تدخل شهرها الثاني وتطالب بإسقاطه.. لماذا لم يستخدم بشار الأسد العنف ضد محتجي السويداء؟

على الرغم من شراسة الاحتجاجات التي تتواصل ضد حكومة الأسد في السويداء في سوريا، نتيجة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، إلا أن النظام لم يمل إلى العنف لقمعها كما فعل من قبل، إذ قالت بعض التقارير الغربية إن النظام وجه قواته بعدم الاحتكاك نهائياً بالمحتجين.

لا تزال الاحتجاجات في مدينة السويداء السورية تتواصل ضد حكومة الأسد، نتيجة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والتي ارتفعت الهتافات فيها مطالبة بإسقاط النظام على نحو أعاد إلى المنطقة والسوريين روح 2011، في الوقت الذي تقدم بعض الدول على إقامة علاقات مع "الأسد" في إطار ما عرف بإعادة تعويم النظام السوري.

واقع الدروز في سوريا

لا يتوفر وصف.

في هذا السياق، يقول الإعلامي السوري عبد الرحمن ربوع، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن عدم استخدام حكومة دمشق العنف مع المحتجين في السويداء بالفعل كان أمراً ملاحظاً رغم استمرارها لأكثر من شهر ورغم عدم افتقاد النظام للقوة والقسوة التي تعامل بها من قبل، ويعود ذلك إلى عدة أسباب يأتي في مقدمتها الغالبية الدرزية في هذه المدينة، والطائفة الدرزية متماسكة ومتلاحمة سواء في سوريا أو فلسطين أو في المهجر.

وأضاف أنه في ضوء ذلك يخشى النظام السوري غضب هذه الطائفة الذي سيكون ممتداً ليس فقط داخلياً، بل خارجياً لا سيما على المستوى الإعلامي الدولي في ظل امتلاك الدروز إعلاميين أكثر في الدول العربية وأمريكا اللاتينية وأوروبا وأمريكا، وبالتالي التعامل بالعنف يعني مزيداً من التشويه لسمعة النظام.

ولفت "ربوع" إلى أن أحد أهم الأسباب كذلك وراء عدم تعامل بشار الأسد مع الاحتجاجات بعنف أن الطائفة الدرزية محمية من الروس، وهناك اتفاق غير معلن بين الطائفة وروسيا وتوافق كبير سواء داخل سوريا أو خارجها، على سبيل المثال وليد جنبلاط في لبنان حليف قوي لموسكو، وبالتالي النظام يخشى استعمال العنف فيغضب الروس الذين يدعمونه والذين بسببهم استطاع أن ينتصر على الأرض ويغير دفة الأوضاع لصالحه، وبالتالي حكومة دمشق لا تجرؤ على التعامل بقسوة مع الدروز؛ نتيجة الحماية الروسية.

ولفت "ربوع" إلى أن السبب الثالث يرتبط بتكوين الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة دمشق، إذ أن هذه الأجهزة تحتوي على أعداد كبيرة من الدروز، وإذا تعاملت بعض القطاعات الأمنية مع أهالي السويداء بقسوة غالباً ستحدث انشقاقات في بنية الأنظمة الأمنية السورية وخلل يهدد وحدتها وتماسكها، وهذا أمر يهدد النظام نفسه، وبالتالي ليس أمامه إلا التصرف بلا مبالاة وبسلبية؛ حنى يتجنب الأسوأ.

وفي ختام تصريحاته يقول "ربوع" أن سبباً رئيسياً أيضاً لعدم استخدام العنف أن السويداء ليست بالأهمية الاستراتيجية بالنسبة لسوريا مثل غيرها من المدن كإدلب وحماة ودير الزور، فهي منطقة جبلية ريفية، وبالتالي الأفضل للنظام أن يركز مع مدينة مثل دير الزور التي من خلالها يمكنه الوصول إلى منابع النفط ومناطق الفرات بدلاً من السويداء.

وكانت تقارير ذكرت أن السفير الروسي في إسرائيل أناتولي فيكتوروف قد زار الزعيم الروحي لطائفة الدروز في فلسطين الشيخ موفق طريف، وهي الزيارة التي أثارت كثيراً من التكهنات حول ما إذا كان الهدف منها لعب دور من قبل موسكو عبر وساطة يقوم بها الزعيم الدرزي لتهدئة الأجواء في السويداء.

مزاعم النظام بحماية الأقليات

لا يتوفر وصف.

بدوره، يقول الكاتب السياسي السوري فراس يونس، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه لطالما أشاع النظام في العقد الأخير خلال الحرب العبثية في وعلى سوريا أنه حامي الأقليات، لتنفجر السويداء بأغلبية سكانها الساحقة في وجه النظام على أرضية الأزمات المعيشية والاقتصادية الخانقة وانسداد أي أفق سياسي من شأنه الخروج من عنق الزجاجة، مما استدعى التريث من قبله والاكتفاء بمراقبة ما يجري في السويداء.

وأوضح أن ما يقال عن محاولات اختراق الحراك الشعبي وإرسال وفود وبعثات دبلوماسية روسية لمقابلة وجهاء البلد من الزعامات الروحية يندرج في محاولة لاستيعاب الانفجار الشعبي وتفكيكه دون أن يخطو خطوة واحدة نحو الحل السياسي واتخاذ إجراءات اقتصادية تحد من سطوة أمراء الحرب وأجهزة القهر الأمنية.

وقال "يونس" إن النظام موغل في السياسة الأمنية وعاجز عن صياغة حل سياسي جدي عنوانه الأساسي الانفتاح على الشعب وسماع معاناته والدعوة إلى مؤتمر وطني تنتج مخرجاته حلاً سياسياً مناسباً يكون موضع توافق عربي ودولي من شأنه دعم إعادة الإعمار وتخفيف العقوبات.

وشدد الكاتب السوري على أن السلطة تراهن على تعب الناس وانفضاضهم، وتراهن على تفسخ من شأنه الانقضاض في اللحظة المناسبة، لافتاً إلى أنه توجد سكاكين كثيرة تحاول استثمار الحدث وتوظيفه وتقطيع جزء عزيز من سوريا، رغم إرادة المحتجين الذين يعتبرون ثورتهم اليوم باسم كل السوريين وتأكيد انتمائهم الوطني لسوريا واحدة موحدة.

ويستعد أهالي السويداء للخروج بمظاهرات حاشدة اليوم الجمعة في إطار الاحتجاجات التي بدأت شهرها الثاني، ويؤكد المحتجون أنهم سيواصلون حراكهم السلمي حتى إحداث تغيير سياسي يفضي إلى تنحي بشار الأسد وإسقاط حكمه، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية المتردية لا سيما بعد قرار رفع الدعم عن الوقود، وكذلك العمل على تعزيز مفهوم اللامركزية في إدارة شؤون البلاد.