الصراع الأمريكي الصيني حول مياه نهر ميكونغ
اتهامات أمريكية للصين بالتحكم في تدفق المياه إلى دول المصب عبر 11 سداً على الجزء العلوي من النهر، والصين ترد بأن السدود ساعدت في تقليل نسبة الجفاف في البلاد.
اتهامات أمريكية للصين بالتحكم في تدفق المياه إلى دول المصب عبر 11 سداً على الجزء العلوي من النهر، والصين ترد بأن السدود ساعدت في تقليل نسبة الجفاف في البلاد.
في وقت سابق اتهم مسؤولون أمريكيون وعلماء متخصصون في مجال البيئة، اليوم الجمعة، الصين بالتحكم في تدفق نهر ميكونغ إلي دول المصب عبر سلسلة من السدود أنشأتها بكين علي الجزء العلوى من النهر الذى يتشاركه في حوضه 6 دول، في خطوة تشير إلي أن ذلك النهر أصبح جبهة جديدة للتنافس والصراع الجيوسياسي بين الولايات المتحدة والصين.
وذكرت وكالة رويترز للأنباء في تقرير مطول لها، أن الصراع بين واشنطن وبكين انتقل مؤخراً إلى نهر ميكونغ، حيث تروج كل من الحكومتين الأمريكية والصينية لتقارير مختلفة حول ما إذا كانت سدود الصين الـ 11 على النهر تضر بالدول الأخرى.
ولفتت الوكالة إلي أن سدود الصين أعطتها سيطرة واسعة على المياه التي تتدفق إلى لاوس وميانمار وتايلاند وكمبوديا وفيتنام، التي كانت تعتمد منذ فترة طويلة على النهر في الزراعة ومصائد الأسماك، وبشكل متزايد لتوليد الطاقة الكهرومائية في لاوس.
وأوضحت الوكالة أن هذه السيطرة تمكن الصين من وضع جدول أعمال التنمية المرتبط بذاك الممر المائي، واستبعاد الولايات المتحدة من تلك العملية بعد عقود من الترويج للمشاريع المرتبطة بنهر ميكونغ كوسيلة لممارسة نفوذها في المنطقة.
ويعد نهر ميكونغ، ثاني عشر أطول نهر في العالم، يتدفق من أعلى هضبة التيبت، وصولاً إلى بحر الصين الجنوبي، ويبلغ طوله 4350 كيلومترا (2700 ميل)، ويجتاز عدة بلدان وهى الصين وميانمار ولاوس وتايلاند وكمبوديا وفيتنام.
ويقول وايتون، من مجموعة ميكونغ للطاقة والإيكولوجيا: "تحولت مسألة نهر ميكونغ إلى قضية جيوسياسية بين الولايات المتحدة والصين، مثل بحر الصين الجنوبي".
ويشكل نهر ميكونغ مصدر قلق لأكثر من 70 مليون نسمة يعتمدون علي مياهه المتدفقة من الصين في الزراعة وصيد الأسماك.
وشهد العام الماضي جفافاً قياسياً، حيث كانت مستويات النهر السفلي هي الأدنى منذ عقود، وتم الإبلاغ عن كميات أقل وأصغر من الأسماك.
ويقول مسؤولون أمريكيون أن الصين تحاول "تهميش" لجنة نهر ميكونغ التي تم تشكيلها منذ 25 عاماً.
ويعود تاريخ إنشاء لجنة نهر ميكونغ إلى جهود الولايات المتحدة لتعزيز التنمية خلال الحرب الباردة، وهي تعمل مع حكومات لاوس وتايلاند وكمبوديا وفيتنام لتعزيز المشاركة والتنمية المستدامة للنهر وموارده.
في حين ردت وزارة الخارجية الصينية وقالت: "إن أي تلميح أمريكي بأن بكين تحاول السيطرة على محادثة ميكونغ لا أساس له، مضيفة: "يجب على الدول خارج المنطقة أن تمتنع عن إثارة المشاكل من لا شيء".
واندلعت حرب كلامية بين الولايات المتحدة والصين بعد أن خلصت دراسة ممولة من واشنطن في أبريل إلى أن السدود الصينية أعاقت تدفق المياه خلال الجفاف الذى حدث العام الماضي.
وبنت الدراسة التي أجرتها شركة "Eyes on Earth "، وهي شركة أبحاث واستشارات أمريكية متخصصة في المياه، نموذجا للتنبؤ استنادا إلى التصوير عبر الأقمار الصناعية وبيانات لجنة نهر ميكونغ التي قالت إنها أظهرت المياه المنقوصة، بدءً من عام 2010.
وقال السفير الأمريكي في كمبوديا، باتريك ميرفي إنه "فوجئ تماما بتلك النتائج الصارخة"، مضيفا أن "المصدر الأساسي لتناقص منسوب المياه في منطقة نهر ميكونغ السفلى، هو ما يحدث في الجزء العلوي من النهر فى الصين حيث يتم تخزين المياه".
وردت الصين بغضب، حيث نددت سفارتها في تايلاند بالدراسة، ووصفتها بأنها "ذات دوافع سياسية، وتمثل استهداف للصين"، الأمر الذى نفته الشركة ومسؤولون أمريكيون.
ونشرت صحيفة "جلوبال تايمز" الصينية، الأسبوع الماضي، تقرير حول دراسة صينية وصفتها بأنها تدحض الدراسة الأمريكية، وجاء التقرير تحت عنوان "سدود الأنهار في الصين ساعدت في التخفيف من حدة الجفاف على طول لانكانغ ميكونغ".
لكن الدراسة التي أجرتها جامعة تسينغوا والمعهد الصيني للموارد المائية قالت إن سدود الصين يمكن أن تساعد في المستقبل على التخفيف من حدة الجفاف، وليس أنها فعلت ذلك بالفعل عام 2019، وفقًا لنسخة حصلت عليها رويترز.
من جهته، قال سيباستيان سترانجيو، مؤلف كتاب "في ظل التنين" الذى يتناول علاقات دول جنوب شرق آسيا مع الصين، إن جيران الصين من دول المصب يعتمدون عليها الآن للحصول على مورد للحياة، ومن الصعب عليهم تحدي الحكومة الصينية علنا بشأن بناءها لسدود.
وأشار تقرير في وكالة رويترز أن الدول الأعضاء في لجنة نهر ميكونغ تمتنع عن اتخاذ أي موقف علني، سواء لصالح الدراسات الأمريكية أو الصينية.
وتعرضت مجموعة لانكانغ ميكونج لانتقادات من جانب السفير الأمريكي لدى تايلاند، مايكل ديسومبر، الذي وصفها بأنها "منظمة موازية" للجنة نهر ميكونغ.
وقال ديسومبر: "نشجع الصين على العمل مع لجنة نهر ميكونغ، بدلاً من محاولة تهميشها من خلال إنشاء منظمتها الخاصة التي تسيطر عليها".
وعلى الرغم من التحذيرات الأمريكية، يقول المسؤولون في لجنة نهر ميكونغ إنها ترحب بالتعاون مع كل من مجموعة لانكانغ ميكونغ للتعاون والصين.
ويعود ذلك إلى أن اللجنة وحكومات الدول الأعضاء فيها تريد المزيد من البيانات حول أعمال السدود الصينية، ففي عام 2002، بدأت بكين في إخطار دول المصب بموعد إطلاق المياه التي يمكن أن تسبب الفيضانات، لكن الصين لم تكشف عن أي شيء آخر لتمكين دول المصب من وضع الخطط وطلب تعديلات في تدفق مياه النهر.