أجرى وفد من الإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، مؤلف من ممثل الإدارة الذاتية في أوروبا عبد الكريم عمر، وممثل الادارة في ألمانيا خالد درويش، لقاءين منفصلين في مبنى البرلمان الألماني في العاصمة برلين، مع كل من البرلماني عن الحزب الاشتراكي الحاكم مايكل مولر، والبرلمانية عن الحزب اليساري غوكاي آكبولوت.
وجرى خلال هذين اللقاءين التطرق إلى التطورات والمستجدات الأخيرة في سوريا عموماً، ومناطق الإدارة الذاتية بشكل خاص، كما تم تبادل وجهات النظر بشأن آفاق الحل السياسي وسبل إنهاء الأزمة السورية.
وتطرق عبد الكريم عمر إلى تعثر العملية السياسية في سوريا، وعزا ذلك إلى: "غياب النوايا الصادقة لدى أطراف العملية السياسية، وفقدانها لزمام المبادرة؛ لكونها تدور في فلك بعض القوى الإقليمية، وبالتالي تعمل لخدمة أجندات ومصالح تلك القوى، البعيدة كل البعد عن طموحات وتطلعات السوريين المشروعة".
ولفت عمر إلى الحاجة لإطلاق عملية سياسية حقيقية يشارك فيها ممثلون عن كافة شرائح ومكونات الشعب السوري، وأوضح: "تتواصل الضغوط الإقليمية من أجل استبعاد ممثلي حوالي خمسة ملايين مواطن سوري في شمال شرق البلاد، ونرى أن أية عملية سياسية تفتقد إلى التمثيل الحقيقي لعموم السوريين لن يكتب لها النجاح، والعمل بهذه العقلية الإقصائية لا يخدم أي طرف، لأنه سيقود حتماً إلى تبعثر جهود الحل وإطالة أمد الصراع".
من جهة أخرى، تطرق عمر إلى تردّي الأوضاع الإنسانية في مناطق شمال وشرق سوريا جراء الاستهدافات التركية المتكررة، وقال: "إن الدولة التركية ترتكب جرائم حرب في مناطقنا، وذلك عبر هجماتها المتكررة التي تستهدف بصورة ممنهجة البُنى الخدمية الحيوية، من محطات الطاقة والكهرباء والمياه وغيرها، وقد تسببت الهجمات الأخيرة في تدمير كلي لغالبية تلك المرافق الحيوية، ويفتقد حالياً أكثر من مليون شخص لتلك الخدمات الأساسية".
وذكر عمر بأن بعض القوى الإقليمية تستغل الحرب الدائرة في غزة لزيادة هجماتها على مناطق الإدارة الذاتية، وأضاف: "أن الدولة التركية زادت في الآونة الأخيرة من هجماتها على مناطقنا مستغلة انشغال المجتمع الدولي بأزمة غزة، وقد شنت منذ اندلاع الحرب في غزة هجومين واسعين تسبّبا في خسائر بشرية ومادية كبيرة".
وأضاف عمر: "إن هذه الاستهدافات والانتهاكات تؤدي إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، وأن من شأن استمرارها أن تقود إلى موجة هجرة جماعية جديدة باتجاه أوروبا، كما أن المستفيد الأبرز من هذه المحاولات لزعزعة الأمن والاستقرار في مناطقنا هو تنظيم داعش الإرهابي، الذي يستغل أي فراغ أمني حاصل جراء الهجمات لزيادة نفوذه وتعزيز صفوفه".
وبشأن ملف معتقلي وعوائل داعش، قال عمر: "هناك الآلاف من المعتقلين الدواعش في السجون بمناطقنا، فضلاً عن عشرات الآلاف من أطفال ونساء التنظيم داخل المخيمات، ويشكل هؤلاء جميعاً قنبلة موقوتة لا يمكن التكهن بموعد انفجارها، ورغم المخاطر الكبيرة المنطوية على إبقاء هذا الملف دون حل، يواصل المجتمع الدولي التهرّب من مسؤولياته متجاهلاً جميع نداءات الإدارة الذاتية للتعامل معها بهذا الشأن".
من جهتها، قالت البرلمانية غوكاي آكبولوت: "من الضروري ألا تحوّل الحرب في غزة الأنظار عن مناطق شمال وشرق سوريا، فتلك المناطق تمرّ بتحديات كبيرة وتتعرض لجرائم وانتهاكات من قبل الدولة التركية، وعلى المجتمع الدولي أن ينهض بمسؤولياته حيالها".
وأضافت آكبولوت: "لقد تواصلنا مع حكومتنا وعبّرنا لها عن الحاجة لإرسال لجنة لتقصي الحقائق والوقوف على الجرائم والانتهاكات التركية في شمال وشرق سوريا، وذلك أسوة بما قامت به في أوكرانيا".
وأكدت البرلمانية أكبولوت أنهم طالبوا الحكومة الألمانية رسمياً بوقف: "التعاون العسكري مع تركيا، وخاصة في مجال تزويدها بتكنولوجيا الطائرات المسيّرة، التي تستخدمها أنقرة لقتل المدنيين وتدمير البنية التحتية في مناطق شمال وشرق سوريا، وهذه كلها انتهاكات مصنّفة كجرائم حرب بموجب القوانين الدولية".
بدوره، قال البرلماني مايكل مولر إنهم يتابعون التطورات في منطقة الشرق الأوسط، وأضاف: "من دون شكّ أن الحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس ألقت بظلالها على مجمل الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، وكما هو واضح فإن لها أيضاً تداعيات على مناطق شمال وشرق سوريا، ونحن بدورنا نعمل من أجل ألا تتوسع دائرة الصراع وتخرج الأمور عن السيطرة".
وشدّد مولر على حساسية ملف داعش، وقال: "إن التهديد الإرهابي لا يزال قائماً، وهو لا يشكل خطراً على المنطقة وحدها بل إنه خطر عابر للحدود ويهدد العالم أجمع، ولذا نعتقد بالحاجة إلى ضرورة مواصلة التحالف الدولي مهامه في شمال وشرق سوريا لمواجهة الإرهاب، وكذلك أن ينهض المجتمع الدولي بمسؤولياته في دعم قوات سوريا الديمقراطية في معركتها ضد الإرهاب، فضلاً عن دعمه مساعي تثبيت الأمن والاستقرار بمناطق الإدارة الذاتية، وتقديم الدعم الإنساني اللازم لها".