تبرئة الجناة أو تخفيف العقوبة تزيد من تعنيف الأطفال

تسبب عنف الشرطة التركية وضربهم للأطفال في نصيبين في إحداث حالة من الاحتقان بين الأهالي، كما أن العديد من الأطفال الكرد قتلوا على أيدي الشرطة التركية خلال الأعوام العشرين الماضية، وبالرغم من ذلك لم يتخذ بحقهم الإجراءات القانونية ولم يعاقبوا على جرائمهم.

تركيا هي إحدى الدول المعروفة بسوء السمعة من حيث إساءة معاملة الأطفال وانتهاك حقوقهم، كما أن أعداد حالات الاغتصاب الوحشي ضد الأطفال، واعتقال الأطفال وعمالة الأطفال في الأعمال الثقيلة، إلى جانب الأطفال الذين يفقدون حياتهم في مناطق الحرب والذين يقتلون على أيدي قوات أمن الدولة، مرتفع للغاية.

في نصيبين وفي ظل انتشار وباء كورونا،  لحق أحد رجالات الشرطة التركية طفل كان يلعب في الشارع وضربه بعنف، مما أثار حالة من الاستياء لدى الرأي العام، مما أدى الى فتح التحقيق بحق هذا الشرطي، ولكن عندما انتهي الاحتجاج عاد الشرطة الى عمله، وبالنظر الى هكذا اعمال في تركيا، يتبين لنا أن مجازاة عناصر الشرطة والمسؤولين على ممارساتهم هذه تكون بمثابة مكافأتهم، والتهاون في فرض العقوبة عليهم، يجعل الأطفال أكثر عرضةً للاستهداف من قبل قوات الأمن.

أطفال الحجارة

أكثر المستهدفين في المناطق الكردية هم الأطفال، ليس فقط من جانب الشرطة، بل حتى من قبل قوات الجيش أيضاً، في عام 2010 وبتغيير القانون المدني التركي الخاص بالأطفال الذين يرمون الحجارة، أصبحوا عرضة للاتهام " الأطفال المُحَرَضين على ارتكاب الجرم" وبذلك أصبح بالإمكان معاقبة الأطفال ما دون سن الخامسة عشرة.

في حين تتم محاكمة الأطفال دون سن الخامسة عشر، يتم تبرئة قتلة الأطفال أو تخفيف أحكامهم، في المناطق الكردية خاصة وحتى عام 2015، اي خلال إحدى عشر سنة في ظل حكم حزب العدالة والتنمية (AKP)،  قتل /241/ طفل حسب إحصائيات منظمة حقوق الإنسان التركية، و 477 طفل حسب إحصاءات منظمات المجتمع المدني.

وبتاريخ 28 كانون سنة 2011 في مجزرة روبوسكي والتي راح ضحيتها/ 34/ مدنيا كان من بينهم /19/ فرداً أعمارهم دون الـ/18/عاماً، مثال آخر بحسب إحصاءات منظمة حقوق الانسان (IHD) في آمد سنة 2019 وخلال عشر سنوات قتل /36 / شخصاً من بينهم ستة عشر طفلاً نتيجة دهسهم بالعربات المدرعة، وخاصة أثناء الحصار في العامين 2015- 2016حيث قتل الكثير من الأطفال بإطلاق الرصاص من هذه العربات، /بيشنك كوران /12 / سنة، نيدار سومر/17 / سنة، محمود كولاك /16 / سنة، موغدات آي/ 12 / سنة، جميلة جاكركا /10 / سنوات، طاهر يارامش /35 /يوم، أليف شمشك /8 / سنوات، براءة كوزل /12 / سنوات، رمضان كوموش /14 / سنة، هداية تك /4 / سنوات، إسراء شالك /2 / سنوات، مسلم إلهان/ 8 / سنوات، أنس أردم/ 9 / سنوات، هؤلاء هم عدد من الأطفال الذين قتلوا أثناء الحصار، عام 2015 في منطقة جزير التابعة لشرناخ أصيبت المواطنة كولر يانالاك وهي حامل في الشهر السابع بجروح بليغة  في بطنها بطلقة مما أدى الى موت جنينها، وفي عام 2015 قتلت المواطنة ميراي بطلقة قناص وهي في منزلها، كذلك جرح العديد من الأطفال أثناء الحصار.

لم يتغير الوضع في السنوات السابقة كما توضح من تقرير منظمة حقوق الانسان (IHD)، من قتل الأطفال برصاص قوات الأمن أو عن طريق الدعس على الألغام، أو من خلال التعذيب الذي مورس عليهم في المعتقلات.

تبرئة الشرطة أو تخفيف حكمهم

يا ترى كم من المسؤولين عن هذه الحوادث تمت محاكمتهم ..؟  كما شوهد في الأحداث الأخيرة، فقد بدأت التحقيقات في الادعاءات ضد المتهمين وتمت محاكمتهم مؤخراً، ومع ذلك الرأي العام التركي يعلم جيداً أن محاكمة المتهمين بقتل الأطفال لم تكن عادلة ولم تعطي النتيجة المرجوة.

وكما هو معلوم أن اوغور قايماز ووالده اغتيلوا بتاريخ 21 تشرين الثاني من عام 2004 في ناحية قوسر التابعة لولاية ماردين، وعلى الرغم من مرور 16 عاماً، إلا أن العدالة لم تأخذ مجراها بعد، بل تمت تبرئة أربعة من عناصر الشرطة المدانين جميع عناصر الشرطة الأربعة المدانين في القضية، كما صادقت المحكمة العليا على براءتهم، على الرغم من أن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان فرضت غرامة بقيمة (140,000) ليرة تركية بحق تركيا، إلا أن طلب إعادة المحاكمة قوبل بالرفض، ولا تزال القضية معلقة في المحكمة الدستورية.

بتاريخ الرابع من أيار من عام 2017 في منطقة سلوبي التابعة لشرناخ قتل محمد يلدرم (7) وأخوه فرقان يلدرم وهما نائمين في منزلهما بواسطة آلية مدرعة، ونتيجة محاكمة سائق المدرعة المدعو /عمر يغيت/ فقد تم الحكم عليه بالسجن مدة سنتين وستة أشهر فقط، وخففت المحكمة حكمه الى سنتين وشهر واحد ومن ثم أعادت حكمه بتغريمه 19 ألف ليرة تركية. 

الفاعل ما زال مجهولاً

في الــ 28 من أيلول عام 2009 فقدت المواطنة جيلان أونكول حياتها،  جراء  سقوط قذيفة هاون على منطقة لجي التابعة لولاية آمـــد،  وما زال الفاعل مجهولاً، حيث لم يقبل الادعاء تقديم الشكوى بخصوص القضية، حيث راجعت عائلة المغدور محكمة حقوق الإنسان الأوروبية مرتين، وادعت هذه المحكمة بأنه لا يوجد هناك انتهاك في القضية، وأغلق ملف القضية بعد /5/ سنوات من قبل محكمة الدولة في لجي، عائلة المغدورة ومحامو منظمة حقوق الانسان (IHD ) أعادوا فتح القضية في وزارة الداخلية، لكن المحكمة الاستشارية عطلت قرار منح التعويضات لعائلة جيلان أونكول بتاريخ السادس عشر من أيار من عام 2019.

تخفيف الحكم بسبب حسن السلوك

في منطقة جزير التابعة لشرناخ وبتاريخ 14 كانون الثاني من عام 2015 و عندما كان يلعب الطفل نهاد كازانهان ذو الـ12 عاماً أمام منزله قتله رجال الأمن التركي، حيث حكم على الشرطي في القوات الخاصة المدعو (م .ن .ج ) قاتل كازانهان بالمؤبد، وبعدها خفف حكمه الى 16 سنة وبعدها تم تخفيف الحكم بحجة (حسن السلوك) الى 13 سنة و4 أشهر، كما تمت تبرئة الشرطي المدعو ( هـ . ف ) لنفس الحجج والأسباب.