أمريكا وتركيا.. توترات تعود بالعلاقات لمرحلة العقوبات

يبدو أن لعبة النظام التركي بالرقص على كل الحبال غير مقبولة لدى الولايات المتحدة، في ظل عدم التزام الأولى بالعقوبات المفروضة على روسيا جراء شنها الحرب ضد جارتها أوكرانيا، ما يعيد العلاقات لمرحلة العقوبات.

أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية، قبل يومين، فرض عقوباتٍ على شبكةٍ تتألف من أربع كيانات وتسعة أشخاص في الصين وروسيا وهونغ كونج وباكستان بسبب تسهيلهم حصول روسيا وشرائها لأسلحةٍ وتقنياتٍ صينية الصنع، حيث سعت تلك الشبكة للتحايل على العقوبات الأمريكية والضوابط الصينية المفروضة على تصدير المواد العسكرية.

كما استهدفت وزارة الخزانة الأمريكية أيضاً تركيا والإمارات وشركاتٍ مقرها الصين إزاء شحن تقنياتٍ ومعداتٍ ومستلزمات إنتاج، بما في ذلك قطع غيار طائراتٍ وأنظمة الأشعة السينية، وهو الإجراء الذي يأتي في أعقاب زيارة مسؤول بوزارة الخزانة الأمريكية قبل أيام إلى تركيا وتحذيرها من مسألة التحايل على العقوبات الأمريكية تجاه روسيا.

أمريكا لن تسمح بهذا الأمر

وفي هذا السياق، يقول حازم الغبرا المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية، في تصريجات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن "الولايات المتحدة كما نعرف تفرض كثيراً من العقوبات على روسيا خصوصاً أنها تأتي في إطار العقوبات لها لغزوها أوكرانيا، وبالتالي فإنه لضمان أن تؤتي تلك العقوبات ثمارها، فلا بد أن يكون هناك التزام بها من أكبر عدد ممكن من الدول لا سيما تلك المؤثرة وذات العلاقات مع واشنطن".

وأوضح "الغبرا" أن "روسيا لديها كثير من العلاقات التجارية مع تركيا لا سيما الشخصيات والكيانات المحسوبة على النظام الروسي، وبالتالي الإدارة الأمريكية عندما أرسلت وكيل وزارة الخزانة لشؤون مكافحة الإرهاب من قبل، كانت تريد التأكيد على أن الأراضي والبنوك التركية لا يجب أن تكون مكاناً لتجاوز موسكو العقوبات المفروضة عليها، وأن على النظام التركي الالتزام بذلك".

وأكد المستشار السابق بوزارة الخارجية الأمريكية أن "الروس لديهم كثير من الاستثمارات في الأراضي التركية سواء سياحية أو صناعية، وواشنطن متمسكة بألا تكون الأراضي التركية فرصة لرجال الأعمال الذين يعملون مع حكومة فلاديمير بوتين للإفلات من العقوبات، كما يجب على أنقرة الالتزام بذلك خصوصاً وأنها جزء من منظومة حلف شمال الأطلسي "الناتو"، ومعروف طبيعة علاقة الأخير مع موسكو وموقفه كذلك بشأن غزو أوكرانيا".

وكان وكيل وزارة الخارجية لشؤون مكافحة الإرهاب براين نيلسون قد زار تركيا، وأكد خلال تلك الزيارة على إمكانية فرض مزيد من العقوبات الأمريكية على الكيانات التركية المشتبه في أنها تساعد روسيا على التهرب من العقوبات من خلال نقل البضائع بما في ذلك الرقائق وأشباه الموصلات والمكونات الأخرى المستخدمة في حربها في أوكرانيا، وفق ما نقلت وكالة أنباء رويترز.

تركيا والرقص على كل الأحبال

بدوره، يقول محمد ربيع الديهي الباحث في العلاقات الدولية، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن "مشكلة تركيا بالنسبة للولايات المتحدة أنها حليف غير موثوق به، كما أن أنقرة تريد دائماً الرقص على كل الحبال والجمع بين المتناقضين، لكن هذا الأمر لن تقبله واشنطن لا سيما عندما يتعلق بمسألة العقوبات المفروضة على روسيا".

وأضاف: "الإشكالية تكمن في أن النظام التركي لديه مصالح عدة مع الجانب الروسي اقتصادياً من خلال شبكة العلاقات التجارية الكبيرة التي تربط روسيا وتركيا، وسياسياً من خلال كثير من القضايا المشتركة والمتداخلة فيما بينهم وعلى رأسها الأزمة السورية، ويمتد الأمر كذلك إلى ليبيا وأوكرانيا وغيرها".

ولفت إلى أن "تركيا ترى كذلك أنه في الوقت الحالي، هناك فرصة مواتية لتحقيق مكاسب سياسية في ظل التحولات التي يشهدها العالم وقناعة كثيرة من الأطراف الدولية بإمكانية تشكيل نظام دولي جديد لا نقول تتراجع فيه الولايات المتحدة وإنما على الأقل تفقد هيمنتها عليه، وهذا أمر لا يرض واشنطن التي تريد أن تضمن التزام حلفائها بكل ما تتخذ من قرارات مثلها مثل بقية حلفائها الأوروبيين".

وكان وكيل وزارة الخزانة الأمريكية قد انتقد ردود أفعال النظام التركي حيال العقوبات المفروضة على روسيا، إذ قال إن "أنقرة تقدم كلمات تبدو صادقة بشأن الدعم لأوكرانيا التي تعرضت للغزو من روسيا، لكن على أرض الواقع تبدو غير صادقة ولا يرى أية ترجمة لمثل هذا الحديث".