الإدارة الديمقراطية
يدرك النظام العالمي المهيمن أن حدوث أية تحولات ديمقراطية في بنية الأنظمة الحاكمة أو انهيارها لن يكون لصالحه، لأن النظم الديمقراطية ستؤدي إلى نهضة شاملة لشعوب الشرق الأوسط وعلى كافة الأصعدة.
يدرك النظام العالمي المهيمن أن حدوث أية تحولات ديمقراطية في بنية الأنظمة الحاكمة أو انهيارها لن يكون لصالحه، لأن النظم الديمقراطية ستؤدي إلى نهضة شاملة لشعوب الشرق الأوسط وعلى كافة الأصعدة.
تهدف الديمقراطية التي تستند إلى الإدارة الديمقراطية، إلى بناء مجتمع سياسي أخلاقي بدل من الدولة القومية، لذا يمكننا تعريف الديمقراطية بأنها الإدارات الذاتية التي يشارك فيها المجتمع، فلا تكون حكراً على فئة أو شريحة معينة، أي أنها قرينة الجماعة الديمقراطية، الوصول إلى مجتمع يتمتع فيه الفرد بحريته وكرامته وخلاصه من الانعكاسات السلطوية التي عانى منها خلال زمن طويل، هذا لا يكون إلا بتحقيق الديمقراطية الحقيقية، بعيدة عن الزيف كما كانت تدعي الحكومات المركزية، وأيضاً بتحقيق مشروع الأمة الديمقراطية بالإدارة الذاتية واعتماده على أشخاص دبلوماسيين خالين من النزعات السلطوية ومهمتهم الأولى خلق البيئة السياسية والأخلاقية والاجتماعية لنجاح الديمقراطية التي بدورها تؤمن الأمن والاستقرار والعيش المشترك بين جميع المكونات في ظل مجتمع يخلو من الشوائب والعقد الاجتماعية، والرقي بما يأمن كرامة المواطن في المجتمع الذي نسعى به إلى التكامل المبدئي الأساسي على الدرب المؤدية إلى تكريس الوحدة العامرة بروح الحرية، والالتزام بتحقيق الديمقراطية، فالمعيار الحقيقي للديمقراطية يتحدد من خلال درجة تمثيلها لواقع المجتمعات والتعددية القومية والدينية في المنطقة وهو يعرف بالإدارة الذاتية المجتمعية والذي يعني تمثيل وتمتع المكونات جميعها بما فيها النساء والشباب ضمن تنظيمات ومؤسسات خاصة بهم، فالديمقراطية تعد الحل الوحيد لقضايا الشرق الأوسط العالقة منذ وقت طويل بسبب الحكومات المركزية، إذ أنها تقوم على قاعدة الصياغة والمشاركة الجماعية والتوافقية في الإدارة، بما ينسجم مع التاريخ والمعتقدات والثقافات الجمعية لكل فئات الشعب وهذا يؤدي إلى الحفاظ على التنوع الثقافي والحضاري وخصوصية القوميات ضمن المجتمع، فتعمل على تفكيك الإيديولوجية الدينوقوموية الشوفينية القائمة على المركزية والديكتاتورية المقيتة وحكم أجهزة الأمن القمعية، وهذا ما كان له الدور الأبرز في تفاقم قضايا ومشكلات الشرق الأوسط، كما أنه يشجع ويحافظ على الحريات العامة، وحرية التعبير والرأي.
ويحقق التنمية الاقتصادية والبشرية، لاعتماد هذا النظام على توزيع الثروات وعدم تركيزها بيد فرد أو جماعة بعينها، ويحقق تكافؤ الفرص.
فالنظام العالمي المهيمن يدرك أن حدوث أية تحولات ديمقراطية في بنية الأنظمة الحاكمة أو انهيارها لن يكون لصالحه، لأن النظم الديمقراطية ستؤدي إلى نهضة شاملة لشعوب الشرق الأوسط وعلى كافة الأصعدة، وإلى حدوث اتحاد غير مسبق في المنطقة، فالشعوب الديمقراطية هي التي تحنو نحو السلام والاتحاد والتنسيق الشامل، وهذا من شأنه تعرض كافة الخطط الرامية إلى تشتيت وتخلف شعوب المنطقة وضربها بعضها ببعض إلى الإجهاض والفشل ولذلك يعمل بكل ما يملك من إمكانات ووسائل لإبقاء منطقة الشرق الأوسط تحت سيطرتها عن طريق وكلائها من الأنظمة الدينوقوموية الشوفينية الحاكمة وأيضا من خلال وجودها العسكري والاستخباراتي في أغلب بلدان المنطقة...، ودوماً الحكومات المركزية لها قوانيين تضعها لحماية مصالحها، هذا القانون الذي حل محل الأخلاق فدوماً تكون العلاقة عكسية بين القانون والأخلاق أي كلما اتسعت دائرة القانون تضعف دائرة الأخلاق، وبهذا أينما تكون عناصر السلطة والدولة تتبدد الأخلاق وينتشر الفساد، على هذا النحو قانون الدولة حماية لمصالحها وتبرير لممارساتها اللاأخلاقية، فالحكومات المركزية تكذب باستمرار وتخفي وجهها الحقيقي البشع جداً خلف قوانينها، وخلف الديمقراطية المزيفة التي تدعيها، غير هذا الدولة دوماً تدعي أنها تعمل على تحقيق العدل والمساواة وتحرير المرأة، إلا أنها في حقيقة الواقع تعمل على استغلال المجتمع والتفريق بين طبقاته، لتأمن إحكام سيطرتها.
فتعمل على تنشيط العقلية الذكورية في المجتمع فلا مساواة حقيقية بين الرجل والمرأة، ولم تأخذ دورها اللازم في المجتمع، بل بقيت تحت رحمة الرجل السلطوي مسلوبة الحقوق عبدة لإنجاب الأطفال وتربيتهم فقط، لأن في تحرر المرأة يتمكن المجتمع بمطالبة حقوقه وضمانها، وهذا مخالف لمصالحها السلطوية، فيتم أضعاف دور المرأة وإخضاعها للسلطة الذكورية، فأين تكون الديمقراطية في مجتمع خاضع لقوانين العبودية والاستغلال والعنف، هذا بشكل بسيط عن سلب حقوق الشعب من قبل الحكومات المركزية في الشرق الأوسط، والأمر لا يقتصر على الشرق الأوسط وحكومتها فقط، بل كانت الديمقراطية المزيفة أيضاً موجودة في الدول الغربية (أوروبا ) التي على طول الوقت تزعم بأنها الدول المحققة للديمقراطية والسلام وبشكل محدد أمريكا، فهم أكثر من استخدمت السلطة المركزية وانتهاكات لحقوق الإنسان، فإن كانت كما تدعي لما نجد جنودها في العراق وتدخلاتها في سوريا، وأيضاً فلسطين كم من الضحايا كانت بسبب التدخل الأمريكي فيها، وهناك الكثير من الاتفاقيات في ساحات الحرب بما يخص شعوب الشرق الأوسط، فين الديمقراطية الحقيقية التي تدعيها ؟ فدوماً كانت تعمل على حجب الشرق الأوسط عن المستقبل، ورائية بأنه مكباً للأزمات، وهو مكان لاستخراج الطاقات اللازمة لها فقط.
فلا يمكن أن تكون الديمقراطية جنباً إلى جنب مع السلطة، وحيث توجد السلطة تكون الدكتاتورية بدلاً من الديمقراطية، حان الوقت للوقوف في وجه التبعية وإيجاد والحلول المناسبة لأزمات الشرق الأوسط، ولا يمكن ذلك إلا بملامسه المعنى الحقيقي للديمقراطية وتطبيق ممارساتها الجادة من خلال إدارة الشعب نفسه لنفسه، يتطبق إدارة ذاتية بعيدة عن أي شكل من أشكال الحكومة المركزية ويكون في هذه الإدارة أشخاص مؤمنين فعلاً بالديمقراطية الحقيقية، يتمتعون بحقوق سياسية ويمثلون الشعب ويسعون لتحقيق طموحاته ويصونون حرياته، فتنعم كل فئات المجتمع بالمساواة والعدل والحرية بذلك تخلق بيئة جديدة أخلاقية سياسية ديمقراطي ، وبهذا يكون الشعب والمجتمع أكثر فاعلية لأن الديمقراطية والاخلاق والسياسة مصطلحات مترادفة يحتاج تحقيقها أن تكون الإدارة مستقلة، قادرة على منع أي تدخل بالشؤون الوطنية، ومن أجل هذا يجب أن يكونوا أيضاً دبلوماسين حيث أن المجتمع بحاجة فعلية إلى دبلوماسية تعبر عن ممارسات أخلاقية وسياسية نبيلة يؤديها أناس حكماء، يكونون ضمن الإدارة ، ولهم دور عظيم للحفاظ على حرية المجتمع وإثبات وجود أفراده.
فالديمقراطية هي طراز تنفيذ السياسة ضمن البيئة، حيث أنها مقترنة بالسلام والعيش المشترك بين جميع فئات المجتمع، فتسكت لغة الرصاص والسلاح، وتعلو الحوارات والنقاشات البناءة القائمة على الإصلاح وأخوة الشعوب بين أفراد المجتمع، حيث ينعمون بوفاق ديمقراطي، كما يتوسع إطار الإرادة الحرة التي تحدد أهداف المجتمع الواجب تحقيقها، فيكون هنا المجتمع منفتحاً شفافا يدرك حقيقة كل ما يجري حوله من مؤامرات وفتن.
يتجسد كل ما تم ذكره أنفاً من ممارسات للديمقراطية في تنفيذ مشروع الأمة الديمقراطية، هذا المشروع لا يقتصر على شمال وشرق سوريا فقط، ولا سورية أيضاً، بل شامل للشرق الأوسط برمته.
هذا المشروع الذي يسعى بالشرق الأوسط من أجل تحقيق النهوض أخلاقياً وسياسياً وأيكولوجياً متحرراً جنسوياً، ليقوم بدوره التاريخي المكمل في صنع الحضارة العالمية، ومايقوم عليه هذا المشروع من استخراج لحقيقة الشرق الأوسط الديمقراطي، فهو شامل لكل المكونات دون أي أستثناء أو عنصرية فالكل متساوون سواء أكانوا عرب أم الكرد، الأرمن، التركمان، الشركس، الآشور والإيزيديين .... وغيرهم من انتماءات أولية التي هي ثقافات مهمة لتشكيل ثقافة كلية مشتركة، هذه إحدى مبادئ الأمة الديمقراطية الأساسية التي تؤكد على القيم المتصالحة مع التاريخ وفهمه بشكل سليم هذا هو الطريق للانتصار الجمعي.
فهذا الحل الوحيد لكل المشاكل العالقة في المنطقة، كونه قائم على الجمع بين القديم والحديث، فلا يمكن فهم الواقع وحل المشاكل دون الرجوع إلى الماضي وفهمه بشكل صحيح، هكذا سوف يتم الوصول إلى مستقبل خالي من الشوائب، كما أنه قائم على قاعدة العودة إلى البيئة الطبيعية النظيفة، حيث أدرك بأن الأبتعاد عن البيئة والانفصال عنها يؤدي إلى كوارث في مجرى الحياة البشرية.
وأوضح هذا المشروع التقارب القوي بين المرأة والطبيعة، فدعا إلى ضرورة أن تأخذ المرأة دورها المناسب واللازم الضروري في المجتمع على كافة الأصعدة، من أجل تلافي المشاق التي تواجه مجتمعنا في الفترة الراهنة لان شل حركة المرأة هو بالتالي شل حركة الطبيعة والمجتمع أيضاً.
وأكد على ضرورة قيام آليات التنظيم الذاتي، والعيش باتحاد قائم على إدراك أهمية الهجمات التي تستهدف الهوية، والعمل على الحفاظ عليها بالرغم من اختلافها.
فما يتوجب علينا فعله كقوة فاعلة في الحياة الاجتماعية، متأثرين بالحداثة، أن نخلص في البداية أنفسنا من كل بذور الاستعلاء، ومن ثم ننطلق للتأثير على الأخرين في المجتمع، وأن نتبنى استراتيجية ديمقراطية.
ونعمل بشكل جاد موحد للوصول إلى هدفنا في تحقيق الديمقراطية والعيش المشترك، في مجتمع سليم من العلل الاجتماعية، فالعمل الجاد الموحد والنشاط الفعال والإيمان القوي بقدرتنا على تحقيق أهدافنا، والابتعاد عن الصراعات الهامشية، هذا هو أساس الطريق المؤدية إلى النجاح.