واعتبر الكثير من المرقبين أن تلك الخطوة تعني أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يأبه بحجم الضغوط والانتقادات الدولية بشأن تلك العملية التي تشكل منعطفاً خطيراً، لا سيما مصر التي ترفض هذه العملية رفضاً قاطعاً وتعتبرها مساساً صريحاً بأمنها القومي، وسط مخاوف من إمكانية إزاحة الفلسطينيين نحو سيناء المصرية.
وقد تباينت الآراء بشأن الموعد الفعلي لهذه العملية التي ينظر إليها باعتبار أنها ستشكل الضربة القاسمة لحركة حماس ووجودها في قطاع غزة بصفة عامة، لكن هناك في الوقت ذاته إجماع على أن تل أبيب لن تقدم على هذه العملية إلا بعد أن يتم إخلاء أكبر قدر ممكن من السكان بتلك المنطقة إلى مكان آخر.
خطة الهجوم على رفح
في هذا السياق، يقول الدكتور أيمن الرقب القيادي بحركة "فتح" الفلسطينية أن قيام إسرائيل بمهاجمة رفح مسألة وقت وقد يتم التأجيل إلى ما بعد شهر رمضان المقبل، مؤكداً أن مسألة الاجتياح يمكن أن تحدث في أي وقت بشكل أو بآخر.
وأوضح "الرقب"، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن الهجوم سينطلق بمجرد نقل الكتلة السكانية الأكبر برفح إلى مكان آخر، ولن يقدم الاحتلال على الاجتياح قبل أن يتم إخلاء الكتلة السكانية الأكبر من هذه المنطقة، لأن اجتياحاً مع استمرار وجودها أمر سيشكل إشكالية كبيرة أمام الاحتلال، وبالتالي ارتكاب كثير من المجازر.
ولفت القيادي الفلسطيني إلى أنه بالتالي فإن الضغط الأساسي الآن أن يتم إخلاء الكتلة السكانية الأكبر وبعدها يتم تنفيذ العملية العسكرية التي يخطط لها الاحتلال، موضحاً أن الأمور بنسبة كبيرة ستؤجل إلى ما بعد شهر رمضان، لافتاً إلى أن تل أبيب تمارس ضغوطاً كبيرة الآن على حركة حماس بهذه العملية.
موقع إخلاء سكان غزة
وحول الوجهة التي يمكن أن تذهب إليها الكتلة السكانية، يقول الدكتور أيمن الرقب إن صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية نشرت مؤخراً خريطة، تشير إلى أنه سيتم تجهيز منطقة في رفح على البحر المتوسط، بداية من رفح حتى مشارف مدينة غزة، بطول من 20 إلى 25 كيلومتر في عرض واحد كلم.
وذكر "الرقب" أنه وفق خريطة "يديعوت أحرونوت" أنه سيتم إزاحة الكتلة السكانية في تلك المنطقة، ويقال إنه سيبنى بها مؤقتاً 200 ألف خيمة للعائلات هناك، كما سيسمح للنساء والأطفال بالتوجه إلى شمال القطاع، ولكن باقي المناطق ستكون أشبه باعتقال لسكان القطاع.
مسألة أيام؟
في المقابل، يقول الدكتور طارق فهمي الخبير في شؤون الشرق الأوسط إنه يتوقع أن تكون عملية اجتياح رفح خلال الأيام المقبلة ولن تؤجل لأسابيع أو أشهر، أي أنها ستكون بنسبة كبيرة قبل شهر رمضان، لأن المؤشرات تقول إن "نتنياهو" عازم على القيام بهذه العملية بصرف النظر عن أي شيء، وأن يكون هناك دخول كامل في المدينة.
وأضاف "فهمي"، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أنه من الملاحظ أن رئيس الوزراء الإسرائيلي وقادة جيش الاحتلال بدأوا يهيأون الناس إلى أنهم لن يجدوا أياً من قادة حركة حماس في رفح، وزعموا أنه قد تم تهريبهم إلى مصر، أو أن بعضهم في سيناء، واصفاً تلك المزاعم بأنه "هزيان إسرائيلي".
وقال خبير شؤون الشرق الأوسط إن ما وصفه بـ"الهزيان الإسرائيلي" مرتبط بعدة أمور أولها أننا أمامنا عدة أيام لن تقوم بها إسرائيل بعمليتها في رفح انتظاراً لما سيخرج من محكمة العدل الدولية، وبعد ذلك ستتحدث عن عمليات نوعية في عمق رفح وليس عملية شاملة أو اجتياح كامل.
ولفت "فهمي" إلى أن هناك ضغوطات حقيقية من مصر رافضة لاجتياح رفح، وأن عملية كهذه تشكل مساساً كبيراً بالعلاقات المصرية الإسرائيلية، وبالتالي تل أبيب لا تريد الدخول في مواجهة مع القاهرة، مشيراً إلى أن مصر في الوقت ذاته أقامت المنطقة اللوجيستية استعداداً لأي سيناريو.
ورغم أن وسائل الإعلام الإسرائيلية زعمت أنه يتم وضع خطة لإخلاء حوالي 1,4 مليون فلسطيني من رفح، إلا أن مصادر كانت قالت لوكالة "بلومبرج" إنه تل أبيب ليس لديها خطة واضحة بعد قبل الهجوم على هذه المنطقة المتاخمة للحدود مع مصر، ولا تملك بعد استراتيجية حول كيفية نقلهم ولا حتى الوجهة التي سيذهبون إليها.