأن تطوير الخطاب النضالي للأفراد عن القائد عبد الله أوجلان؟

- شكراً على طرح هذا الموضوع ومنذ اعتقال الزعيم أوجلان ونحن نتابع قضيته ونعلم أنه شخص يجمع بين الزعامة النضالية في شعب والزعامة الفكرية أيضاً وهذا شيء لا يجتمع دائما، وعادة إما أن يكون الزعيم مسلحاً وسياسياً فقط أو يكون زعيماً فكرياً فقط وأوجلان تجتمع فيه الخاصيتين معاً وقوة شخصيته هذه المسلحة بالإرادة، إرادة النضال وإرادة الفكر وإنتاج الفكر الحي هي التي جعلته ربع قرن في السجن لم يتحطم أو يضعف، وينتج فكراً حضارياً وهذا الشيء عظيم جداً ولهذا أنا أساند الفكرة التي تقول وتضعه بجانب شخصيات أمثال نيلسون مانديلا، خاض مقاومة شديدة في السجن وكان يحمل على كاهله أعباء شعب بكامله ونفس الشيء الزعيم أوجلان ونعتبر أن استمرار اعتقال هو دليل على ضعف النظام التركي وغلبة العنجهية العسكرية علي،. تركيا عاشت لمدة طويلة في ظل استبداد عسكري وهذا الاستبداد العسكري أنتج عقلية متسلطة ضد الديمقراطية وعندما بدأ الانفراج الديمقراطي في تركيا بقيت هذه العنجهية العسكرية ضد الكرد رغم أن المناخ الديمقراطي بدأ يمتد بالتدريج نحو العديد من الدول ومنها تركيا بدليل صعود الإخوان للسلطة ولو ظلت الدولة التركية في سلطويتها العسكرية السابقة لما أمكن لـ"ردوغان" أن يكون الآن في السلطة وهذا دليل وجود انفراجة، ولكن هذا الانفراج لم يشمل الكرد وأول شيء ينبغي أن يشمله هو الإفراج عن الزعيم أوجلان، لماذا؟ لأنه رقم أساسي في معادلة السلم ومعادلة بناء الديمقراطية في تركيا، بمعنى أنه عوض أن يظل في المعتقل ينبغي أن يصبح الطرف المقاوم والطرف المحاور، لأن شخصيته ورصيده النضالي يجعلانه في ميزان قوى له هذا الدور، لكن للاسف العقلية العسكرية المتخلفة ما زالت لا تفهم هذا الرهان الحضاري وشخصياً لأول مرة أسمع بأن الزعيم أوجلان ألف مؤلفات مهمة وسأكون سعيداً أن أطلع عليها وأن أكتب حولها وأن أعرف بتضامينها لأن من بين ما يربط الأمازيغ بالكرد هو الوعي الديمقراطي وهذا الشيء مهم جداً ونجد كثيراً من الفاشستية عند الإسلاميين وكثيراً من الفاشستية عند القوميين العرب وكثيراً من الفاشستية عند بعض الإيرانيين المتوحشين، ولكن نجد الأمازيغ والكرد ينحنا دائماً هذا المنحنى الديموقراطي الذي يحتفي بالقيم العليا الإنسانية من تعظيم المرأة وإعطائها الموقع الذي تستحقه في الوقت الذي فيه الإيديوجية الإسلاموية ما زالت تحاول أن تترك أو تجعل المرأة تحت الوصاية وصاية الذهنية الذكورية المتخلفة وكذلك الحريات، والأمازيغ في شمال تركيا يحملون علم التحرر والحريات الفردية التي يرفضها الكثير من القوميين ويرفضها الإسلاميون، وكتب الزعيم أوجلان تعكس هذه الروح المتحررة وستعكس هذا الوعي الديمقراطي الهام الذي هو وعي للمستقبل، وهو بذلك يضع لبنات المستقبل والسلام ولمستقبل العيش الكريم بالنسبة للكرد الذين لم يكونوا عرباً أو اتراك الجبال ولم يكونوا أيضاً عرب العراق ولن يصبحوا أبداً عرب سوريا أو فرس إيران هم كرد وسيظلوا كتلة وسيساهموا من منطلق الهوية الكردية في بناء السلام العالمي وفي بناء الديمقراطية في الأوطان التي سيتواجدوا فيها وسيقدموا الدروس تلو الدروس في الوقت الذي تحيط به إيديولوجيات لا تعترف بالزمن ولا بالتاريخ وتحاول أن تتعاون مع الكارثة لأن الكائن البشري يتواجد في التاريخ ويعيش على الأرض والوعي الأمازيغي والوعي الكردي له هذه القدرة على معرفة الواقع من خلال هذا الحس التاريخي ولهذا نكون دائماً أبناء عصرنا وعندما ظهرت حقوق الإنسان انضممنا إلى حقوق الإنسان ولم نعتبرها غربية، كما يقول الإسلاميين أو كثير من القوميين ولكن اعتبرنا أنها حقوقنا وأننا ساهمنا فيها جميعاً كأمم وشعوب وليس الغرب هو الذي أنتجها، صحيح أنتجت في سياق عرف الـ 200 عام الأخيرة وفكر الأنوار الفرنسي والأوروبي، ولكن قبل أن تثار الفكرة كانت هناك أنوار كثيرة أشرقت على العالم من شعوب وأمم مختلفة ووصلت إلى منتهاها في الـ 200 عام الأخيرة ليظهر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ونحن نعتبر أن كل البشرية ساهمت في هذا الرصيد والشعب الكردي ساهم بتضحياته وبرموزه الكبرى وبعقلانيته والأمازيغ كذلك ساهموا، لذلك أتمنى أن يفرج عن الزعيم أوجلان ليلعب أدواراً طلائعية في المراحل القادمة بفكره الديمقراطي وأن يعطي مصداقية الاعتزاز بالكرد وأن يعطيهم الطمأنينة وهو الذي ضحى بجزء كبير من حياته ومساره من أجل الشعب الكردي وينبغي أن يحتسب في التاريخ وتحتسب هذه التضحية، ونيلسون مانديلا خرج ولعب دوراً سياسياً سواء في بلده جنوب أفريقيا أو في العالم كشخصية دولية، أتمنى أن يقع نفس الشيء بالنسبة لهذا الزعيم الكردي الكبير وسأكون سعيداً أن أطلع على كتاباته وأن أتأملها وأن أكتب حولها.

*هل هناك أي رسالة أخيرة تريد أن تصل من خلال وكالة فرات للأنباء والإعلام الكردي، لو كانت فنحن نسمعها؟

- آخر كلمة هي أن الحق لا يضيع أبداً والشعوب التي تناضل من أجل حقوقها ولا تعتدي على حقوق أي أحد سوى أنها تطالب بحقها في الشعوب هي شعوب ستصل في النهاية إلى مبتغاها وستحقق إرادتها على الأرض وإثبات وجودها، وأعتقد أن هذا سيؤدي بالضرورة إلى انتزاع الاعتراف وكل مقاومة وكل صمود يؤدي دائماً في النهاية إلى انتزاع الاعتراف من الآخر وأيضاً إحقاق الكرامة لأن أجمل وأسمى مفهوم ظهر في الأزمنة الحديثة هو هذا المفهوم أي الكرامة وكل شعب إنما يناضل من أجل كرامته، وأعتقد أن الشعبين معاً الأمازيغي والكردي سائران في الصمود والإصرار في هذا الطريق وقبل أن أختم ذكرنا الزعيم أوجلان وهناك زعيم آخر أمازيغي مدفون خارج وطنه وكان من الرموز العالمية في المقاومة وتٌدرس الآن خططته الحربية في المدارس العسكرية عبر العالم وهو الزعيم الأمير عبدالكريم الخطابي الذي هزم دولتين استعماريتين هما فرنسا وإسبانيا في معركة أنوال المجيدة، للأسف إلى حدود الآن رفات هذا الأمير والزعيم عبدالكريم الخطابي مازالت في مصر والأمازيغ يطالبون بنقل رفاته إلى مقره بالريف المغربي في شمال المغرب واعتبار أن هذه الاستعادة وإعادة رفات عبدالكريم الخطابي يعتبر بمثابة اعتراف بالتضحيات الكبيرة والمقاومة التي قام بها الأمازيغ ضد الاستعمار من أجل تحرير هذا الوطن، ونحن نعتبر أن بقاء جثمان عبدالكريم الخطابي في القاهرة وفي مصر إلى حدود الآن لا معنى له فموطن "الخطابي" في بلده وينبغي أن يكون له ضريح يليق بمقامه وينبغي أن يكون هناك متحف لكل ثورته العظيمة المعروفة في التاريخ ولكي يعرف المشاهدون قيمته، وأذكر أنه بعد سقوط الخلافة العثمانية سنة 1924 كان هناك مؤتمر للفقهاء والأئمة المسلمين اجتمعوا فيه وكانت هناك وثيقة تم تحضيرها يطالبوا فيها بمبايعة عبدالكريم الخطابي أميراً للمؤمنين وخليفة للمسلمين باعتبار أنه هزم دولتين استعماريتين في ذلك الوقت وهذه الوثيقة موجودة في الولايات المتحدة وتبين قيمة "الخطابي" وأن كل الفقهاء المسلمين أجمعوا على أنه ينبغي مبايعته كخليفة بعد سقوط الخلافة، لأن الفقهاء لا يتصوروا وجود المسلمين بدون الخلافة ووجدوا في عبد الكريم ضالتهم باعتبار أنه وقف ضد الاستعمار وقاوم مقاومة مجيدة واخترع ما يسمى بحرب العصابات وحرب العصابات المعروف الآن هو من اختراع عبد الكريم الخطابي، كما أنه بذكر الزعيم أوجلان وبذكر الزعيم الأمير عبد الكريم الخطابي نعطي نموذجين للمقاومة والتضحية الكبيرة من هذين الشعبين العظيمين، وأود أن تتحقق كل أحلامنا وأن تتواصل لقاءاتنا المباشرة مع إخواننا الكرد في مؤتمرات دولية تصدر عنها وثائق تاريخية مهمة مشتركة.