مبادرة بايدن لإنهاء حرب غزة.. تعثر وسط تحركات مصرية
قبل أن يسدل مايو/أيار ستائره، أطل الرئيس الأمريكي بايدن بخطاب إلى الشرق الأوسط يعلن خطة لإنهاء حرب غزة، لكن تمر الأيام ولا يزال الوضع على ما هو عليه.
قبل أن يسدل مايو/أيار ستائره، أطل الرئيس الأمريكي بايدن بخطاب إلى الشرق الأوسط يعلن خطة لإنهاء حرب غزة، لكن تمر الأيام ولا يزال الوضع على ما هو عليه.
يبدو أن خطة جو بايدن أو خارطة طريق إنهاء الحرب لم تقدم أو تؤخر بعد بالنسبة للوضع في قطاع غزة، لا سيما حالة التناقض الواضحة في الخطاب الأمريكي، فرغم أن بايدن أعلن أن الخطة قدمتها إسرائيل وتم إرسالها إلى حركة حماس، ورغم ذلك يدعو رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى تنفيذها.
ثم تمر الأيام ويكشف مسؤولان أمريكيان، لوكالة أنباء رويترز، أن الخطة تم الاتفاق عليها بين واشنطن وتل أبيب، لكن الإعلان عنها من قبل بايدن كان مفاجئاً لنتنياهو، وقد بررا ذلك بأن الرئيس الأمريكي أراد أن يضيق الخناق على رئيس الوزراء الإسرائيلي ويدفعه إلى الموافقة على وقف إطلاق النار عبر الإعلان الرسمي عن تلك الخطة.
وكان بايدن قال في خطاب موجه إلى الشرق الأوسط إن الخطة تتكون من 3 مراحل، الأولى تتضمن وقف إطلاق النار لمدة 6 أسابيع، وإطلاق سراح رهائن وعودة سكان شمال القطاع إلى مناطقهم، والثانية سيتم فيها تبادل جميع الأحياء من المحتجزين بمن في ذلك الجنود الإسرائيليين، والثالثة يتم خلالها البدء بإعادة إعمار قطاع غزة، لكن حتى الآن لم تقدم إسرائيل ولا حركة حماس ولو خطوة واحدة عملية نحو تطبيق هذه الخطة.
إشكاليات رئيسية
في هذا السياق، يقول الدكتور حسن عصفور وزير المفاوضات الفلسطيني السابق، في تصريحات هاتفية لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن إعلان بايدن – كما يسميه – افتقد إلى كثير من الأدوات التي جعلته غامضاً ولا يشمل ضمانات واضحة بشأن تنفيذ المراحل الثلاث التي ذكرها، خصوصاً أن الجهة التي قدمت تلك البنود غامضة، ولا يعرف ما إذا كانت الولايات المتحدة هي التي صاغتها أم إسرائيل.
وأوضح عصفور أن إعلان بايدن تجاهل كثيراً من الأمور فيما يتعلق بالوضع بغزة، فعندما تحدث عن انسحاب إسرائيلي لم يحدد طبيعة هذا الانسحاب وما إذا كان شاملاً أم جزئياً، كما لم يشر إلى بعض الأمور ذات الأهمية مثل وضع محور فيلادلفيا أو معبر رفح أو القاعدة العسكرية التي أقيمت عند محور نتساريم، أو المنطقة العازلة التي شرعت إسرائيل بالفعل في تنفيذها عند غزة.
ويلفت وزير المفاوضات الفلسطيني السابق إلى أن ما أعلنه بايدن تحدث عن إنهاء الأعمال العدائية بشكل دائم في المرحلة الثانية، أي سيكون هناك اتفاقية ستوقع، وبالتالي هناك تساؤلات حول الجهة التي ستوقع ما إذا كانت حركة حماس أم السلطة الوطنية الفلسطينية أم إدارة مدنية لا نعرفها، أم جانب عربي إسرائيلي أمريكي.
وتحدث كذلك عن المرحلة الثالثة وهي إعادة إعمار غزة، دون أن يوضح كيف سيتم الإعمار ومتى يمكن أن يبدأ ومن سيشرف على تلك العملية، معتبراً أن بايدن بدلاً من أن يقدم توضيحات لتلك الأمور اعتمد لغة التهديد والوعيد ضد حركة حماس حال لم تلتزم بهذا الإعلان، بينما لم يكشف ما الذي يمكن أن يقوم به حال لم يلتزم الطرف الإسرائيلي بتلك الخطة.
ويرى عصفور، في ختام تصريحاته لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن وضع الحرب في غزة هذه المرة يختلف، فالأمر ليس مجرد اتفاق آني أو مؤقت، بل يتعلق الأمر بوضع الدولة الفلسطينية ككل، والمشروع الوطني الفلسطيني الموحد، داعياً حركة حماس إلى أنه إذا كان هناك تفاوض فعليها أن تشكل وفداً وطنياً مشتركاً، على نحو يدفع إلى تحقيق هدفنا المركزي وهو الاعتراف الأمريكي بالدولة الفلسطينية.
تحركات مصرية
وفي ظل هذا الوضع وعدم الجلوس بعد إلى طاولة التفاوض، صرح مصدر مصري رفيع المستوى، حسب ما اطلعت عليه وكالة فرات للأنباء (ANF)، أن مصر تجري لقاءات واتصالات مكثفة خلال الساعات الأخيرة لاستئناف مفاوضات وقف إطلاق النار بقطاع غزة، مضيفاً أن القاهرة تلقت إشارات إيجابية من حركة حماس تُشير إلى تطلعها لوقف إطلاق النار.
وذكر المصدر ذاته أن قيادات حماس أبلغت مصر أنها تدرس بجدية وإيجابية مقترح الهدنة، لافتاً إلى تحركات مصرية مكثفة خلال الأربع وعشرين ساعة الماضية، وأن هناك زيارات وفود لحركة فتح والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، والتي تأتي في إطار التحركات المصرية لاستعادة مسار المصالحة الفلسطينية وتحقيق الاستقرار بقطاع غزة.
كما كشف المصدر عن توجيه مصر الدعوة لقيادات حماس لزيارة القاهرة ومناقشة كافة التفصيلات المتعلقة بالأوضاع الحالية، مشيراً إلى أن حماس ستقدم ردها بشأن مقترح الهدنة خلال الأيام القادمة.
هذه هي الأولوية
يقول الدكتور محمود الهباش مستشار الرئيس الفلسطيني، في تصريحات لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الموقف الواضح هو أن كل فلسطيني يريد حقن دماء الشعب الفلسطيني التي تسفق كل يوم، مهما كانت النوايا الأمريكية في هذا الأمر، مؤكداً أنه من الصحيح أن واشنطن لا تريد إلا مصلحة الإسرائيليين، ولكن في النهاية أي محاولة لوقف الحرب حتى لو مؤقتاً يجب أن نكون معها كثيراً.
واعتبر الهباش أن واشنطن هي التي عرقلت وقف إطلاق النار من قبل 3 مرات عبر الفيتو في مجلس الأمن الدولي، رغم أن دورها يفترض أنه أكبر من ذلك ويصل إلى الدفع نحو عملية سلام أوسع وأشمل وليس مجرد حديث عن وقف لإطلاق النار، مشدداً أن على جميع السياسيين الفلسطينيين أن يتحركوا من منطلق وقف القتل الذي يحدث بحق الشعب في قطاع غزة وهذه الحرب القائمة على الإبادة.
يأتي هذا في وقت نقلت وكالة رويترز للأنباء ما قالت إنه "تسريبات من اجتماع برلماني مغلق"، تفيد بأن نتنياهو أشار إلى إمكانية الشروع في المرحلة الأولى من الخطة الأمريكية لإنهاء الحرب في غزة، لكنْ دون ضرورة للالتزام باتفاق بشأن المرحلتين التاليتين، على نحو يشير إلى احتمالية دخول إسرائيل في هدنة مبدئية رغم استبعاد الحكومة الإسرائيلية وضع نهاية للحرب في غزة على نحو ما تطالب به حركة حماس.