تركيا ومؤامرات الإخوان وسيادة سوريا .. رسائل حاضرة في قمة القاهرة الثلاثية
حملت القمة الثلاثية بالقاهرة التي ضمت مصر وقبرص واليونان، اليوم، العديد من الرسائل على صعيد الوضع في سوريا، وكذلك تدخلات تركيا حتى لو لم تذكر أنقرة صراحة.
حملت القمة الثلاثية بالقاهرة التي ضمت مصر وقبرص واليونان، اليوم، العديد من الرسائل على صعيد الوضع في سوريا، وكذلك تدخلات تركيا حتى لو لم تذكر أنقرة صراحة.
وعقدت اليوم في العاصمة المصرية القاهرة قمة ثلاثية ضمت الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى جانب نظيره القبرصي نيكوس خريستودوليديس، ورئيس وزراء اليونان كيرياكوس ميتسوتاكيس، وهي القمة التي وإن عقدت في إطار دوري، إلا أنها تأتي في توقيت بالغ الأهمية، لا سيما تأكيد القادة الثلاثة ضرورة إطلاق عملية سياسية شاملة في سوريا، ورفض أي تدخلات خارجية في شأنها.
والتعاون بين مصر وقبرص واليونان بالأساس فرضته تحديات تتعلق بالتوغلات التركية في منطقة شرق البحر المتوسط، والتنقيب غير المشروع عن الثروات، لا سيما بعد إبرام اتفاق مشبوه مع حكومة طرابلس الليبية، ومن ثم كانت الحاجة إلى تعاون مشترك لمواجهة أطماع أنقرة، وفي نفس الوقت إطلاق مساحة للتعاون الاقتصادي المشترك بين الدول الثلاث.
سوريا والوضع في المنطقة
وفي البيان الختامي لهذه القمة، جرى التأكيد على أن مصر وقبرص واليونان يتابعون التطورات الأخيرة في سوريا، وأكدوا أن هذه المرحلة الخطيرة من تاريخ سوريا تتطلب جهوداً متضافرة من شعبها من أجل إطلاق عملية سياسية شاملة تحت ملكية وطنية سورية، دون تدخل أجنبي، تشمل جميع الأحزاب الوطنية السورية.
كما أعرب قادة الدول الثلاثة في البيان الختامي عن قلقهم الشديد بشأن الانتهاج المنهجي لسيادة سوريا، مشديدن على ضرورة احترام وحدة سوريا واستقلالها وسيادتها وسلامة أراضيها ضمن حدود آمنة، وفقاً للقانون الدولي، وشددوا كذلك على ضرورة حماية أعضاء الأقليات الدينية والعرقية والحفاظ على الثرات الثقافي لسوريا.
المنطقة لا تتحمل المغامرات
وفي كلمته، قال الرئيس السيسي إن المنطقة لا تتحمل المزيد من المغامرات التي قد تهز استقرارها وتعصف بدولها، وتؤثر سلباً على مقدرات شعوبها، مضيفاً أن "الوقت حان لإحكام العقل والأخذ بالاختيارات السليمة وتجنب المزيد من الحروب والدمار والكراهية".
وذكر الرئيس السيسي كذلك أن مناقشاته مع القادة تطرقت إلى الأوضاع في سوريا، حيث جرى التأكيد على التطلع لتحقيق طموحات الشعب السوري في الاستقرار والأمن، والتشديد على وحدة وسلامة سوريا وأن تتسلم العملية الإنتقالية بالشمولية والتعددية، في إعادة تأكيد منه على الموقف المصري الراسخ منذ سقوط نظام بشار الأسد، ووصول هيئة تحرير الشام المدعومة تركياً إلى السلطة.
نفس الأمور السابقة، أكدها الرئيس القبرصي ورئيس وزراء اليونان، لا سيما التأكيد على ضرورة احترام السيادة السورية، والابتعاد عن التدخلات غير المشروعة في شؤون الدول، وقد أشارا في نفس السياق إلى ضرورة حل الأزمة القبرصية، و"إنهاء الاحتلال التركي" لبعض من الأجزاء القبرصية، حسب ما جاء في المؤتمر الصحفي المشترك.
رسائل حول سوريا
في هذا السياق، يقول طارق البرديسي الخبير في العلاقات الدولية، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن كلمة الرئيس السيسي حملت رسالة مهمة بشأن عملية التحريض التي تقوم بها الأبواق الإعلامية لجماعة الإخوان الإرهابية، ومحاولة التشبيه بأن ما جرى في سوريا سيحدث في مصر، في استمرار لحالة "الغياب عن الواقع" لدى هذا التنظيم.
ويلفت البرديسي إلى أن الرئيس السيسي أكد أن المنطقة بالفعل لا تتحمل المغامرات، ومن هذا فإن سوريا لا تتحمل مغامرات ومقامرات جديدة من شأنها تفجير الصراعات وتوسيعها، ولهذا فإن وجود عملية سياسية شاملة لكافة المكونات خاصة الكرد، لا إقصاء فيها لأحد، وتوقف التدخلات وعدم الارتهان بأجندات خارجية، هو الضمانة الرئيسية لتجنب أي سيناريوهات يصعب تحملها.
ويأتي هذا في وقت يشن النظام التركي ضربات عدوانية تطال بعض المناطق في شمال وشرق سوريا، حيث الغالبية السكانية الكردية، بل تحشد قواتها وتهدد بعملية عسكرية في مدينة كوباني، تحت مزاعم محاربة الإرهاب الكاذبة، وهي العمليات التي راح ضحيتها المدنيين والأبرياء، وتطال العديد من منشئات البنى التحتية.
النظام التركي وورقة الإخوان
يقول الدكتور رامي عاشور أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن تركيا لم تذكر صراحة في مسألة التدخلات، لكنها هي المعنية بالأساس إلى جانب أطراف أخرى مثل إيران وإسرائيل، لأن النظام التركي يدعم هيئة تحرير الشام بقوة كبيرة، وذلك لأنه يريد تقديمها كنموذج إخواني ناجح بعد الهزائم التي طالت الجماعة في مناطق أخرى.
وأضاف عاشور أنه على إثر ما حدث في سوريا انطلقت عملية التحريض ضد الدولة المصرية، والدعوة إلى الاحتجاجات لا سيما من الأبواق الإعلامية الإخوانية الإرهابية، والتي تأتي وسط اعتقادات من التنظيم الدولي للإخوان أنه يمكنه العودة إلى مصر مرة أخرى، وبالتالي نصبح أمام وحدة إخوانية مصرية سورية.
ويستدرك أستاذ العلاقات الدولية المصري قائلاً: "إلا أن هذا درباً من الخيال، فالشعب المصري هو من أسقط الإخوان في ثورة 30 تموز عبر احتجاجات شعبية واسعة النطاق انحاز لها الحيش المصري، والشعب لن يقبل بعودتهم مرة أخرى"، مشيراً إلى أن النظام التركي "يلعب دوراً في هذا" من خلال دعمه لهيئة تحرير الشام.
ورغم التهدئة الرسمية بين مصر وتركيا وعودة العلاقات الدبلوماسية وتبادل الزيارات على مستوى القادة والمسؤولين رفيعي المستوى، إلا أنه لا يزال هناك الكثير من الملفات التي تشكل بواعث قلق وعدم ارتياح لدى القاهرة، على رأسها الدعم التركي لجماعة الإخوان الإرهابية، وأجندة أنقرة التدخلية في سوريا وليبيا.
جدير بالذكر أن هناك تسريبات عن عزم تركيا إبرام اتفاق لترسيم الحدود البحرية مع حكومة دمشق التابعة لهيئة تحرير الشام، وهو الأمر الذي أثار انتقادات واسعة، ربما تذكر بالاتفاق المشبوه الذي أبرمته أنقرة قبل سنوات مع حكومة طرابلس الليبية، ما أثار انتقادات واسعة، لا سيما أن اتفاق مصيري كهذا لا يجب إبرامه إلا في ظل مؤسسات سورية راسخة.