تحولت مباراة كرة قدم إلى أزمة سياسية بين السعودية وتركيا، على أثر منع السلطات السعودية صور أتاتورك على قمصان لاعبي فريقي غلطة سراي وفنربهجة التركيين كما تمنع رفع لافتات وملصقات في الملعب عن أتاتورك في مباراة كأس السوبر في السعودية بين الناديين التركيين، ونتج عن ذلك أن الفريقان انسحبا من المباراة بالتزامن مع ردود فعل تركية وللناديين بوضع منشورات لصور اتاتورك، والمباراة كان تأتي بسبب مئة عام على تأسيس ما تسمى "دولة تركيا الحديثة".
وفي هذا الصدد، كشف فهد الشليمي، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، والمحلل السياسي الكويتي، أن "السعودية اجرائها سليم ويتوافق مع القوانين المحلية المرعية في البلاد، لأن قانون السعودية لا يسمح برفع أي رايات أخرى أو أي شعارات أو اي لافتات، فما بالك وجود شخصية سياسية مثيرة للجدل في الأراضي السعودية، لذلك أنه قرار حكيم من السعودية".
وأكد الشليمي في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء، أن "السعودية سبق لها أن انسحبت من مباراة أمام إيران بسبب رفع صورة قاسم سليماني، وقام الاتحاد الدولي بتغريم إيران لإدخال السياسة في الرياضة، وأعتقد أن هذا إجراء صحيح".
واضاف المحلل السياسي الكويتي، أن الاتراك إذا كان لديهم أي اعتراضات يجب أن يراعوا القوانين المحلية للسعودية، كما يجب على اي زائر لتركيا مراعاة القوانين التركية من الصرافة والعملة والالتزام.
واوضح أن "إثارة هذه القضية هي نوع من البروباجاندا لصرف النظر عن الدور التركي المشين والمتخاذل في غزة".
بينما رأى نايف الزاحم، الكاتب والإعلامي السعودي، أنه "لا يحتاج موضوع رفع صور اتاتورك الى سؤال في داخل السعودية البلد العربي".
وفي تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء، تساءل "الزاحم" انه "لو حصل هذا الموضوع في مصر أو اي بلد آخر هل كان سيسمح به؟".
بينما كشف محمد ابو سبحة، الباحث في الشؤون التركية، أن الأزمة الكروية المندلعة إثر إلغاء السوبر التركي في الرياض، تسببت بتوتر العلاقات مجدداً بين تركيا والمملكة العربية السعودية، في وقت لا تتحمل فيه أنقرة تبعات وقوع أزمة مع دولة خليجية كبرى.
وأكد أبو سبحة في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء، أنه حتى الآن الموقف الرسمي التركي حذر، ويلقي الرئيس التركي والحكومة باللوم على الاتحاد التركي لكرة القدم ويبدو أنه هو من سيدفع الفاتورة في النهاية".
واضاف الباحث في الشؤون التركية، أنه من جهة أخرى المعارضة تشن هجوماً شرساً على المملكة وتحمل الاتحاد التركي لكره القدم والحكومة المسؤولية.
وأرجع أبو سبحة الأزمة إلى رفع مشجعي فريق غلطة سراي وفنربخشة صور كمال أتاتورك في ملعب بارك بجانب إصرار لاعبي الفريقين على ارتداء قمصان عليها صور أتاتورك خلال تمارين الإحماء، وكانت الاجراءات تشمل أيضاً عزف ليس النشيد الوطني لتركيا ولكن نشيد الاستقلال.
وأوضح الباحث في الشؤون التركية، أن هذا كله بتخطيط من الاتحاد التركي لكره القدم الذي أراد أن يحتفل بذكرى مئوية تأسيس تركيا في السعودية، وقال في بيان مشترك أصدره مع نادي فنربخشة ونادي غلطه سراي بعد أن قدموا فيه الشكر للدولة المضيفة على الجهود المبذولة لتنظيم مباراة السوبر التركي، إن سبب الاحتفال في السعودية كان الهدف منه تعزيز قيمة العلامة التجارية للأندية التركية.
وأردف ابو سبحة، أنه حالياً الداخل التركي مشتعل وهناك شعور بالانكسار خصوصا لدى القوميين الأتراك، الذين يقدسون ويعظمون أتاتورك بشكل كبير، مشيراً إلى أن عدد من السياسيين الأتراك في المعارضة أصدروا بيانات تهاجم السعودية وتطالب بالثأر مما حدث وتمجد اللاعبين الذين رفضوا اللعب، وقرر عمدة بلدية في إسطنبول تغيير اسم الشارع الذي توجد فيه القنصلية التركية إلى فخر الدين باشا آخر أمراء الدولة العثمانية على المدينة المنورة، كما أعلن عمدة أنقرة رفع صور أتاتورك بشارع السفارة السعودية.
وأشار الباحث في الشؤون التركية، أن الرئيس أردوغان في موقف لا يحسد عليه، إذ يخشى من قطيعة العلاقات مجدداً مع السعودية بعد الأزمة التي حدثت عقب قضية خاشقجي والتي تبعها تأثر الاستثمارات التركية في المملكة وتوقف حركة السياحة إلى تركيا ومقاطعة البضائع التركية، كما أن المملكة دعمت تركيا قبل أشهر بوديعة ضخمة تبلغ ٥ مليارات دولار.
ويرى ابو سبحة، أن الحكومة التركية التي تعاني أزمة اقتصادية بالغة ستبذل ما في وسعها لمنع التصعيد وسينتهي الأمر بقرار إقالة رئيس الاتحاد التركي لكرة القدم.
وتطرق الباحث في الشؤون التركية للموقف السعودي مبيناً أن تعامل المملكة العربية السعودية دائما ثابت وحاسم في مثل هذه القضايا وهي ترفض دائما تحويل أي حدث سواء كان ديني أو رياضي أو سياحي إلى قصايا سياسية.
ولفت أبو سبحة، أنه رغم ان هناك من هاجم المملكة العربية السعودية والاتحاد التركي لكرة القدم إلا أن بعض الأطراف السياسية قالت إنه من حق السعودية أن تفرض قوانينها وتُحترم سيادتها، وعلى الضيوف الأجانب أن يلتزموا بهذه القوانين وهذه القرارات.
كما بين الباحث في الشؤون التركية، أن المباريات التركية في كثير من الأحيان تحمل رسائل ومواقف سياسية مبطنه ويصر على هذه المواقف حتى بعض اللاعبين الأتراك في أندية أجنبية، واعتقد أن المباراة الأخيرة كان فيها رسالة من التيار العلماني للتأكيد على علمانية تركيا في ذكرى مئوية تأسيس الدولة التي يحكمها حالياً التيار المحافظ بقيادة أردوغان.