تحولت المظاهرات في شرق كردستان وإيران، والتي اندلعت بعد مقتل جينا أميني على يد "شرطة الأخلاق" التابعة للدولة الإيرانية، تحت شعار "المرأة ، الحياة ، الحرية"، إلى ثورة جديدة للمرأة والشعوب، وظهرت خلال هذه الفترة آراء مختلفة حول شعار "المرأة ، الحياة ، الحرية".
وتحدثت عضوة أكاديمية علم المرأة (جينولوجي)، نجيبة قرداغي، لوكالة فرات للأنباء-ANF حول هذا الموضوع وحقيقة وأصل فلسفة "المرأة ، الحياة ، الحرية".
وسيتم نشر المقابلة الخاصة مع قرداغي على جزأين، وسيتركز الجزء الأول بشكل أكثر حول أصل وحقيقة فلسفة "المرأة ، الحياة ، الحرية" ومؤسسها.
وتطرقت قرداغي في بداية حديثها إلى الشعار، وقالت: "تصدح في الآونة الأخيرة ، شعار "المرأة ، المرأة ، الحرية" في جميع أنحاء إيران وشرق كردستان والعالم، فانطلاقاً من البرلمانيين إلى الكتاب والفنانين، تُؤلف الأغاني حوله، وتُكتب المقالات حوله، وتُجرى نقاشات حول هذا الشعار في الجامعات، وتُطرح في الأوساط الأكاديمية، نقاشات قوية حوله، ومن ناحية أخرى، وصل الأمر إلى درجة أن كثيرين أدلوا ببيانات لا أساس لها من الصحة تناقض مضمون ومصدر هذا الشعار، وتُشوه حقيقته، وتُعطى مصادر خاطئة عنه، والسؤال هو، كيف نما هذا الشعار وترسخ؟ وكيف ظهر من الناحية الـتأسيسية والنظرية؟ وأي تطور وإرداة أسسه في المرأة؟ وأي مجتمع خلقه البحث عن الحرية في شخص المرأة؟ هناك العديد من النقاشات حول الموضوع، حيث تدور فقط نقاشات خاطئة ومزيفة حوله، ولإماطة اللثام حول هذه الحقائق، فإن البحث الذي نسعى إليه ونقوله عنه، هو البحث عن الحقيقة، فكيف يمكن لهذا النقاش أن يصل إلى الحقيقة."
شعار "المرأو، الحياة، الحرة" هو ثورة
وتحدثت قرداغي عن تاريخ ومؤسس فلسفة شعار "المرأة ، الحياة ، الحرية" الذي استخدمه قائد الشعب الكردي لأول مرة بالدليل الموثوق، وقالت: إن شعار "المرأة ، الحياة ، الحرية" ليس مجرد شعار يصدح الآن في الميادين والشوارع وعلى مستوى الثورة، بل إنه شعار يرقى إلى مستوى ثورة اجتماعية وديمقراطية، ففي إيران وشرق كردستان هو مجرد شعار فحسب، بل شعار "المرأة، الحياة، الحرة" هو فلسفة، ونموذج ووجهة نظرمن أجل حياة حرة، وكيف يُجعل صيغة الحياة الحرة مثل هذه الصيغة، ففي الأساس، إن جوهر الثورة الثانية، وإذا جاز التعبير، هي ثورة للمرأة، وثورة ثقافية وثورة ديمقراطية واجتماعية، وهي الثورة الثانية في الشرق الأوسط، فجميعنا يعلم بأن الثورة الأولى كانت ثورة العصر الحجري الجديد، ونشهد حالياً الثورة الثانية في الشرق الأوسط، فهذه الثورة هي ثورة ضد الثورة المناهضة للثورة، ومرة أخرى ظهرت بترخيص ضد تلك المؤسسات المناهضة للثورة، تلك المؤسسات المناهضة للثورة القائمة على مفهوم الدولة الذكورية والسلطوية، فإن رحم مزوبوتاميا السفلى هي في الأساس كانت مناهضة للثورة ضد الثورة الأولى للمرأة في تاريخ مزوبوتاميا. والآن، يمكننا القول بأن الفلسفة النموذجية لشعار "المرأة ، الحياة ، الحرية" هي سمة من سمات القرن الحادي والعشرين التي ظهرت ضد هذه الثورة المناهضة، ويعود تاريخ فلسفة "المرأة، الحياة، الحرية" إلى السنوات التي كسبت حركة حرية المرأة للإدراة وإلى الاستجابة لجميع المقاومات التي نشأت في تاريخ الإنسانية ضد المؤسسات المناهضة للثورة، وتوصلت حركة الحرية الكردستانية، بقيادة القائد أوجلان، إلى قناعة بأن التغييرات في الشرق الأوسط ستؤدي إلى اندلاع ثورة، تتولى زمام المبادرة والقيادة، وتوصل مرة أخرى دور المرأة إلى مرحلة القيادة ليس من خلال التجديدات النهضوية، لأن تعريف المرأة بأنها هي العبدة الأولى للاحتلال الأول، والطبقة الأولى قد تم ترسيخه، ويمكن في شخص المرأة مرة أخرى أن تلعب إرادة المرأة دوراً فعّالاً، وليس من خلال التجديدات في مؤسسات الدولة وأيضاً المؤسسات القائمة على الذهينة الذكورية، ولا يمكن تأسيسها إلا من خلال ثورة جذرية وفلسفة جديدة بنموذج جديد، ولهذا فإنهن الآن في الميادين، وهي نتيجة لثورة جذرية واجتماعية وثقافية وحتى أنها بمثابة ثورة لترسيخ إرادة المرأة والمجتمع في كافة جوانب الحياة، لقد تم قمع إرادة المرأة والمجتمع وتأسيس إدراة سلطوية ذكورية بدلاً عنها، ولم تُؤخذ إرادة المرأة بعين الاعتبار، حيث تم تهميشها بطريقة أخرى، واُستبعدت المرأة من حقيقتها، واخفيت حقيقتها عن المجتمع، لقد كانت الثورة ضرورة حتمية، من أجل إقصاء كل هذه السلطة الممارسة على المجتمع والمرأة، حيث أن هناك ثورة اجتماعية وثقافية جذرية، وإن طاقة المرأة التي كانت محصورة من قِبل السلطة، أخرجتها مرة أخرى والتي كانت تُعتبر فقط كوجود بيولوجي لخدمة المحيط، ولإنجاب الأطفال، وليس لها دور في أي جانب من جوانب الحياة، وإن هذه الطاقة تدفقت إلى مجالات الحياة، وأعطت مرة أخرى معنى للحياة، وحققت بهذه الإرادة انطلاق الثورة، ويمكننا القول بهذا المعنى أن أصل " المرأة، الحياة، الحرة" يمكن اعتباره كـ عملية، فصحيح أن "المرأة، الحياة، الحرة" يُنظر له كـ شعار، ولكن في الحقيقة يجب أن يُنظر إليه على أنه عملية، ومرحلة تمر خطوةً بخطوة ."
وتحدثت عضوة أكاديمية علم المرأة، نجيبه قرداغي، عن آراء قائد الشعب الكردي عبد الله أوجلان حول المرأة والفلسفة الكامنة خلف هذا الشعار، وأولت اهتماماً بآراء أوجلان حول هذا المسألة، وقيّمت قائلةً:
جذور فلسفة "المرأة والحياة والحرية هو "إن لم تتحرر المرأة، فلن يتحرر المجتمع"
"لقد قال القائد أوجلان في نيسان 1989 ، في مقالة ،"إن المرأة جزء من لا يتجزأ من الحياة"، وهي جزء لم يتجزأ من الحياة، فعندما نقول المرأة، فهذا يعني الحياة، لذلك فهي أكثر من مجرد شيء، ولا ينبغي اعتبار المرأة كـ مادة فقط، ويجب أن يُنظر إليها كـ أداة فاعلة وموهوبة، وهذا يعني أن القائد أوجلان يريد منا ألا نطور الحل في شخص المرأة فقط، بل نسعى جاهدين من خلال شخص المرأة تطوير المجتمع بأسره، ويقول القائد أوجلان؛ "إنها أيضاً حاجة ضرورة للحرية، وإن حرية المجتمع لا تتحقق إلا من خلال حرية المرأة، فالمرأة الحرة يمكنها أن تبني مجتمعاً حراً"، وقد قالت ماريا ميس: "إن المرأة هي آخر احتلال"، ولكن يمكن للقائد أوجلان أن يقول أكثر من ذلك؛ "المرأة هي احتلال لعبودية الطبقة الأولى والأمة الأولى في التاريخ، وإن لم تزول الظلمة المفروضة على المرأة، فلن يتم إزالتها من المجتمع كله، ولا حتى من واقع المرأة، ويجب علينا الانطلاق في البداية من المرأة"، وقد أطلق هذه العملية عبر مرحلتين، الأولى هي أنه جعل لدى المرأة فكر ورأي وأيديولوجية الحرية، وطور تلك المرحلة خطوة بخطوة، ومن ناحية أخرى جعل للمرأة مؤسسات مستقلة، وهذا الأمر هام للغاية، وهذا هو جوهر فلسفة ونموذج "المرأة، الحياة، الحرة"، حيث اُعتبرت حركة حرية المرأة كـ جوهر إرادة المجتمع بأسره، ولهذا السبب، لم يتعامل مع المرأة بشكل تكتيكي، ولم يحصل أن تنضم المرأة ولا أن يتم التعامل معها تكتيكياً، فعلى عكس من ذلك، رسخ القائد أوجلان حرية المرأة في جوهر حرية المجتمع، لقد كانت بالنسبة لحركة حرية المرأة الكردستانية كـ قضية إستراتيجية، وعندما نتحدث عنها بهذا الشكل، فإن الأمر ليس بهذه السهولة ولم يجري بين ليلة وضحها، أو سنة وسنتين، بل تم من خلال صعوبات كبيرة جداً، وقد مرت المسألة بمراحل عديدة مختلفة من النواحي التأسيسية والنظرية، ويمكن للمرء القول، أنه في السنوات الأربعين الماضية، جلبت الكثير من الصعوبات معها تطورات كبيرة جداً، سواءً من الناحية النظرية أو العملية،
وإحدها من الناحية النظرية المؤسساتية، هي استقلالية المرأة، ونظرية الانفصال، فمن أجل تحقيق استقلالية المرأة يجب عليها أن تبني نفسها على أساس فصلها عن الرجل من الناحية الذهنية والجسدية، فالمرأة التي لا تستطيع بناء نفسها، والمرأة التي لا تعطي معنى لوجودها، والتي لا تدرك وجودها ومعرفتها، أن تبني مجتمعاً، ولا يمكنها أن تحرر نفسها والرجل أيضاً، وهذا التنوير، في الواقع، كان القائد أوجلان قد اتخذه كأساس في نظرية الانفصال."
"عندما يُسمع صوت شهار "المرأة ، الحياة ، الحرية "في الميادين، فإن المرحلة تتجه نحو مجتمع هذه الفلسفة الثورية"
وتحدثت قرداغي عن مراحل التغيير والتحول التي تجريها هذه الفلسفة ضمن المرأة والمجتمع وأيضاً الرجل، مشيرةً إلى هذه الخصوصيات الخاصة، وقالت: "تطورت نظريات أخرى في حركة تحرير المرأة من أجل التغيير والتحول للرجل، كما طورت نظرية القتل الذكورية، وأكثر من ذلك مفهوم النسوية الذي يركز فقط على تطوير المرأة ومعرفة الذات الشخصية للمرأة، وأكثر من ذلك أظهرت برنامجاً من أجل التغيير والتحول لدى الرجل، وكانت أيضاً في إطار فلسفة "المرأة ، الحياة ، الحرية"، بالإضافة إلى ذلك، في المراحل التي تلت ذلك التعايش الحر، أيديولوجية تحرير المرأة ، ومبادئها الوطنية، والنضال، والتنظيم، والإرادة الحرة والفكر ، والأخلاق-الجمالية، هذه المبادئ الأساسية الخمسة لإيديولوجية النضال من أجل تحرير المرأة مقابل الإيديولوجية التسلطية التي تستعبد المجتمع، وتأسر في شخص المرأة المجتمع بأسره، كانت إيديولوجية التحرر، فأيديولوجية تحرر المرأة لم تتبنى أيديولوجية كمبدأ فحسب، بل استحوذت على إرادة المجتمع بأسره، لكي تتعرف المرأة على نفسها، ويرجع الرجل إلى طبيعته والعبء القائم منذ 5 آلاف إلى 6 آلا سنة مضت، لدرجة أن الرجل سلّم بهذه الحقيقة، وقد كانت أيضاً الرجوع إلى طبيعته، لذلك كانت مرحلة استجوابية مقابل الرجل، لقد كانت مرحلة استجواب ضد الرجل، والرجوع إلى الذات في مقابل شخصه، وبالنسبة لتلك المراحل كانت أعوام الثمانينيات والتسعينيات مرحلة مؤلمة ومثيرة للغاية، لقد كانت المرحلة مؤلمة جداً في ذات الوقت بالنسبة لحركة حرية كردستان وحركة حرية المرأة، وظهرت صراعات المجتمع الكردي، بسبب تطهير العقول والشخصيات الاستعبادية والطبقية، فالاستعباد الذي ظل قابعاً لآلاف السنين على ذهنية المجتمع، يمكن الخلاص منه فقط من خلال هكذا نموذج وفلسفة، لقد كانت تلك المرحلة بمثابة عملاً شاقاً، ومرحلة نضالية أيضاً، لذلك، كان الدورالأساسي للقائد أوجلان بشكل مباشر في النضال، حيث ناضل ضد الشخصية التقليدية للمرأة، التي كانت لها دور صغير في الحياة، وفي الوقت نفسه، لا يريد تحرير المرأة من الرجل المتسلط، ولا يريد أن تأخذ تلك المرأة مكاناً إلى جانب المرأة الطموحة، ولهذا السبب، خاض القائد أوجلان صراعاً كبيراً ضدهما، فالكتب التي كُتبت وجُمعت، والنضال الذي تم الخوض في غمراه، شاهدةً على هذا الأمر، لذلك ، يمكن للمرء القول، بشكل مباشر أن مرحلة مفهوم التأسيس والنظرية التأسيسية قد مرت بمراحل مختلفة، ففي سنوات التسعينيات، وبالأخص من ناحية أخرى، اجتاز تأسيس حركة حرية المرأة مراحل عديدة، حيث طورت مرحلة تأسيسية متماثلة للمرأة من الناحية النظرية والعملية، وكانت المراحل الثلاث المتتالية من تنظيم المرأة في سياق التنظيم العسكري والحزبي والنظام الكونفدرالي، مراحل مهمة للغاية في التنشئة الاجتماعية لهذه الفلسفة، والآن عندما يترددُ شعار "المرأة ، الحياة ، الحرية" في جميع الساحات، فهي في الواقع تخطو مرحلة نحو التنشئة الاجتماعية لهذه الفلسفة وهذه الثورة، فالمرحلة التي نقول عنها أنها جلبت معها التجيّش، فهي لم تكن تجيشاً من قبل المرأة فقط، فإن انضمام المرأة إلى صفوف الثورة، وإلى النضال، فهذا يعني الآن أن المرأة باتت حرة، أو أن الرجل الذي ينضم إليها بات حراً، فإنه ليس بهذا المعنى، وهذا يوصل المعركة إلى مرحلة أخرى، فتجيّش المرأة هي في الأساس مرحلة من التغيير والتحول في شخصية المرأة والرجل، ولأن انضمام المرأة في النضال العسكري والسياسي الاجتماعي والاقتصادي والأكاديمي والنظري والعملي هي بشكل عام في مرحلة انتقام، تشكلت مرحلة انتقام مقابل الذهنية الممتدة لـ 5 آلاف عاماً مضت، فالانتقام من الذهنية الذكورية، التسلطية، والرأسمالية هي مرحلة انتقامية، وإن الأمر لا يقتصر فقط على مرحلة الانتقام، فمرحلة المقاومة ما زالت متواصلة، وتحمل معها مرحلة من مراحل عملية البناء، فنحن حالياً في مرحلة بناء هذا النظام الكونفدرالي، وكون أن تجيّش المرأة أسس من بعده الحزبية، تم تأسيس حزب للمرأة، وهو حزب لا يقوم على مبدأ حقوق المرأة وحدها، بل إنه حزب يتمتع بحقوق المرأة ويعزز إرادة المرأة ويبني بشكل منهجي برنامجاً للنضال ضد الذهنية الذكورية والتسلطية، وفي الوقت نفسه، تناضل من أجل شخصية الرجل الحر، فالرجل مجبر على النضال، ففي المرحلة السابقة، لم تكن المرأة التي لم تكن واعية، واختيارها للحياة مع من، والنضال مع من، وأين تنضم إلى المجتمع مع الرجل، لم تكن قضية المرأة موجودة، حتى أن قضية المرأة لم تكن في مواجهتها، ماذا تلبسين، كيف تتحدثين، كيف تضحكين ضمن المجتمع، فعند تأسيس أسرة، ليس لديك أي قرار بالولادة، فالقرار لم يكن في يد المرأة، فالمرأة لم يكن لديها الحق حتى في تناول الطعام على المائدة، هذه الهوية والنضال من أجل تغيير هوية المرأة جلبت مرحلة أخرى من النضال، لذلك، لقد أحدث تجيّش المرأة والحزبية الحقيقة تغييرات كبيرة في المجتمع، يمكننا القول أن هذه ثورة بكل معانيها، ثورة اجتماعية ديمقراطية حقيقية، وللقائد أوجلان في هذا التغيير الاجتماعي دوراً أساسياً وحاسماً، وقد قال القائد أوجلان على الدوام في جميع تحليلاته، "يجب على المرأة أن تعزز بإرادتها وتنظيمها ونضالها مرحلة تطوير الثورة، وأن تثق بنفسها وتتطور"، ففي الفترة التي تلت التسعينيات، بُذلت جهوداً كبيرة من أجل تكون المرأة صاحبة إرادة وتحافظ على نفسها وتنظم نفسها وتبني استقلاليتها الخاصة."