رغم الألاعيب.. أردوغان يخسر البلديات بفرمان شعبي والكرد قالوا كلمتهم
أتت نتائج الانتخابات البلدية في تركيا كأسوأ انتكاسة انتخابية للرئيس التركي أردوغان، رغم كل ما قام به من حيل وألاعيب وانتهاكات؛ بغية الفوز بها، لا سيما استعادة إسطنبول.
أتت نتائج الانتخابات البلدية في تركيا كأسوأ انتكاسة انتخابية للرئيس التركي أردوغان، رغم كل ما قام به من حيل وألاعيب وانتهاكات؛ بغية الفوز بها، لا سيما استعادة إسطنبول.
وعند الوقوف على نتائج هذه الانتخابات، يتوجب التوقف عند 5 تحولات رئيسية في المشهد الانتخابي، فالأخطر بالنسبة للرئيس التركي كان استمرار خسارة إسطنبول وأنقرة، واللتان تحولتا إلى مركز ثقل للمعارضة يستمر لنحو 10 سنوات.
وقد خسرهما العدالة والتنمية في انتخابات 2016، بعد سيطرة بدأت تقريبا لأردوغان أو تياره منذ 1994، بل استطاع المعارض أكرم إمام أوغلو أن يثبت جدارته رغم كل محاولات الهدم والإعاقات التي تعامل معها خلال توليه بلدية إسطنبول الفترة الماضية.
معركتي إسطنبول وأنقرة
التحول الثاني هو أن الأمر لا يقتصر على مجرد حفاظ المعارضة على إسطنبول وأنقرة، وفق تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية، بل في تعاظم نفوذ المعارضة مقارنة بالانتخابات الماضية، إذ فاز مرشح حزب الشعب الجمهوري الذي ينتمي إليه رئيس البلدية أكرم إمام أوغلو في 26 دائرة من أصل 39، مقارنة مع 14 عام 2019، بما فيها منطقة أوسكودار حيث مكان إقامة الرئيس.
أيضا، في العاصمة أنقرة فاز منصور يافاس مرشح حزب الشعب الجمهوري ورئيس البلدية الحالي في 16 دائرة من أصل 25، بما في ذلك منطقة كيتشيورين، ثاني أكبر منطقة من حيث عدد السكان والتي حكمها حزب العدالة والتنمية وأسلافه الإسلاميون منذ عام 1994، لتكون غالبية المدن الكبرى تحت سيطرة المعارضة.
الأمر الثالث التحول الجغرافي، فحزب الشعب الجمهوري، الذي كانت هيمنته مقتصرة لفترة طويلة على غرب تركيا، خاصة المناطق الساحلية المطلة على بحر إيجه وبحر مرمرة، حقق اختراقا كبيرا في الأناضول، حيث انتزع بلدات سيطر عليها لفترة طويلة حزب العدالة والتنمية، فقد فاز في بورصة، وهي مدينة صناعية كبيرة في شمال غرب البلاد، كما في أديامان، وهي مدينة في الجنوب الشرقي تضررت بفعل زلزال العام الماضي.
ظهور حزب الرفاه الجديد
الأمر الرابع، أن أحد أسباب تراجع حزب العدالة والتنمية، كان التقدم الذي حققه حزب الرفاه الجديد، وهو تشكيل إسلامي فرض نفسه كقوة سياسية ثالثة خلال هذه الانتخابات البلدية، مع 6.2% من الأصوات على المستوى الوطني وفقاً لنتائج شبه نهائية، وقد تم انتخاب مرشحي الحزب في سانليورفا ويوزغات، وهما عاصمتان إقليميتان كان يقودهما رئيسا بلدية من حزب العدالة والتنمية، كما استحوذ على أصوات حزب العدالة والتنمية في عدد من المحافظات.
أما الأمر الخامس، أن أردوغان، الذي أقر بالهزيمة، قد يضطر إلى إعادة النظر في تحالفه مع حزب الحركة القومية، وربما – بحسب مراقبين – قد يتجه إلى حزب الرفاه الجديد، وبالتالي فإن خريطة التحالفات السياسية التركية قد تتغير خلال الفترة المقبلة، وإن كان حزب الرفاه يعتمد في أجندته على رفض استمرار العلاقات التجارية مع إسرائيل في ظل ما يجري بقطاع غزة، عكس موقف الرئيس التركي.
خسارة رغم الحيل والتزييف
في هذا السياق، يقول محمد أمين كليج الباحث التركي في شؤون الشرق الأوسط إن أردوغان خسر خسرانا مبينا، وسبب ذلك أنه استنفذ سمعته بالتحالف مع حزب الحركة القومية، معتبرا أن هذا هو السبب الرئيسي في خسارته لتلك الانتخابات، خصوصا أن كل ما كان يشغله فقط فكرة عدم تقدم الكرد، وهذه معركة استنفذت قوته السياسية، مشددا على أنه لو كان تحالف مع الكرد لكان ذلك أفضل له من القوميين.
وأضاف كليج، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أنه بعد انتهاء النتائج ستدخل تركيا في أجواء انتخابات برلمانية مبكرة، منوها إلى أن حزب العدالة والتنمية سيفقد السلطة، بل إن هناك آراء عدة تشير إلى أن أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول الحالي سيكون رئيس تركيا المقبل، ولا يمكن أن يسابقه أحد في فترة الانتخابات الرئاسية المقبلة، حتى لو كان أردوغان نفسه.
الكرد يكسرون الوصاية
وبشأن الكرد، قال المحلل السياسي التركي إن الكرد فازوا بكل مدنهم تقريبا، بما في ذلك البلديات التي أطاح أردوغان من قبل بحكامهما وعين بدلا منهم أوصياء بشكل غير قانوني بالمخالفة للدستور، ولكن هذه المرة فاز الكرد واستردوا مدنهم.
وقال كليج إن الحيل وأعمال التزييف التي قام بها الرئيس التركي وحزبه يستحي الإنسان أن يذكرها، مشددا على أن ما جرى "فضيحة"، خصوصا في المدن والمناطق الكردية، والكل يعلم أعمال التزييف والألاعيب التي قام بها، مستغلا في ذلك أن كل مؤسسات الدولة تحت يده سواء القضاء أو المحاكم، يحكمون كما يريد أردوغان، لكن رغم كل ذلك خسر أمام الإرادة الشعبية.
وكانت المتحدثة باسم حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، عائشة غول دوغان، انتقدت في بيان رسمي وصل وكالة فرات نسخة منه، تلك الألاعيب، التي كان أبرزها نقل الجنود والشرطة إلى المدن الكردية، لكي يصوتوا لمصلحة حزب العدالة والتنمية، مشددة على أن "تصميم الناس الذين ذهبوا إلى صناديق الاقتراع، كان أعظم بكثير من خداع وجرائم السلطة التي ترتكبها".