بعد توسع العملية العسكرية.. ما تداعيات الحصار على لبنان برياً وجوياً وبحرياً؟

تتزايد حصيلة الهجوم الإسرائيلي الموسع على لبنان مع حصار الجنوب اللبناني جواً وبحراً وبراً في سيناريو مشابه لما قامت به تل أبيب تجاه قطاع غزة.

أعلنت إسرائيل بدء عملية برية محدودة داخل الأراضي اللبنانية في 23 أيلول الماضي، والتي تزامنت مع ملامح حصار عسكري إسرائيلي واسع للبنان، مع دفع الجيش الإسرائيلي بأربع فرق عسكرية للمشاركة في العملية.

ملامح الحصار العسكري

ويتضح شكل الحصار البري في استهداف الاحتلال عدد من المعابر الحدودية بين لبنان وسوريا، بعد قصف أكثر من 8 غارات على المعابر الحدودية، بالقرب من معبر المصنع وهو النقطة الرئيسية بين لبنان وسوريا، والمعابر بين مدينة الهرمل ومدينة حمص، تحديداً في البقاع الشمالي، بحجة قطع الإمدادات بين سوريا وحزب الله.

كما فرض الجيش الإسرائيلي حصاراً بحرياً، بعد أن طالب اللبنانيين بالابتعاد عن الساحل جنوب نهر الأولي، مع حركة كثيفة للبوارج الحربية الإسرائيلية على سواحل لبنان.

بينما أجبرت الضربات الجوية المتواصلة على مدن وقرى الجنوب اللبناني والضاحية الجنوبية لبيروت على فرض حصار جوي مع التهديدات لإدارة مطار رفيق الحريري الدولي لمنع هبوط طائرات على أرضية المطار.

يقول العميد أركان حرب أندرية بو مشعر، الطيار المتقاعد بالجيش اللبناني في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الحصار المفروض على لبنان هو حصار عسكري أكثر منه حصار سياسي واقتصادي، لأن الولايات المتحدة الأمريكية تريد أن تظل المؤسسات اللبنانية تؤدي دورها في اليوم التالي للحرب، ولكن الحصار جوي، وبحري، خاصة بعد وصول البوارج الأمريكية إلى الشاطئ الغربي للبنان.

وأضاف، أنه من أحد أسباب وجود تلك البوارج هو الدعم البحري للقوات الإسرائيلية التي تحاول التقدم في القطاع الغربي من الحدود، وهو قطاع ضيق، وجبلي وعر، ولا تمتلك فيه إسرائيل حرية الحركة التي تمتلكها في القطاعين الأوسط والشرقي.

وتوقع بو مشعر، أننا قد نرى دعم بحري للقوات الإسرائيلية المتقدمة من هذا القطاع، أو عمليات إبرار بحري قد يشهدها هذا القطاع.

وأشار العقيد اللبناني المتقاعد، أن هذا الحصار العسكري لا يقتصر على الجنوب اللبناني، وهو ما رأيناه في قصف الطريق الواصل إلى معبر المصنع الرابط بين لبنان وسوريا.

الحصار في بعده السياسي

ويتحدث البعض عن الجانب السياسي لعملية الحصار الحالية وإمكانية تحوله إلى حصار اقتصادي وإنساني، والذي يتضح في قصف معبر المصنع الحدودي وهو الشريان الرئيسي بين بيروت ودمشق، وحاصر مطار بيروت الدولي أمنياً عبر استهداف محيطه، وتهديد سلامة الطيران المدني لإجبار السلطات اللبنانية على إغلاقه بنفسها.

ويقول علي مراد الأستاذ المساعد في القانون العام في كلية الحقوق والعلوم السياسية في جامعة بيروت العربية في تصريح خاص لوكالة فرات (ANF)، إن الحصار لم يتأكد ولكن احتمالات الحصار البحري والجوي قائمة ولا يمكن توقع إلا أن يكون هناك احتمالات أن يتم هذا الأمر ولكن يبدو حتى هذه اللحظة المطار اللبناني سيظل الأجواء مفتوحة وحتى بالبحر هناك وجود عسكري بحري معادي في مقابل المياه الإقليمية اللبنانية وحتى هذه اللحظة مازالت البواخر تستطيع الدخول والخروج من المرافق اللبنانية.

وأضاف، أنه في ظل المسار الحالي، لا شيء يمنع أن نشهد حصارا بحرياً وبرياً، إضافة إلى الحصار الجوي، كما سبق وأن جرى في حرب عام ٢٠٠٦.

وأشار مراد إلى أن حدوث الحصار الجوي تحديدا تصعيد كبير وترك المجتمع الدولي وتحديداً أمريكا وأوروبا للبنان أكثر ما هو متروك اليوم لصالح العدوان الإسرائيلي فهذا يعني أن البلد سيكون مكشوفاً، مبيناً أن هناك مستوى آخر من عزلة لبنان سيصل إلى حده الأقصى سنجد حتماً اتجاه لإجلاء المواطنين الأجانب من لبنان.

أشباح الاجتياح وأوامر الإخلاء

لم تكتفي إسرائيل بعملياتها العسكرية في لبنان، حيث تتحدث إذاعة الجيش الإسرائيلي عن مصدر قوله إن الجيش ألقى أكثر من 3500 قنبلة وصاروخ الأسبوع الماضي على لبنان لإضعاف حزب الله، وأرسلت إنذارا لسكان مناطق أخرى بالإخلاء، والتي بدأت بعد يوم من اغتياله الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله.

وتقول اورنيلا سكر الصحافية اللبنانية المتخصصة في العلاقات الدولية والدراسات الاستشرافية ومديرة موقع أجيال القرن الـ 21 في تصريح خاص لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الوضع في لبنان سيئ على مستوى الإنساني والاجتماعي والدولي من خلال عدم مراعاة الوضع الداخلي والتوازنات الخارجية التي إذ لم تحسم سوف نعود إلى المربع الأول من العنف والإقصاء والعزلة.

وأضافت، أن لبنان أمام أربعة سيناريوهات محتملة، وهي الاجتياح، إلغاء الاجتياح، نفوذ الايراني، التسوية وتطبيق القرارات الدولية، ولكن زيارة وزير خارجية ايران عقد المشهد بشكل أنه وجه رسالة مباشرة مفادها أن لبنان ليس بحاجة إلى وكيل أو واجهة سياسية واعلامية من قبل القيادات التي تم اغتيالها وإنما ايران تعتبر لبنان ولاية تابعة للنفوذ الإيراني وحريصة على التأثير في اي قرار مناط بالتطورات وشروط المفاوضات مع الغرب والمجتمع الدولي بشأن موازين الصراع وشروط وقف إطلاق النار وهذا يعقد المشهد الداخلي الامر الذي قد ينتج عنه تداعيات معقدة و اصطفافات  طائفية صعبة تعود بلبنان إلى المربع الأول.

وأشارت اورنيلا سكر، إلى أن هناك مسؤولية كبيرة على الحكومة اللبنانية من أجل تسريع تطبيق القرارات الدولية وفق شروط الحل الجذري لوضعية السلاح في الداخل، وانتخاب رئيس للجمهورية القوية وليس التوافقية لأن أي توافق سوف نعود إلى المربع الأول أي مرحلة ما قبل السيد نصر الله.

ولفتت الصحافية اللبنانية المتخصصة في العلاقات الدولية والدراسات الاستشرافية ومديرة موقع أجيال القرن الـ 21، النازحين هو أنهم صفقة مربحة لنتنياهو قد يتفادى من خلالها الدخول في حرب برية الأمر الذي يحرص من خلاله على التغيير المنهجي الديمغرافي والجغرافي وبخاصة أن أسهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ارتفعت أسهمه في العدوان على لبنان بالمقارنة بالاعتداء على فلسطين وبخاصة بعد اغتيال قادة إيران وحزب الله واضعاف القيادة والواجهات الايرانية وفق ما عرف بجبهة الإسناد الامر.

وأردفت أورنيلا سكر في ختام تصريحاتها لوكالة فرات للأنباء، أنه سوف ينعكس على المفاوضات حول شروط وقف إطلاق النار والتي سوف يفرضها إسرائيل في الجبهة الشمالية على حساب الجنوب والحاضنة الشيعية بقبول شروط نتنياهو مقابل وقف إطلاق النار وازمة النازحين  بين لبنان وسوريا وفق تقسيمات جغرافية وسكانية جديدة تضمن أمن واستقرار إسرائيل للسنوات القادمة على حساب المصلحة اللبنانية وبخاصة أن الحكومة اللبنانية ليست بمستوى الحدث والتحديات القادمة ومغيبة عن الساحة الدولية والإقليمية وغير معنية وفق مبدأ الحياد فضلا إلى أن نهج الحكومة لا يرتقي إلى مستوى الحدث والموقف الوطني.