بعد طلب أمريكي.. هل تتوسط الصين إلى إيران لوقف هجمات الحوثيين؟

مع مواصلة ميليشيات الحوثيين اليمنية الموالية لإيران هجماتها على السفن المارة في البحر الأحمر، تحدثت وسائل إعلام أمريكية عن أن واشنطن طلبت من الصين أن تلعب دوراً في وقف تلك الهجمات.

ورغم الضربات الأمريكية – البريطانية التي تطال مواقع الحوثيين، إلا أنها لم توقف هجماتهم التي تطال السفن التجارية التي تقول إنها ذات صلة بإسرائيل، على نحو تكبدت الملاحة الدولية في هذه المنطقة خسائر كبيرة، ودفع كثير من الشركات إلى الابتعاد عن مضيق باب المندب أو البحر الأحمر وسلوك طريق رأس الرجاء الصالح، بما لذلك من تكلفة مالية وكذلك زمنية.

وسبق أن لعبت الصين دوراً مهماً عبر رعاية اتفاق تطبيع العلاقات بين السعودية وإيران قبل أشهر، ويبدو أن واشنطن تريد أن تستثمر هذا الأمر أو تستنسخه من أجل وساطة أو حديث صيني مع الجانب الإيراني الذي يدعم بكل قوة ميليشيات الحوثيين، لكن ربما الجانب الصيني في حسبانه تدخلات أمريكا غير المقبولة لديها في منطقة تايوان ودعمها لنظام مناوئ لبكين.

حسابات الصين تجاه ممارسات الحوثيين

No description available.

في هذا السياق، يقول حسين إسماعيل الخبير في الشؤون الآسيوية، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إنه في حقيقة الأمر ليست هناك علاقة مباشرة بين الصين وجماعة الحوثيين، وقد طلبت الولايات المتحدة الأمريكية بالفعل مساعدة الصين في هذا الملف، لكن التأثير الصيني يمكن أن يأتي عن طريق إيران.

وأوضح أن بكين لديها علاقات متميزة مع طهران ووثيقة، وقد لعبت دوراً مهماً كما معروف في المصالحة بين المملكة العربية السعودية وإيران واستعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وبالتالي يمكن الصين من خلال علاقاتها مع الجانب الإيراني إقناعه بالتحدث مع جماعة الحوثيين باعتبار أن تلك القضية تهدد بإشعال منطقة البحر الأحمر، كما أن الصين كدولة تجارية كبيرة ستتأثر بالاضطرابات في تلك المنطقة.

ويرى "إسماعيل" أنه يمكن النظر كذلك إلى هذا الطلب الأمريكي في إطار دبلوماسية الصين القائمة على التهدئة وعدم إثارة النزاعات، ولكن في نفس الوقت بكين وكما أعلنت في أكثر من مرة لا توافق على الإجراءات التي تقوم بها الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية في كيفية معالجة هذه القضية.

وأوضح أن الجانب الصيني يرى ضرورة أن تكون هناك مقاربة أخرى بل وأوسع للتوصل إلى التهدئة وتسوية هذه القضية، من خلال أطر أخرى غير أطر المواجهة العسكرية، مشيراً إلى أن طهران في المقابل تضع مصالحها الاستراتيجية في المقام الأول، ولديها مصالح متشعبة في الحقيقة، ولهذا يمكن أن تستمع إلى الصين، إلا أن الحجة الإيرانية دائماً أن الحوثيين يتصرفون من أنفسهم وليس هناك دفعاً إيرانياً في هذا الاتجاه.

ويرى الخبير في الشؤون الآسيوية أن الإيرانيين ربما يذهبون إلى أبعد من ذلك ويطلبون من الصينيين التحدث مباشرة إلى الحوثيين، معرباً عن اعتقاده بأن هذه خطوة لن تحدث، لأنه في هذه الحالة سيكون الوضع لا يعني إلا أن بكين لديها علاقة مع تلك الجماعة غير الشرعية وغير المعترف بها دولياً.

وكانت صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية قالت بشكل صريح إن الولايات المتحدة طلبت من الصين حث إيران على كبح جماح الحوثيين الذين يواصلون مهاجمتهم للسفن التجارية، إلا أنها لم تتلق أي رد يذكر من بكين، في وقت اعتبرت الميليشيات أن هذا الطلب الأمريكي يعبر عن فشل الضربات العسكرية التي توجه إليهم.

إغراءات أمريكا

No description available.

بدوره، يقول هاني سليمان المدير التنفيذي للمركز العربي للبحوث والدراسات، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن طلب أمريكا من الصين التوسط لدى إيران، في المقام الأول يعني قدراً من تحسن العلاقات بين واشنطن وبكين، أو ربما إدراك أمريكي لتوظيف الصين لدور جديد قامت بها مسبقاً من خلال الوساطة بين السعودية وإيران.

واعتبر "سليمان" أن طلب الوساطة هذه المرة مختلف عن أي وقت آخر، وذلك على اعتبار أنه من الصحيح أن الصين تربطها علاقات قوية بالإيرانيين، لكن في رأيي فإنها ستنقل وجهة النظر الأمريكية إلى طهران بدون ممارسة أية ضغوط كاملة مثلما فعلت في مسألة التسوية بين إيران والسعودية، وهذا مفهوم كون التهدئة بين طهران والرياض تخدم المصالح الصينية لكنه غير مفهوم على صعيد ما يمكن أن تحققه في إطار العلاقات الصينية الأمريكية.

وأشار الخبير في الشأن الإيراني إلى أن الوساطة الصينية إذا أتت في إطار إغراءات من الجانب الأمريكي بخصوص تايوان وكذلك النزاعات التجارية بين البلدين، فإن بكين يمكنها هنا أن تمارس نوعاً من الضغوط على الجانب الإيراني، فضلاً عن ذلك يجب الأخذ في الاعتبار أنه لا توجد مغريات كبيرة للإيرانيين للتوجه نحو وقف الهجمات التي تقوم بها جماعة الحوثيين، مؤكداً أن الأمر يرتبط بما هو المقابل حتى تقوم الصين بالوساطة وحتى تقوم طهران بمطالبة الحوثيين بوقف الهجمات.