"فرصة لا تفوت".. كيف تستفيد روسيا من حرب غزة في أوكرانيا؟

منذ تصاعد الأوضاع في غزة بدايات الشهر قبل الماضي، كان ملاحظاً بشكل كبير تكثيف روسيا هجماتها على أوكرانيا، وكأن الحرب الإسرائيلية على القطاع جاءت لتمنح موسكو فرصة ذهبية يجب ألا تفوتها.

وعلى سبيل المقال، فقد قال مسؤولون أوكرانيون إن القوات الروسية كثفت هجماتها، على بلدة أفدييفكا المدمرة، فيما يواصل الجيش الروسي تقدمه البطيء في شرق أوكرانيا، مشيرين كذلك إلى زيادة كبيرة في القصف المدفعي من الجانب الروسي، وقد تكون هذه الهجمات مرشحة للتصاعد في حال تحسنت أوضاع الطقس.

كمون يضرب الحالة الأوكرانية

No description available.

في هذا السياق، يقول الدكتور نبيل رشوان الخبير في الشأن الروسي، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن روسيا تحاول أولاً الاستفادة من حالة الكمون التي أصبحت أوكرانيا تعيشها، نتيجة انشغال العالم بالأوضاع في قطاع غزة، وفي الوقت نفسه الجدل الكبير المثار بشأن استمرار المساعدات الأمريكية إلى "كييف"، والتي وصلت إلى حد وقوع خلافات كبيرة بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري.

وأضاف "رشوان" أنه في الوقت ذاته أصبحت "واشنطن" بكامل طاقتها موجهة لدعم إسرائيل، لدرجة أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينيسكي دعا الولايات المتحدة إلى أن تعامل أوكرانيا مثل إسرائيل تساوياً وأن توفر لها الحماية والدعم، لكن الأخير متراجع حاليا، وهذا في مصلحة الجانب الروسي.

ولفت خبير الشأن الروسي إلى أمر آخر، وهو أننا نستطيع القول إن موسكو تحاول استثمار حالة انسحاب البساط الإعلامي من أمام أوكرانيا لصالح الأوضاع في غزة، وهذا انعكس على طبيعة الهجمات التي تنفذها وشراستها وتمكنها من السيطرة على بعض القرى، فضلاً عن العودة لمناطق كبيرة مثل خاركيف والتي كان سبق وانسحبت منها.

وشهدت الأيام الماضية تعطل تشريع من شأنه توفير مساعدات أمنية لأوكرانيا وإسرائيل في مجلس الشيوخ الأمريكي، إذ طالب الجمهوريون بإجراءات أكثر صرامة للسيطرة على الهجرة على الحدود الأمريكية مع المكسيك بدلاً من ذلك. ومع استمرار التصويت، بلغت النتيجة 41 صوتاً مقابل 43، ما يعني أن الإجراء لم يتمكن من الحصول على موافقة 60 صوتاً، وهو أمر لازم في المجلس المؤلف من 100 عضو لتمهيد الطريق لبدء مناقشة مشروع القانون.

فرصة وتستغلها روسيا

No description available.

بدوره، يقول طارق البرديسي الخبير في العلاقات الدولية، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن أبسط قواعد علم السياسة أنها فن الممكن واستغلال أقل الفرص والمتاح، وأتصور أن هذا الأمر ينطبق على حالة روسيا فيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي الغاشم على قطاع غزة، فالعالم في الوقت الحالي منشغل مع تطورات الأوضاع هناك، وموسكو في المقابل تستغل هذه الفرص لتوسيع دائرة عملياتها ضد أوكرانيا، مستغلة انشغال العالم كما قلت فيما يحدث بقطاع غزة.

ويرى "البرديسي" أن من مصلحة روسيا أن تتفجر الأوضاع في أكثر من بقعة، بحيث لا تتوجه الأنظار إلى أوكرانيا كما كان قبل الحرب في غزة، إنما الآن تناسى العالم ما يحدث في أوكرانيا وليبيا والسودان وكل الانتباه الآن موجه لفلسطين، ومن مصلحة موسكو دائماً أن يكون العالم منشغلاً في أكثر من بؤرة حول العالم، فتنشغل واشنطن أكثر وأكثر معها حلفائها من الدول الغربية المعادية لروسيا.

والجدير بالذكر أن كثير من المراقبين يجمعون أن الاستفادة الروسية لا تتوقف فقط عن مسألة تكثيف الهجمات على أوكرانيا، بل إن هناك ما هو أبعد من ذلك، حيث يرون أن موسكو تستفيد من حالة الامتعاض في الشرق الأوسط ضد الإدارة الأمريكية لتعزيز ساحة نفوذها بالشراكة بالتأكيد مع الصين، في ظل التحولات التي تشهدها المنطقة ضمن ما يعرف بـ"الإقليمية الجديدة".