عامان على الغزو الروسي لأوكرانيا.. ولا تزال تصريحات الطرفين تشير إلى استمرارية الحرب والتصعيد

مضى عامان على التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا الذي وقع فجر يوم 24 فبراير/ شباط من عام 2022، وتستهل الأزمة عامها الثالث وليس هناك بعد ما يشير بشكل واضح إلى أنها قد تشهد انفراجة قريبة.

كما كان لا أحد ذات يوم يعتبر أن التدخل العسكري الروسي في أوكرانيا جنوناً لا يمكن أن تقدم موسكو عليه، فإنه لم يكن هناك كذلك توقعات بأن تستمر الأزمة التي أرهقت العالم كله كل هذه الفترة لدرجة أنها تتم عامين وتبدأ عامها الثالث، في وقت يتحصن كل طرف بخندقه وكل منهما يدعي النصر، ويكيل الاتهامات للطرف الآخر.

في هذا السياق، تواصلت وكالة فرات للأنباء (ANF)، مع اثنين من السياسيين في روسيا وأوكرانيا، كل منهما يمثل وجهة نظر طرفي الأزمة، لمعرفة ما يمكن أن تتجه إليه خلال الفترة المقبلة، وموقع كل منهما على الأرض، وفرص الحل السياسي أو الذهاب إلى المفاوضات، لا سيما وأن الأزمة تمتد تزامناً مع تفجر الوضع في قطاع غزة.

فشل روسي؟

يقول الدكتور عماد أبو الرب عضو مجلس القوميات التابعة لرئاسة الوزراء الأوكرانية إنه مع مرور عامين على الحرب الروسية – الأوكرانية تتكشف عدة مؤشرات أولها غياب منظومة التأثير الدولي كالأمم المتحدة وغيرها، بحيث أنها لم تنجح كوسيط في وقف الحرب ولا تملك أية أدوات سوى التنديد والمطالبة بوقف إطلاق النار، لكن مبدئياً هناك عشرات الآلاف وقعوا ضحايا لتلك الحرب بين قتلى ومصابين ومعاقين ومشردين يصل عددهم إلى 5 ملايين أي ربع سكان البلاد.

وأضاف "أبو الرب"، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن أوكرانيا فقدت حوالي 30% من بنيتها التحتية وفقدت كثيراً من السكان، لكن مع ذلك نجحت في وقف ما أسمته روسيا "عملية عسكرية" والتي كان على رأس أهدافها إسقاط النظام والحكم الأوكراني ولم يحدث ذلك، واحتلال كييف ولم يحدث ذلك، وبالنسبة للسيطرة على الأقاليم الأربع لم تستطع موسكو استكمال الاستحواذ على زابوريجيه وخيرسون ودونيتسك.

ولفت السياسي الأوكراني إلى أن روسيا تواجه خسائر كبيرة من المقاومة في تلك الأقاليم، موضحاً أن لدى روسيا كم كبير من الجنود والاحتياط والتعبئة التي يفرضها، وهذا ساعدها على الاستمرار والصمود في المواجهة، ناهيك عن تحصينها المناطق التي تم احتلالها مما يصعب التقدم على القوات الأوكرانية، كما ذهبت موسكو إلى تصنيع مزيد من الأسلحة وشراء أسلحة من كوريا الشمالية وغيرها.

No description available.

إشكالية التمويل الأمريكي

وذكر "أبو الرب" أنه صحيح أن كييف حصلت على دعم أمريكي غربي غير مسبوق، لكن هذا الدعم مهدد بسبب الانتخابات الرئاسية الأمريكية التي ستجرى نهاية العام الجاري، وفي حال فوز دونالد ترامب بالرئاسة كما يتوقع البعض، فإنه سيكون هناك شح في الدعم الأمريكي لأوكرانيا، لكن لن يتوقف إلا أنه سيكون شحيحاً، ولهذا تكثف كييف زياراتها وتواصلها مع الحزبين الرئيسيين في الولايات المتحدة (الديمقراطي والجمهوري) لضمان استمرار الدعم مستقبلاً.

ولفت كذلك إلى أن الإدارة الأوكرانية تعمل على وضع خطط بديلة كفتح مصانع التسليح في البلاد، وسيتم تكثيف تصنيع الأسلحة، كما أن الدول الغربية تحاول تمديد دعم اللاجئين الأوكرانيين فيهم وتقدم لهم التعليم والدواء والغذاء والمسكن مجاناً، أيضاً تحاول الدول الغربية استمرار تقديم الذخائر وتدريب الجنود وربما تسليمها طائرات "إف – 16"، التي يتدرب عليها الجنود.

وفي ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF) أكد "أبو الرب" أن كل هذه الأمور تشير إلى أن مسار التفاوض معطل، وحتى مسار الوساطات لا نسمع أن هناك أي جهة أو دولة تسعى لذلك، اللهم إن كان هناك جهوداً خفية، وذلك لأن الفجوة زادت بين الجانبين الروسي والأوكراني خلال السنة الثانية، وبالتالي أصبحت الأطراف تشعر أن الظروف غير مواتية لإنجاح وساطة، لافتاً إلى أن الكل ينتظر بداية الصيف أملاً في أن تكون هناك انفراجة ويتم فتح الباب للوساطة، مشيراً إلى أن الطرفين لديهم تصريحات تشير إلى استمرارية الحرب والتصعيد.

No description available.

هل زمام الأمور بيد روسيا؟

في المقابل، يقول المحلل السياسي الروسي رولاند بيجاموف، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الأمر خلاف ذلك، فقد استطاعت روسيا الآن امتلاك زمام المبادرة على طول الجبهة مع أوكرانيا وذلك خلال الأشهر الماضية في ظل فشل الهجوم المضاد، بدليل تمكن الجيش الروسي من "تحرير" أفدييفكا، مشدداً على أن موسكو ستواصل عملياتها إلى أن يتم تحقيق جميع أهدافها.

واتهم "بيجاموف" الولايات المتحدة الأمريكية والدول الداعمة لأوكرانيا بالعمل على تفكيك روسيا الاتحادية بنفس الأدوات والسيناريو الذي تم به تفكيك الاتحاد السوفيتي السابق، والذي تم دون آليات جيدة على نحو خلق الصراعات والحروب الأهلية في الجمهوريات السوفيتية السابقة، مؤكداً أن الحرب ما كانت لتقوم لولا فقدان كييف لحيادها وسعي الدول الغربية وواشنطن إلى ضمها لحلف شمال الأطلسي "الناتو".

No description available.

واتهم المحلل السياسي الروسي أوكرانيا بمواصلة قصف سكان منطقة الدونباس ومعظمهم من الناطقين باللغة الروسية، فلو كانت كييف تعتبرهم مواطنين أوكرانيين لما قامت بقصفهم لنحو 9 سنوات، لافتاً إلى أن هذا كان السبب الرئيسي في تدخل روسيا عسكرياً في أوكرانيا، وبالتالي الحل يكمن في أن تصبح أوكرانيا دول محايدة وأن يتم نزع سلاحها، متهماً الأوكرانيين بأنهم لا يخوضون مباحثات سلام بشكل جاد.