ضرب اقتصاد وحروب جيل رابع.. خبراء يكشفون الجوانب الخفية لضربات تركيا على شمال سوريا
رغم أن نظام أردوغان يدعي أن هجماته تطال مجموعات إرهابية في شمال وشرق سوريا، إلا أنه من الملاحظ تركيزه بشكل كبير على المصانع والأهداف الاقتصادية.
رغم أن نظام أردوغان يدعي أن هجماته تطال مجموعات إرهابية في شمال وشرق سوريا، إلا أنه من الملاحظ تركيزه بشكل كبير على المصانع والأهداف الاقتصادية.
قبل أيام من نهاية عام 2023 شن الاحتلال التركي هجمات على عدد من المراكز التجارية والمصانع لا سيما تلك المتخصصة في إنتاج المواد الغذائية والمواد الزراعية، أي أن الضربات تطال أهدافاً مدنية ذات طبيعة اقتصادية رغم مخالفة ذلك لكافة الأعراف والقوانين الدولية، ما يعني وفق مراقبين أن نظام أردوغان لديه أهداف استراتيجية من تلك الضربات الهدف منها إفشال الإدارة الذاتية اقتصادياً.
ملامح مخطط أردوغان
في هذا السياق، يقول الدكتور طه علي الباحث والمحلل السياسي، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه قد لاحظ بشكل كبير أن النظام التركي بدأ يركز في ضرباته على المنشآت الاقتصادية في مناطق شمال وشرق سوريا، كمصانع المواد الغذائية والمواد الزراعية وغيرها من المراكز التجارية.
وأوضح "علي" أن هذا البعد الغرض منه ضرب اقتصاد مناطق شمال وشرق سوريا، وبالتالي يبدأ الأمر يأخذ أبعاداً اجتماعية، لأنه في هذه الحالة ستسوء الأوضاع الاقتصادية وتحدث اضطرابات، ومن ثم إفشال الإدارة الذاتية وعدم قدرتها على تلبية احتياجات المواطنين المعيشية في مناطقها، مؤكداً أن هذا هو الهدف الحقيقي الذي يركز عليه نظام أردوغان.
ويضيف الباحث والمحلل السياسي المصري أن مسألة استهداف الاقتصاد تأتي في إطار حروب الجيل الرابع، وأن ما يقوم به النظام التركي يذكر بما كانت تقوم به جماعة الإخوان الإرهابية عام 2013 و2014 عندما كانوا يستهدفون اقتصاد الدولة فعلى سبيل المثال كانوا يضربون محولات الكهرباء القريبة من المصانع بغرض تعطيل العمل بها، وبالتالي العمل على إفشال النظام الذي يدير البلاد بعد ثورة 30 يونيو وإثارة غضب الناس.
واعتبر الدكتور طه علي أن الرئيس التركي يقوم بالأمر ذاته في مناطق شمال وشرق سوريا وكما كان يفعل الإخوان في مصر، فهو يريد إفشال الإدارة الذاتية وإسقاط تجربتها من خلال ضرب المنشئات ذات الطبيعة الاقتصادية ضمن حروب الجيل الرابع، وهذا سيؤدي إلى تصاعد الغضب الشعبي نتيجة سوء الأوضاع الاقتصادية، وبالتالي فرض الضغوط على الإدارة الذاتية.
وأكد "علي"، في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن التركيز على البعد الاقتصادي الهدف منه إسقاط الإدارة الذاتية، معتبراً أن الأخير هو الهدف الأسمى لدى النظام التركي، وذلك من خلال هذه الضربات التي من شأنها تعظيم الفقر والبطالة، ومن ثم خلق الاضطرابات المجتمعية التي تفرض مزيداً من الضغوط وتصب في نهاية المطاف نحو إفشال هذه التجربة الديمقراطية الناجحة والملهمة، معتبراً أن هذا التوجه لدى أردوغان قد أصبح بعداً خطيراً في مسار التحركات التركية ضد الكرد.
وفي مؤشر على استمرار نجاح تجربة الإدارة الذاتية، كان قد صدر مؤخراً العقد الاجتماعي الذي صيغ على مدار نحو عامين بمشاركة جميع العرقيات والأديان والقوميات في مناطق شمال وشرق سوريا كدستور قام على مجموعة من المبادئ التي يأتي في مقدمتها المساواة والعدالة ودعم وجود المرأة والتأكيد على وحدة الأراضي السورية.
الضربات لها علاقة بإصدار العقد الاجتماعي
بدوره، يقول هاني الجمل الباحث في الشؤون الإقليمية والدولية إن الضربات الاقتصادية على مناطق شمال وشرق سوريا لها أبعاد اقتصادية واضحة، والتركيز على المصانع ومنشآت البنى التحتية هدفه واضح وهو إفشال الإدارة الذاتية وضرب تجربتها لا سيما بعد أن أصدرت العقد الاجتماعي الذي جاء كوثيقة ديمقراطية ملهمة تعبر عن أفكار القائد عبد الله أوجلان في كثير من جوانبها.
وأضاف "الجمل"، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن البعد الاقتصادي الآخر يتمثل في أطماع الرئيس التركي في الثروات بمناطق شمال وشرق سوريا، لا سيما النفط، مشيراً إلى أن "أنقرة" ترى أنه يجب تقاسم إدارة حقول النفط مع أمريكا في هذه المناطق وأنها ستواصل ضرباتها لهذا الغرض، منتقداً حالة الصمت الدولي الكبيرة تجاه الاعتداءات التركية.
وضربات ديسمبر/كانون الأول هي الثانية من نوعها خلال آخر 3 أشهر، إذ كانت الأولى مطلع أكتوبر/تشرين الأول وركزت كذلك على أهداف مدنية كما أزهقت أرواح الأبرياء، وهو نفس ما يفعله الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة والذي ينتقده النظام التركي ليلاً ونهاراً.