هؤلاء الأشخاص، اصحاب الاحذية الحمراء غير آبهين بظروف الطقس والمناخ، دون أيّما تردد أو تباطؤ، غيرَ معدّين أيّة حسابات ... تذكّروهم! هم، هم من أيقظوا الناس من غفلتهم وقالوا "لا حرية للمجتمع ما لم تكن النساء أحرار" في حين لم يكن أحدٌ في الأرجاء يعتبر النساء حتى من نصف المجتمع. هم، هل تذكرتموهم؟ أولئك الذين انقذوا النساء من أيادي الظلّام وأسدلوا السواد عنهن من المتاجرين بهنّ في الأسواق والبازارات. هل تذكرتم أولئك الذين حينما بادرت داعش بالهجوم، مضوا إلى كركوكَ، سنجار، كوباني وأربيل، وعادوا ظافرين إلى جبالهم؟ هل تذكرتم أولئك الذين هبّوا لنجدة الأمهات حين جُزِرَ أطفالهنّ أحياءَ بحدِّ السيوف؟ حين يكون الأمرُ تحرير شعبٍ؛ هل تذكرتم أولئك الساهين عن عطشهم، غافلين جوعَهم، ساهين عن تعبهم، متناسين سُهادهم وأرقهم، سائرين، بل حتى راكضين؟
رفاقُ من هؤلاء؟
هم رفاقُ أولئك الذين حين أٌريد فرض دناءة حياة رخيصة عليهم، فضّلوا الموت المشرّف، وسلّموا أجسادهم إلى الجوع يلتهمهم، مهاجمين مُغيرين على الموت؛ هم محاربو القائد معصوم كوركماز، الذي أسقط مقر جيش الاحتلال التركي في إروه خلال سبع دقائق.
هم مقاتلو زينب كناجى، زيلان، التي صيّرت الفاشية رماداً في ساحة الجمهورية بمدينة ديرسم حين قالوا: "سُدّت السُبُل أمامَهم". يخوضون حرب حرية؛ لأجل ريحان جباري التي أعدمت في إيران بعد أن دافعت عن ذاتها وقتلت مغتصِبَها وفضحت عملاء الاستخبارات؛ لأجل فريناز خوسرافاني التي رمت بذاتها من أعلى البناء حين علِمت اغتصابها؛ ولأجل زينب جلاليان التي لا تزال أسيرة زنازين إيران لأعوام فقط لحلمها بكردستان حرة. هم محاربو حركة حرية، حين قُطِّعت الشابة أوزكَجه أسلان إرباً إرباً من قبل ذكور دولة فاشية ورميت في الأدغال، نادت حتى قبل شعب تركيا، "علينا الانتقام لأجل أوزكَجه". هم المطالبون بتحقيق العدالة لأولئك الذين يتبعون السيد الحسين إذ بذل نفسَه لأجل كربلاء، مطالبون لتحقيق العدالة لأردال أَر الذي زوّرت الحكومة الفاشية أوراقه الثبوتيّة، معمّرة إياها ربيعاتٍ لم يرَها، لتتمكن من إعدامه وهو لا يزال في مقتبل دنياه. هم أحفاد نوري ديرسمي الذي أمَّنَ شبيبة كردستان الغيورة بوصيته، "الانتقام! لأجل تنقية الأوساخ التي ألحقت بشرف كردستان، الانتقام!" أحفادُ رنديخان، التي رمَت بنفسها وعمرها من فوق جسر صادحة، "لن أستسلمَ لكم!" مسلِّمةً جسدها لماء النهر. هم رفاق رستم جودي الشاب الذي هتف كذلك، "قائدتي هي بيريتان، أنا أيضاً لن أستسلم لكم!" ورمى بأعوامه الأربع والعشرين من سفوح جبال حفتانين.
إن سألتموني، سأقول تذكّروهم. تذكّروهم فقلبُ الكون، قلب الوجود، يخفقُ فيهم الآن. هم كريلا قوات حماية الشعب وحرية المرأة، السائرين على درب الحياة الحرة.
بينما كل شيء يستهلك، يخوضون حرباً للمعنى؛
يحاربون لأنهم أقسموا أن يحيوا كلَّ شيءٍ في حاله الأولّ، في عصرٍ أمسى كل شيءٍ فيه فاقداً لمعناه، أن يعيدوا إحياء المعاني، والأحاسيس. يحاربون كي لاتموت أي امرأة أخرى، أي محاميّة أخرى في الزنازين الدنيئة لهذه الدولة كـإبرو تِمتَك المضربةً عن الطعام في بحثها عن العدالة.
يحاربون لئلَّا تتوَّج عروش الظلم في الشرق الأوسط. يحاربون لأجلي، لأجلكم، لأجلنا، لأجل الجميع. لذا، يخفق الكون في قلب الـكريلا، وتخفق الـكريلا في قلب الكون. والآن يسطرون ملحمة جديدة، يحاربون في معركة حفتانين ضدَّ الخونة من الكرد الذين أمسوا قطاع طرقٍ، قوات مضادة للثورة، أكبادهم لا تساوي خمسة قروش، وهم يتقدمون الاحتلال، ضدَّ الجيش التركي الذي أمسى الدم عينَه، والصدأُ قلبَه والقتل روحَه.
هم الـ كريلا التي تحارب الآن في حرب حفتانين، حربٌ لكسب المعنى في كونٍ تاهَ عن معناه، صادحينَ، "بالإمكان خلق حياة أخرى" مؤمنين، رغم كل شيء، بضرورة إنقاذ هذا الكون، إذ أمست مكان اللا معنى، اللا حس، اللا إحساس، اللا فكر. لذا، قلبُ هذا الكون يخفق الآن حيثما تطأ أقدام أصحاب هذه الأحذية الحُمر. إن كنتم ترغبون في الاستماع إلى قلب الكون، فيمّموا صوبَ حفتانين. فالآن، قلبُ الكون هو حفتانين.