ليُحاكم نتنياهو ويُمنح أردوغان الجائزة!

ماذا سيحل بأردوغان لو تم محاكمة نتنياهو لقيامه بالاحتلال وتدميره لأماكن حياة الشعب وقتله للشعب؟ يجب أن يُسأل هذا الأمر أيضاً من تلك القوى التي تصمت تجاه الجرائم المرتكبة ضد الكرد.

يقوم متزعم المجموعة الفاشية، أردوغان الذي يدير تركيا، بتأجيج الحرب ضد الكرد، والخطاب الذي يتبناه ضد الكرد يحتوي في طاياته على محتوى للمحو والعنف، وحتى عندما يتحدث بخصوص القضية الفلسطينية يكون الأمر هكذا، ويستهدف إسرائيل من أجل فلسطين، ويقول بأن نتنياهو يرتكب جرائم حرب وإنسانية وأنه يتوجب حتماً محاكمته، ويقول أنه يجب إعلان وقف إطلاق النار في فلسطين وأن يتوقف قتل المدنيين، ويدعو الرأي العام العالمي من أجل ذلك ويقوم باستنفار جميع بعثاته الدبلوماسية، ولكن عندما تصبح القضية الكرد، يقوم بالصراخ ويقول إنه لا يوافق على إنجازاتهم وسعيهم للحصول على الحقوق.

ويقول أردوغان إنه يجب أن يعم السلام في المنطقة وفي العالم، لكنه هو نفسه لا يتطرق أبداً إلى السلام مع الكرد، والحل الوحيد بالنسبة للكرد هو "الخضوع" والتصفية العامة، في حين أن القضية الكردية أقدم من القضية الفلسطينية، وكانت قد وقعت الإبادة الجماعية في ديرسم، والتي أيدها أردوغان بطريقة أو بأخرى، في عامي 1937 و1938، وقد تم استخدام الطائرات الحربية والأسلحة الكيماوية ضد الكرد في ذلك الحين، حيث أُعدم شيخ سعيد ورفاقه في العام  1925 ، وكانت عمليات الإبادة الجماعية والتهجير إحدى الممارسات الكلاسيكية للجمهورية ضد الكرد، ويقول أردوغان إن حزب العمال الكردستاني (PKK)، ومنظومة المجتمع الكردستاني (KCK)، ووحدات حماية الشعب (YPG)، وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، وما إلى ذلك... والتنظيمات التي أسسها الكراد هي إرهابية، ويفرض المحو والإنكار، ويسعى إلى إضفاء الشرعية على سياسات الإنكار والإبادة الجماعية من خلال مقولة الإرهاب، فاليوم، ينفذ أردوغان، أكثر من أي شخص آخر، هذه الإبادة الجماعية بشكل أكثر وحشية وشمولاً أكثر من أي وقت مضى، ففي العامين 1925 و 1937 لم يكن حزب العمال الكردستاني موجوداً، وطالما أن القضية هي حزب العمال الكردستاني، فلماذا تم إنكار الكرد وتعرضهم للإبادة الجماعية في ذلك الوقت؟ فحينها، القضية ليست حزب العمال الكردستاني، فالقضية هي وجود الكرد، وكان حكام ذلك الوقت، من أمثال أردوغان، يطلقون عليهم اسم "الانفصاليين، الأشقياء، وقطاع الطرق" بدلاً من مقولة الإرهابيين، أي أنه، يتم استخدام لغة الإنكار والمحو والعنف دائماً ضد الكرد، فأردوغان لا يفعل شيئاً جديداً اليوم، بل ينفذ على نطاق أوسع ما فعله "أسلافه"، وإن قوله بأنه ليس لدينا مشكلة مع الكرد، فإنه يقولها فقط من أجل عدم حصول الكرد على دعم على الساحة الدولية،  والحد من صحوة الكرد وعدم مشاركتهم في النضال، كما أنه يستخدم قوى مثل الحزب الديمقراطي الكردستاني لكسر مقاومة الكرد، ويظهره كمثال ويريد إرباك الرأي العام الخارجي، ولقد قدم أردوغان الدعم لتنظيم القاعدة وجبهة النصرة وداعش، الذين يصنفهم العالم كله كإرهابيين، وفتح حدود تركيا أمام هذه القوى، وأدخل عشرات الآلاف من المرتزقة إلى كل من سوريا والعراق، وجعل الإخوان يتصدرون المشهد، وحاول أن يفرض السيادة على سوريا، وقالوا إن الأسد سوف يرحل مثل القذافي، وسنكون متنفذين في سوريا، كما تجددت أحلام أردوغان العثمانية من جديد أيضاً، حيث كانت كل من العراق وسوريا غارقتين في المشاكل وفي حالة من الضعف، وأراد أردوغان تحويل ذلك إلى فرصة، وكان يهدف الذهاب إلى دمشق وأداء صلاة النصر في الجامع الأموي، ولقد دفعت سوريا ثمناً باهظاً لسياسته، ولا تزال تدفع، حيث دُمرت سوريا وهُجر ملايين الناس من أراضيهم، وفقد مئات الآلاف من الناس حياتهم.

ولم يكتفِ أردوغان بذلك أيضاً، وزج بجيشه في سوريا، واحتل مناطق مثل عفرين وإعزاز والباب وكري سبي وسري كانيه، وأخرج الكرد من هذه المناطق، ولقد ارتكب تطهيراً عرقياً بشكل علني، ولا يزال يجلب عوائل المرتزقة والشخصيات الأجنبية لهذه المناطق ويقوم بتوطينهم، فهو لا يكتفي باحتلال سوريا، بل يعبث بسكانها ونسيجها الداخلي، ويسلح فلول داعش والتنظيمات الأخرى والإخوان الذين جمعهم من حوله، ويجعلهم يهاجمون الشعب، وقام بتنظيم عشرات الآلاف من هؤلاء المرتزقة مثل الجيش الوطني السوري وشكل من هؤلاء الحكومة السورية المؤقتة. 

ولقد استخدام أردوغان هؤلاء المرتزقة في الشرق الأوسط ضد جميع الدول العربية، ويتمسك بهم كأداة للتهديد، حيث أخذ هؤلاء إلى ليبيا، وجعلهم يشاركون في الحرب الأهلية وزاد من تعميق الصراع الحالي، ونشر عشرات الآلاف من جنوده في العراق وأنشأ عشرات القواعد العسكرية، حيث أن طائراته تشن الهجمات على العراق بشكل يومي، ويهاجم الكرد بالأسلحة الكيماوية داخل تركيا وخارجها، واليوم، يوجه الانتقادات لإسرائيل، فهو بنفسه فعل الكثير بالكرد ولا يزال يفعل.

ويتباهى أردوغان في الإعلام الداخلي والخارجي بشكل علني بالمجازر وجرائم القتل التي يرتكبها، ويعلن صراحة أنه سيواصل هذه الهجمات دون أي قلق، فماذا سيحل بأردوغان لو تم محاكمة نتنياهو لقيامه بالاحتلال وتدميره لأماكن حياة الشعب وقتله للشعب؟ يجب أن يُسأل هذا الأمر أيضاً من تلك القوى التي تصمت تجاه الجرائم المرتكبة ضد الكرد، ولا يفكر أردوغان أبداً أنه سيُحاكم ويُحاسب، فحتى الآن، لم يتبنى أحد الكرد ولم تتم محاسبة الإدارات التركية، ولهذا السبب، وضع أردوغان الكرد في موجة الموت ولهذا الدرجة من عدم الخشية، ففي الواقع، إن أشخاصاً مثل أردوغان يستحقون هذا العالم.

المصدر: صحيفة روناهي