تزايد استخدام الذكاء الاصطناعي والمعلومات البيومترية في الشرق الأوسط

ازداد عدد الأشخاص الذين يستخدمون المعلومات البيومترية الشخصية في الشرق الأوسط، حيث يشعر الخبراء بالقلق من أن الأنظمة القمعية ستستخدم هذه البيانات ضد المعارضة.

وفي مقابلة مع DW الألمانية، أعربت يانا جوروخوفسكايا من منظمة فريدوم هاوس، وهي منظمة مراقبة الديمقراطية ومقرها الولايات المتحدة، عن مخاوفها بشأن استخدام التكنولوجيا البيومترية التي تسمح للحكومات القمعية بتعزيز التعاون الوثيق، ووفقاً لها، أصبح جمع البيانات البيومترية أكثر شيوعاً في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى.

وتنطوي المعلومات البيومترية على أي علامة فريدة قد تحدد هوية الشخص بما في ذلك بصمات الأصابع المستخدمة منذ أواخر القرن التاسع عشر وأيضا الحمض النووي المستخدم في التحقيقات الجنائية منذ أواخر الثمانينات.

بيد أن اليوم طرأ الكثير من التطور على مجال المعلومات البيومترية إذ باتت أكثر تنوعا وشمولا بما في ذلك بصمة راحة اليد وشكل الوجه ومسح قزحية العين وشكل شحمة الأذن وصولا إلى طريقة التنفس والمشي فيما قد يحمل المستقبل طريقة الكتابة والتوقيع ونبرة الصوت.

لكن استخدام المعلومات البيومترية لتحديد هوية الأشخاص ليس بالضرورة يحمل في طياته تداعيات سلبية إذ يتم الاستعانة بهذه التقنية لصالح البشر على سبيل المثال استخدام بصمة الأصابع لتشغيل الهواتف الذكية وتطبيقاتها.

ويدخل في إطار مجال المعلومات البيومترية ما يُطلق عليه أنظمة "تحديد الهوية البيومترية عن بعد" التي تُعرف اختصارا بـ "آر بي أي" التي تستخدم لمقارنة الصفقات الفريدة للشخص بقاعدة بيانات كبيرة تضم العديد من الصفقات الأخرى لأشخاص أخرين فيما يشبه ذلك فانتازيا هوليوود حيث ترصد كاميرا رقمية طائرة أحد الجناة وسط حشد من الناس بعد أن استطاعت مطابقة عينه أو شحمة أذنه أو حتى مشيته لتحديد أنه الشخص الذي تبحث عنه السلطات الأمنية.

وأثارت هذه التنقية مخاوف المنظمات الحقوقية نظرا لأنها تنطوي على استخدام الذكاء الاصطناعي.

وفي هذا السياق، قالت إيلا جاكوبوسكا، الخبيرة البارزة في "شبكة الحقوق الرقمية الأوروبية" ومقرها بروكسل، إن الأمر برمته يتعلق بالطريقة التي جرى تطوير هذه التكنولوجيا خلال السنوات القليلة الماضية.

وأضافت "هناك مؤشرات على حدوث تغيير جذري مثل الطرق المختلفة التي يمكن من خلالها التعرف على شخص ما وتتبعه وأيضا قدرة البرنامج على التعرف على الصفات الشخصية قد تضاعفت على مدى السنوات الخمس الماضية إذ لم يعد الأمر منحصرا على تحديد هوية شخص استنادا إلى صورته بل يمكن تحديد هويته عن طريق شكل رجله وأقدامه أثناء المشي".

وحذرت من أن "هذه التطورات جعلت تقنيات تخزين البيانات ومعالجتها يتم بطريقة سريعة وغير مكلفة أكثر من أي وقت مضى حيث يمكن التعرف على الكثير من الأشخاص بسرعة كبيرة وعلى نطاق واسع وهو ما يزيد من احتمالات حدوث عمليات مراقبة جماعية تعسفية".

والجدير بالذكر أن جميع دول الشرق الأوسط تستخدم المعلومات البيومترية في المطارات والمعابر الحدودية فيما روجت الإمارات بقدرتها على القبض على محتال استخدم بطاقات ائتمان مزيفة بعد تحديد هويته عن طريق شكل أذنيه رغم تنكره.

كذلك قامت دول مثل قطر والسعودية والإمارات بجمع معلومات بيومترية كجزء من إجراءات الحصول على الخدمات الحكومية أو حتى لأغراض تسجيل الناخبين كما الحال في العراق.

لكن الخبراء يقولون إن كل هذه المعلومات يمكن استخدامها بطريقة مختلفة وأكثر ضررا في الوقت نفسه.

وتتفق في هذا الرأي أمبا كاك، مديرة "معهد الذكاء الاصطناعي الآن" في نيويورك، قائلة إن "التكنولوجيا يمكن أن تمكن الحكومات من فرض سيطرتها على مواطنيها عن طريق أنظمة المراقب الجماعية وهو ما يثير مخاوف خطيرة على الحياة السياسية وحياة المواطنين بشكل عام، ودعت إلى فرض حظر كامل على أنظمة “تحديد الهوية البيومترية عن بعد، مضيفة، لا يوجد بديل آخر لأن قوانين الخصوصية وغيرها لن تساعد وهذا لا ينحصر على بلدان الشرق الأوسط بل يشمل أيضا الولايات المتحدة وأوروبا".

يسعى الاتحاد الأوروبي ليكون الأول في العالم الذي يتبنى إطارًا قانونيًا للحد من تجاوزات الذكاء الاصطناعي.