تتواصل أصوات القصف المتبادل بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين إيران، بعد أن تحولت كل من سوريا والعراق لساحة قتال مفتوح بين القوتين يتبادلان فيها القصف عبر الصواريخ والطائرات والطائرات المسيرة، ولكن وصل الصراع إلى الذروة بعد القصف الإيراني لقاعدة البرج ٢٢ الأمريكية في الأردن والتي شنت أمريكا بعدها سلسلة ضربات انتقامية قاسية استهدفت عشرات الأهداف للميليشيات الإيرانية في سوريا والعراق، مما يثير الجدل حول تأثير تلك الضربات بالداخل الإيراني.
كشف مهدي عقبائي، عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، أن سلوك النظام الإيراني العدواني على المستوى المحلي والدولي ليس جديد، لأنه منذ عام 1979، يرعى النظام الإرهاب العالمي عبر أدواتها مثل الحرس وفيلق القدس ووزارة المخابرات، وتنظم الهجمات والاغتيالات ودعم الإرهاب عبر هياكلها العسكرية والاستخباراتية.
وأكد عقبائي في تصريح خاص لوكالة فرات، أن النظام الإيراني قام بتطوير الصواريخ الباليستية، والتي قام بإطلاق عدد منها منذ عام 2010، في انتهاك للقرار 1929 ويستمر في تحدي القرار 2231، مشيرا إلى أن طهران قدمت تلك التكنولوجيا إلى وكلائها، بما في ذلك نقل الصواريخ الباليستية للميليشيات الشيعية في العراق، غير المساعدة في إنتاج الصواريخ التابعة لحزب الله وتطوير أنظمة التوجيه الدقيقة.
وأضاف عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، أن طهران باتت تشكل تهديدا كبيرا للأمن البحري العالمي، من الخليج إلى البحر الأحمر، بداية من تهديد المسؤولون الإيرانيون، بما في ذلك قادة رفيعي المستوى في الحرس الإيراني، علناً بإغلاق مضيق هرمز الحيوي، وهو ممر رئيسي لـ 20% من النفط العالمي، إلى مساعدة ميليشيات الحوثيين اليمنية وتقديم الأسلحة والمستشارين من أجل شن هجمات في البحر الأحمر.
وأوضح عقبائي، أنه يجب على الغرب استخدام سياسة أكثر دقة وشمولية في التعامل مع تهديد النظام الإيراني مما يتطلب تغييراً استراتيجياً يتجاوز الاحتواء التقليدي، وذلك لأن الطبيعة الدورية لسلوك طهران ترجع إلى نقاط ضعفه داخليا.
بينما كشف ضياء قدور، الضابط المنشق عن الجيش السوري والكاتب والباحث في الشأن الإيراني، أنه على الرغم من أن بعض التحليلات وصفت الضربات الأمريكية الأخيرة ضد مواقع حرس الملالي في العراق وسوريا بأنها تحول نوعي في الصراع في المنطقة، إلا أن هذه التوترات لم تغادر قواعد الاشتباك المعهودة في المنطقة، وكما شاهدنا استمرت العمليات العدوانية للميليشيات المدعومة إيرانياً في المنطقة.
وأكد قدور في تصريح خاص لوكالة فرات، أنه يمكن وصف ردود الأفعال الأمريكية الحالية على مقتل جنود لها في قاعدة أمريكية في الأردن بأنها رد ضعيف يتلقاه نظام الملالي على أنه ضوء أخضر للاستمرار بسياسة العدوان في المنطقة، لطالما استخدمت مثل هذه التوترات الإقليمية من قبل نظام الملالي لتعزيز مكانته الإقليمية والداخلية، وبريد رسائل مع الدول الأخرى، حيث يمكن القول أن الرد الضعيف من قبل بايدن لها تأثيرات سلبية على الداخل الإيراني.
وأضاف الضابط المنشق عن الجيش السوري والكاتب والباحث في الشأن الإيراني، أنه في خضم هذا، سيستخدم نظام الملالي هذه التوترات في المشهد الداخلي بأسلوب مخادع ليقول أنه نظام قوي ومتماسك ويستطيع مواجهة والإضرار بأعظم قوة في العالم، ويسعى لتكريس دعايته القائمة على معاداة الولايات المتحدة ورفض عالم القطب الواحد.
وبين قدور، أنه لو كان رد الولايات المتحدة حاسماً، واستهدفت مصالح استراتيجية وحيوية للنظام الإيراني، ستحصل حكومة بايدن على معادلة ردع شبه كاملة وتضبط توترات المنطقة لفترات ليست قصيرة المدة، وبالتالي سيظهر نظام الملالي بالصورة الواقعية، بأنه نظام ضعيف لا يملك الكثير من الخيارات لتنفيذ وعوده بالانتقام الصعب.
بينما كشف محمود كمال المحلل والباحث المصري في الشأن الإيراني، أنه لا يمكن الحكم بشكل قطعي على مدى تأثير الضربات الانتقامية الأمريكية على مواقع حرس الملالي في العراق وسوريا على داخل إيران بشكل قطعي، كون أن الغارات الأمريكية لم تستهدف أي قيادي من الجنسية الإيرانية خارج حدود إيران، وهو ما سيضع نظام الملالي في موقف مريح نسبياً وداخلياً ويجنبه الإحراج المعتاد جراء مقتل قادته الميدانيين في الميدان، كما يحصل في حالة الضربات الإسرائيلية في سوريا مثلاً.
وأكد كمال في تصريح خاص لوكالة فرات، أنه في ظل حلقة التوتر المضبوطة هذه، لابد أن نظام الملالي سيستخدم هذه الغارات لتعزيز روايته المناهضة للولايات المتحدة في الداخل، ويصور نفسه على أنه نظام قوي ومتماسك ويستطيع التأثير في ملفات إقليمية مختلفة، و لكن بحسب التحليلات، فإن نظام الملالي في الداخل يوصف بأنه أوهن من بيت العنكبوت ويجلس على برميل بارود من الشعب الغاضب والقابل للانفجار في أي لحظة.
وأضاف المحلل والباحث المصري في الشأن الإيراني، أنه في الوقت الذي يستطيع فيه نظام الملالي تسيير الأوضاع لصالحه في الميدان الخارجي باستخدام سياسة الاسترضاء، فإنه يفشل فشلاً ذريعاً في معالجة القضايا الداخلية الملحة والتي طال أمدها منذ عقود، و الشعب الإيراني في ظل هذه البروباغاندا الحكومية المزيفة لا يجد أي انعكاس أو تحسن إيجابي للأوضاع الداخلية، وهذا ما سيجعل مصير نظام الملالي على المحك.