"هيومن رايتس ووتش" تفضح دور المخابرات التركية في خطف معارضي أردوغان

تتوالى الشهادات الدولية التي تندد بالأوضاع الحقوقية الصعبة في تركيا، والأكثر سوءاً أن تلك الشهادات توثق وقائع تكشف أن قمع نظام أردوغان يمتد حتى إلى خارج الحدود، في ظاهرة باتت واضحة للعيان.

أحدث تلك التقارير أوردتها منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير ذكر أن السلطات التركية واصلت ممارسة عمليات تنظيم الاختطاف وتسليم أفراد إلى تركيا لهم صلات مزعومة هذه المرة بحركة "جولن" والحركة الكردية التي تطالب بحقوق الشعب الكردي.

واعتمدت حملة الحكومة التركية في الغالب على عمليات الترحيل السري، حيث تقوم الحكومة وجهاز الاستخبارات التركية بإقناع الدول المعنية بتسليم الأفراد دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة، باستخدام أساليب مختلفة، وقد تعرض الضحايا لعدة انتهاكات لحقوق الإنسان بما في ذلك الاعتقال التعسفي ومداهمات المنازل والتعذيب وسوء المعاملة خلال هذه العمليات.

دور مشبوه لجهاز المخابرات التركية

ويكشف التقرير أن جهاز المخابرات التركي (MIT) يتعاون مع السلطات في البلدان ذات الأطر الضعيفة لسيادة القانون من أجل الإعادة القسرية للمعارضين، كما أن مسؤولين حكوميين صرحوا بوضوح أنهم يلاحقون المنتسبين للحركة والمعارضة الكردية في جميع أنحاء العالم، وعلى سبيل المثال في عام 2018، قال نائب رئيس الوزراء آنذاك، بكر بوزداغ، إن جهاز المخابرات التركي اختطف 80 مواطناً تركياً من 18 دولة.

وأكدت المخابرات التركية في تقريرها السنوي لعام 2022 أنها نفذت عمليات لإعادة قسرية لأكثر من 100 شخص لهم صلات مزعومة بحركة جولن وحزب العمال الكردستاني، حيث يستهدف طيب أردوغان المناضلين والنشطاء الكرد وأتباع حركة الخدمة تقريباً منذ ديسمبر/كانون الأول من عام 2013 مع كشف فضائح الفساد الكبرى التي طالت أردوغان وأسرته ووزرائه، إلا أنه اعتبر تلك التحقيقات مؤامرة ضده تقف خلفها الحركة.

وصنف أردوغان لاحقاً مع انقلاب عام 2016 المزعوم حركة الخدمة كـ "منظمة إرهابية" وبدأ في استهداف أعضائها، كما كثف حملة القمع على الحركة في أعقاب محاولة الانقلاب المزعومة التي وقعت عام 2016، والذي أتهم فيها أردوغان جولن بتدبيرها، فيما نفى الأخير أي صلة له بتلك المحاولة الانقلابية، بل اعتبرت حركة الخدمة أن محاولة الانقلاب المزعومة من تدير النظام التركي ليقوم بتصفية الحسابات مع معارضيه وإحكام قبضته أكثر على الجيش، وفي بعض الأحيان تقوم المخابرات التركية وبالتعاون مع حزب الديمقراطي الكردستاني بخطف بعض الأشخاص من جنوب كردستان وأحياناً قتلهم، إضافة إلى خطف بعض الخونة وإظهارهم على الشاشة على أنها "عمليات ناجحة للاستخبارات التركية" وذلك كله في حالة واضحة من التعدي والتجاوز على القانون الدولي والعلاقات الدولية وحقوق الإنسان.

نماذج حية على ممارسات النظام التركي

ورصد تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" عدة حوادث أُعيد فيها المعارضون قسراً إلى تركيا، حيث اختفى صلاح الدين جولن، ابن شقيق فتح الله دولن في مايو/أيار من عام 2021 أثناء سفره إلى كينيا للزواج من خطيبته، وهي مواطنة كينية، وعلى الرغم من كونه طالب لجوء مسجلاً في كينيا، فقد صدر بحقه أمر ترحيل من السلطات الكينية.

الغريب أن أمر الترحيل صدر بناء على نشرة حمراء للإنتربول من تركيا، والتي تلزمه بالحضور أسبوعياً إلى مقر مديرية التحقيقات الجنائية في نيروبي، وفي إحدى هذه الزيارات اختفى، وتم نشر صور له بعد عدة أسابيع وهو مكبل اليدين في العاصمة أنقرة.

وأشار التقرير إلى واقعة أخرى وهي اختطاف أورهان إيناندي، الذي اتهمته الحكومة التركية بصلاته بحركة جولن في عام 2019، وقد اختطف في قيرغيزستان بمشاركة السلطات التركية في مايو/أيار 2021، وبعد أسبوع واحد من اختفائه عاد إيناندي إلى الظهور مرة أخرى ولكن في حجز تابع للشرطة أيضاً في أنقرة.

وجدير بالذكر أنه في رسالة مشتركة في عام 2020، اتهم مقررو الأمم المتحدة الحكومة التركية بالانخراط في الممارسة المنهجية لعمليات الاختطاف خارج الحدود الإقليمية والإعادة القسرية برعاية الدولة، حيث تم تسليم ما لا يقل عن 100 مواطن تركي من دول متعددة إلى تركيا.

وفي العديد من هذه الحالات، خلص فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي إلى أن اعتقال المواطنين الأتراك واحتجازهم ونقلهم قسراً إلى تركيا كان تعسفياً وينتهك القواعد والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وهو أمر يشير إلى السجل السيء للنظام التركي في مجال حقوق الإنسان.