شنت قوات الاحتلال التركي ضربات جديدة على عدة مناطق في شمال وشرق سوريا قبل أيام، أدت إلى استشهاد وإصابة العشرات بينهم أطفال ونساء، لكن الأخطر في الضربات أنها طالت عدداً من الحواجز والمقرات الأمنية، بالتزامن مع هجمات أخرى للميليشيات الموالية لتركيا.
وقد أكدت القيادة العامة لقوى الأمن الداخلي في شمال وشرق سوريا أن هذا الاستهداف ما هو إلا محاولة واضحة لبث الفوضى في عموم هذه المناطق، وأن الاستهدافات للحواجز الأمنية ما هو إلا محاولة لفتح الطريق أمام الخلايا النائمة الإرهابية والمجموعات الإجرامية لتتحرك بسهولة وتنشر الفوضى في هذه الأيام من أعياد الميلاد ورأس السنة الميلادية.
إنعاش تنظيم "داعش"
في هذا السياق، يقول ماهر فرغلي الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن هذه الضربات يكون لها تأثيراً مباشراً إذا طالت المراكز الأمنية وأماكن السجون لا سيما تلك التي يتواجد بها عناصر تنظيم داعش، وإذا كانت هذه الضربات ستسبب خللاً أمنياً، فإن هذا سيؤثر أيضاً على وجود التنظيم وإن كان بشكل غير مباشر.
وأضاف أن تنظيم "داعش" مع التوتر وعدم وجود الأمن يمكن أن يتواجد وينشط مرة أخرى، وأعتقد أن تركيا غير مهتمة بشكل كبير إزاء خطورة عودة التنظيم، بل إن أنقرة ترى أن وجود داعش في تلك المناطق وسيطرته عليها أفضل بالنسبة لها من الكرد، مشيراً إلى أن تركيا بالأساس تريد وجود التنظيم في تلك المناطق، وكانت تمرر الدواعش عبر أراضيها إلى الأراضي السورية وكان ذلك لسنوات طويلة.
وقد انتقدت كثير من التقارير الصحفية الغربية تلك الضربات، لا سيما أن الغرض منها إلحاق الضرر بقوات سوريا الديمقراطية "قسد" التي واجهت تنظيم "داعش" واستطاعت هزيمته بدعم من التحالف الدولي نهاية عام 2019، وقد دعت بعض الأصوات داخل الولايات المتحدة على سبيل المثال بضرورة اتخاذ ردة فعل لوقف تلك الهجمات لما قد تتسبب فيه من نشاط للجماعات الإرهابية.
الكرد أصحاب الدور الكبير في مواجهة الإرهاب
من جهته، قال طارق البرديسي الخبير في العلاقات الدولية، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن تاُثير الضربات التركية على شمال وشرق سوريا سلبي وكبير فيما يتعلق بجهود مكافحة الإرهاب، وتنعش نشاط الجماعات الإرهابية، وتركيا تستغل انشغال العالم بما يحدث في غزة وهذه الأحداث لتوجيه مثل هذه الضربات وتواصل استهداف الكرد، مع أن من تستهدفهم كان لهم الدور الكبير في هزيمة الجهاديين.
وأضاف أن هذه الضربات تشكل فرصة لعودة تلك التنظيمات مرة أخرى إلى هذه المناطق من شمال سوريا، وعندما تستهدف المواقع الأمنية فإنها بطبيعة الحال مقصودة، فهذه المراكز منوط بها حفظ الاستقرار ونشر الأمن وردع كل نشاط جهادي أو إرهابي، وبالتالي إمكانية عودة الجماعات الإرهابية والمتطرفة بنشاط مرة أخرى.
وعن الموقف الأمريكي من تداعيات تلك الضربات فيما يتعلق بإمكانية عودة تنظيم "داعش"، يقول "البرديسي" إن الولايات المتحدة لا تحارب ولا تجابه الإرهاب، وإنما تستخدمه وسيلة أو مطية لتحقيق مصالح، وغير جادين لمواجهة الإرهاب، فهم من يخلقونه ثم يواجهونه ثم يتركونه ثم يواجهونه وهكذا، وبالتالي مسألة الإرهاب دمى أو قطع شطرنج يستغلونها فقط، لكن من يحاربون الإرهاب فعلياً هم السكان المحليين في تلك المناطق.