جزرة ترامب وأوراق أوكرانيا المحروقة ... بوتين يبحث عن "كلمة الكبار" ليُفاوض كييف

يبدو أن الذهاب إلى مفاوضات بين روسيا وأوكرانيا أمام عثيرات عديدة، رغم أن رئيس أوكرانيا زيلينسكي أبدى استعداده للتفاوض مباشرة مع بوتين.

بينما تشتد المعارك على الأرض بين روسيا وأوكرانيا، وتزداد التطلعات إلى أن يلعب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب دوراً إيجابياً في إنهاء الحرب ووضع حل للأزمة – كما وعد – لا تزال المياه راكدة، ويبدو أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي أراد إلقاء حجر فيها حين قال إنه مستعد للتفاوض المباشر مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.

ويجمع مراقبون للأزمة أن الكل كان ينتظر أن يتعجل ترامب في طرح خطته، والواقع يقول إن روسيا لا تعير اهتماماً بشأن اتخاذ أي خطوة للأمام كاستجابة لرئيس أوكرانيا، وإنما تنتظر بدورها تحرك عملي من الرئيس الأمريكي باعتبار واشنطن صاحبة الكلمة في كييف، وهنا السؤال هل التفاوض قريب أم لا يزال بعيداً؟

السر في خطة ترامب

لا يتوفر وصف.

يقول الدكتور خليل عزيمة الباحث والأكاديمي المختص بالشأن الأوكراني إنه بشكل عام بدء المفاوضات بين روسيا وأوكرانيا يعتمد على ما هي خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب، لكن إلى الآن لا توجد أي معلومات سواء من سيد البيت الأبيض أو فريقه عن خطة ايقاف الحرب والتفاوض.

ولهذا اعتبر "عزيمة"، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أنه من المبكر الحديث عن عملية تفاوض قريبة وإنهاء الحرب سريعاً كما صرح ترامب دائماً؛ في ظل أنه من غير المعلوم بعد وجود خطة، وذلك رغم التصريحات الروسية والأوكرانية بالاستعداد للمفاوضات، مؤكداً أن الفجوة لا تزال واسعة بين شروط الطرفين والتي سيكون على الرئيس الأمريكي العمل على تقليصها.

بل يذهب الأكاديمي المتخصص في الشأن الأوكراني إلى أن هناك مؤشرات تؤكد أنه على العكس من ذلك، فإن الحرب قد تستمر؛ مدللاً على ذلك بطلب ترامب من أوكرانيا الاستثمار في المعادن النادرة الموجودة لديها مقابل السلاح، وموافقة كييف على ذلك، إلى جانب التصريحات الروسية الغامضة حول الاتصال بين ترامب وبوتين، معتبراً أنها مؤشر على أنه لم يكن هناك أي توافق في هذا الاتصال.

وليست هذه المرة الأولى التي يصرح فيها زيلينسكي أنه مستعد للتفاوض مباشرة مع بوتين، رغم أن كييف تحظر التفاوض المباشر معه منذ سبتمبر/أيلول 2022، في رد وقتها على إعلان موسكو السيطرة على 4 مناطق أوكرانية رئيسية وهي لوجانسك ودونيتسك وزابوريجيه وخيرسون، واعتبارهم أراض روسية.

تقارب بوتين وترامب؟

لا يتوفر وصف.

بدوره، يؤكد الدكتور آصف ملحم مدير مركز JSM للأبحاث والدراسات في روسيا أن استئناف المفاوضات بين موسكو وكييف أمر بعيد المنال، محملاً الولايات المتحدة مسؤولية تلك الصعوبات في ظل قناعة واشنطن بأنه يمكنها الضغط على الجانب الروسي من خلال تقديم ما يمكن تسميته بـ "جذرة" لإرضائه كتخفيف العقوبات، أو محاولة إعادة تأهيل السيل الشمالي ليضخ الغاز الروسي نحو أوروبا، ويعتقد الجانب الأمريكي أنه يمكنه إغراء الروس بتلك الطريقة.

وأضاف، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن أوكرانيا تقول إنها مستعدة للتفاوض، لكن أوراقها عملياً محروقة للغاية، فتناور بورقة السيطرة على "كورسك" رغم أنها لم تسيطر إلا على مساحة صغيرة للغاية، كما أن الوضع على الجبهة بالنسبة لها غير مبشر على الإطلاق في ظل التقدم الروسي.

ويرى ملحم أن واشنطن لا تريد حلاً دائماً للأزمة الأوكرانية، وإنما تريد تخفيف زخم المعارك فقط؛ بهدف كسب ود روسيا من أجل المواجهة مع الصين، إذ أن ترامب يعتقد أن الخصم الرئيسي له الصين وليس موسكو، كما أن الطرف الأوروبي مستاء من أن الرئيس الأمريكي يريد تنسيقاً مع الروس دون أن يأخذ في الاعتبار مصالح القارة العجوز، تزامناً مع ظهور أصوات لا ترى في روسيا دولة معادية.

وكان مايك والتز مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي قال إن ترامب سيوكل الضمانات الأمنية الخاصة بأوكرانيا إلى أوروبا، مؤكداً أن ترامب يعتزم إنهاء الصراع، كما أشار إلى أن المحادثات ستعقد في أوروبا هذا الأسبوع مع وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، ووزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث، لمناقشة تفاصيل التسوية.

في المقابل، كان نائب وزير الخارجية الروسي سيرجي ريابكوف صرح هذا الأسبوع بأنه يجب تلبية جميع شروط الرئيس بوتين، لإنهاء الصراع في أوكرانيا قبل إمكانية التوصل إلى أي تسوية، مشدداً على أنه كلما أسرعت الولايات المتحدة والغرب في فهم ضرورة تلبية جميع شروط الرئيس الروسي، كلما كان التوصل إلى تسوية أسرع.

كلمة الكبار

لا يتوفر وصف.

هنا، يقول الدكتور نبيل رشوان الخبير السياسي في الشأن الروسي، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن الأمور بمنتهى البساطة أن روسيا لا تريد من الأساس أن يكون التفاوض مع الرئيس الأوكراني؛ لأنها تعلم أن الولايات المتحدة هي صاحبة القرار، وكأنها تبحث عن كلمة من الكبار والتفاهم معهم.

وأوضح أن هناك قنوات دبلوماسية تعمل، والرئيس الأوكراني يقدم التنازلات يوماً تلو الآخر، ويبدو أنه قد أحرق كل أوراقه التي كان يمكن أن يلعب بها خلال أي عملية تفاوضية، في المقابل فإن بوتين يلاعب رئيس أوكرانيا على شرعيته، فقد طرح من قبل الحاجة إلى إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، وبالتالي لا يتعلق الأمر بالنسبة لموسكو على أشياء ترتبط بالوضع على الأرض، أو حدود ما قبل 2014، أو حدود ما قبل 2022.

وفي فجر 24 فبراير/شباط من عام 2022 شنت روسيا حربها على أوكرانيا تحت مسمى "العملية الخاصة"، والتي قال بوتين إنها ضرورة لحماية الأمن القومي الروسي في ظل انسياق الرئيس الأوكراني خلف "أطماع حلف الناتو التوسعية"، في المقابل وصفت كييف الأمر بالغزو والعدوان الذي يجب أن يتوقف.