الصدام العسكري بين باكستان وإيران.. ضربة مقابل ضربة أم تطور يصل إلى الحرب؟

تتسع دائرة التوتر التي تضرب العالم لتمتد إلى أطراف الشرق الأوسط، بعد أن شنت باكستان، فجر اليوم، ضربات على مواقع داخل إيران، رداً على ضربات أخرى نفذتها الأخيرة يوم أمس.

أعلنت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان رسمي أن "باكستان نفذت هذا الصباح سلسلة ضربات عسكرية منسقة جداً ودقيقة ضد ملاذات إرهابية في محافظة سيستان بلوشستان الإيرانيّة"، مضيفة أن "عدداً من الإرهابيين قتلوا"، بحسب نص البيان، والذي أكد أن التحرك العسكري الباكستاني "أتى بعد معلومات استخباراتية موثوقة عن أنشطة إرهابية وشيكة واسعة النطاق".

وبينما أدت الضربات الباكستانية إلى سقوط 9 قتلى، تسببت نظيرتها الإيرانية في مقتل طفلين باكستانيين، وبينما قالت الأولى إنها كانت تستهدف جماعة تحرير بلوشستان التي تصنفها إرهابية، قالت الثانية إنها استهدفت جماعة جيش العدل التي تريد استقلال محافظة سيستان بلوشستان الإيرانية.

تفاقم التوترات بين إسلام أباد وطهران

فتح الصورة

وفي هذا السياق، تقول الدكتورة لبنى فرح المحللة السياسية الباكستانية، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن "الضربات الباكستانية التي طالت الأراضي الإيرانية فجر اليوم كانت متوقعة، لأن طهران هي التي بادرت وقصفت الأراضي الباكستانية"، مؤكدة أن "هذا الأمر استفز الجيش الباكستاني بدرجة كبيرة، ومن ثم كان لا بد من الرد على هذا الاعتداء".

وعن إمكانية تصاعد الأمور إلى أبعد من ذلك، أعربت "فرح" عن اعتقادها بأن يبقى الأمر في إطار "ضربة مقابل ضربة"، أي أن القوات المسلحة الباكستانية في حالة استنفار شديدة، وفي حال أقدم الجانب الإيراني على أي اعتداء جديد سيتم الرد على الفور، معتبرة أن "هذا السلوك الإيراني سيكون له انعكاسات سلبية على العلاقات بين البلدين".

وقالت الدكتورة لبنى فرح إنه من المتوقع أن يكون للاعتداء الإيراني على الأراضي الباكستانية تأثيرات كبيرة عندما تأتي الحكومة الجديدة التي سيتزعمها نواز شريف، لافتة إلى أن الأخير من المعروف أن علاقته جيدة بالمملكة العربية السعودية، وهو ما يعني أنه سيكون هناك موقف أكثر تشدداً من إسلام أباد في مواجهة طهران.

دائرة التوتر تمتد إلى أطراق الشرق الأوسط

لكن هناك من يرى أن ما جرى بين باكستان وإيران بشكل مفاجئ ليس إلا أصداء لما يجري من تصعيد في منطقة الشرق الأوسط على مدار الأشهر الأخيرة، لا سيما أيضاً مع تنفيذ الولايات المتحدة وحلفائها ضربات تطال مواقع جماعة الحوثيين الموالية لإيران، إذ تستهدف جماعة "أنصار الله" السفن المارة في البحر الأحمر، مدعية أن هذا في إطار الدعم للشعب الفلسطيني ضد إسرائيل.


ويرى الدكتور حامد فارس أستاذ العلاقات الدولية، أن ما يجري بين باكستان وإيران لا ينفصل عما يجري من توترات في الشرق الأوسط، موضحاً، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن "النظام الإيراني من مصلحته في الوقت الحالي تأجيج الصراع بشكل كبير، كما أن من مصلحته إظهار أن لديه القدرة على توجيه ضربات مؤلمة لأعدائه".

وأضاف "فارس" أن إظهار هذه القدرة تمثل في دعم إيران لجماعة الحوثيين اليمنية في تهديد الملاحة الدولية بالبحر الأحمر، كما ظهر من خلال الضربات التي نفذتها داخل الأراضي الباكستانية، وكأن طهران تريد أن تقول بوضوح للجانبين الأمريكي والإسرائيلي أنهما إن فكرا في أي اعتداء عليها، فإنها لن تتخاذل عن الرد.

وتابع خبير العلاقات الدولية: "بالتالي الضربات الإيرانية الأخيرة سواء على هولير (أربيل) شمال العراق أو في شرق سوريا أو داخل باكستان مؤخراً، رسالة ضمنية بأنها سترد حال تم التصعيد ضدها"، مشيراً إلى أن "هذه التوترات تتفاقم كانعكاس لما يجري في الأراضي الفلسطينية منذ السابع من أكتوبر/تشرين أول من العام الماضي".

وعلى عكس الدكتورة لبنى فرح، يرى "فارس" أن الأمور مرشحة للتصاعد بين باكستان وإيران بعد الضربات المتبادلة، وقال في ختام تصريحاته إنه في تقديره أن الأمور قد تخرج عن السيطرة، مبرراً أن ذلك يعود إلى أن هذه الضربات تأتي ضمن أجواء شديدة التوتر في العالم بشكل عام، مؤكداً أنه لا يستبعد أن تكون هناك مواجهة مفتوحة لا أن يقتصر الأمر على ضربة مقابل ضربة.