مصر وإدارة تحرير الشام.. هل تخمد خطوات الأخيرة مخاوف القاهرة؟
خطوات عديدة قامت بها الإدارة التابعة لهيئة تحرير الشام؛ ذات صلة بالعلاقة مع مصر، التي يمكن اعتبار "الشك والريبة والتوجس" من قبل القاهرة عنوانها الأبرز.
خطوات عديدة قامت بها الإدارة التابعة لهيئة تحرير الشام؛ ذات صلة بالعلاقة مع مصر، التي يمكن اعتبار "الشك والريبة والتوجس" من قبل القاهرة عنوانها الأبرز.
شهدت الفترة الماضية قيام الإدارة التابعة لهيئة تحرير الشام بخطوتين مهمتين؛ الأولى كانت القبض على الإرهابي المصري أحمد عاطف الشهير بـ "أحمد المنصور"، الذي خرج في مقاطع مصورة يسيء إلى الدولة المصرية ومؤسساتها، ويعلن تأسيس حركة مسلحة مناهضة للنظام المصري.
أما الخطوة الثانية فكانت تقارير عدة تحدثت عن رفض الإدارة التابعة للهيئة استقبال بعض الشخصيات المصرية عبر تركيا، والمطلوبة لتنفيذ أحكام تتعلق بالإرهاب، على نفس شاكلة أحمد المنصور، وسط مطالبات مصرية للهيئة بإثبات حسن نواياها تجاه العلاقات مع القاهرة.
وتتعدد بواعث الحذر المصري – كما هو حال بعض الدول العربية – من توجهات هيئة تحرير الشام بعد سيطرتها على حكم سوريا، عقب سقوط نظام بشار الأسد قبل نهاية العام الماضي، خاصة وأن مصر خاضت مواجهة شرسة مع تيارات الإسلام السياسي والتطرف، وهنا السؤال: إلى أي مدى تساهم الخطوات السابقة في الحد من تلك المخاوف؟.
ليس بعد؟
يقول إسلام الكتاتني الباحث السياسي في شؤون حركات الإسلام السياسي إن هذه خطوات جيدة، لكنها غير كافية، لأن مصر بالأساس تتعامل مع مجموعات معروف خلفيتها جيداً؛ فهي ليست مجرد تيارات إسلام سياسي وإنما جماعات إرهابية، وبالتالي سيبقى الحذر سيد الموقف بين القاهرة ودمشق تحت إدارة هيئة تحرير الشام.
وأضاف الكتاتني، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أننا أمام خطوات أولية من سلطة دمشق، ولا نستطيع استصدار أحكام نهائية بشأنها، بسبب خطوات الهيئة التي تثير الشكوك؛ التي حسب معلومات كان آخرها نقل عدد من المرتزقة إلى ليبيا وتحديداً إلى الجنوب قرب الحدود المصرية السودانية الليبية، وهذا أمر يثير مخاوف حول دافع إرسال هؤلاء، لا سيما أن ما جرى في سوريا ليس ثورة وإنما اتفاق وأجندة جرى تنفيذهما، حسب رأيه.
ويقول الكتاتني أن بواعث الترقب المصري لا تقتصر على ذلك فقط، بل تمتد إلى ممارسات الهيئة داخل سوريا، خاصة وأنه يجري عملية "طلبنة" للمجتمع السوري، وفرض بعض الأشياء الدينية على السكان، ونشر الخطاب المتشدد، خلافاً للخطاب الرسمي للهيئة، ولهذا فإن الموقف المصري سيبقى هكذا، ولهذا وصفت القاهرة السلطة الحالية في سوريا بـ"سلطة الأمر الواقع".
استياء مصري
وعقب الفيديو الخاص بالإرهابي أحمد المنصور ثم القبض عليه، ذكرت مصادر أمنية مصرية، وفق وكالة أنباء رويترز، أنه على الرغم من أن القاهرة لم تطلب بشكل مباشر اعتقاله، إلا أنها عبرت عن غضبها من عودة ظهور المنشقين المتشددين في سوريا، خلال اتصالات استخباراتية مع دول أخرى، مُضيفة أن الجانب المصري يشعر أن الاضطرابات في سوريا قد تساعد مثل هذه الفصائل على إعادة تنظيم صفوفها.
وتقول تقارير عدة إن هناك نحو 70 إرهابياً مصرياً على الأقل ينشطون ضمن هيئة تحرير الشام، فيما أشارت تسريبات إعلامية إلى منح بعضهم رتباً وتعيينهم في القوات الأمنية التابعة للهيئة، لا سيما بعد تأكيد أبومحمد الجولاني عزمه منح الجنسية لبعض المقاتلين الأجانب كنوع من "المكافأة" لهم، وفق تصريحاته.
هنا يمكن أن تتغير طبيعة العلاقات
يقول محمد فتحي الشريف مدير مركز العرب للأبحادث والدراسات إن مصر تحترم بشكل كامل كافة خيارات الشعب السوري، وتدعم حقه في العيش بحرية وأمن واستقرار، لكن في الوقت ذاته لن تكون مرتاحة على الإطلاق لأي خطوات من شأنها تحويل الأراضي السورية إلى نقطة لتصدير الاضطرابات والإرهاب ودعوات الفوضى في المنطقة.
وأضاف، في حديث لوكالة فرات للأنباء (ANF)، أن القاهرة تخشى كذلك تبعات استئثار الإدارة التابعة لهيئة تحرير الشام بكافة المناصب، خاصة القيادية، وما يستتبع ذلك من إقصاء لبعض الأطياف والمكونات السورية، ما من شأنه استمرار دائرة الصراعات، وتعاظمها على نحو ربما يهدد وحدة الدولة، ويعرضها للتقسيم، على نحو يضر الأمن القومي المصري.
ويعتقد الشريف أن تلك الحالة المسيطرة على العلاقات بين القاهرة وإدارة هيئة تحرير الشام لن تتغير ما لم تقدم الأخيرة على إجراءات إيجابية أكثر، تتمثل بالأساس في أن تكون حكومة لكل السوريين، وتبتعد عن التنظيمات الإرهابية، وأن تعبر كسلطة حتى لو كانت سلطة أمر واقع عن السوريين وليس عن أجندات لدول إقليمية أو قوى دولية.
ولم تكن مصر من بين الدول التي أرسلت وفوداً لها إلى دمشق بعد سيطرة هيئة تحرير الشام على مقاليد السلطة، وبعد أيام عديدة جرى اتصال هاتفي فقط بين وزير الخارجية المصري ونظيره بالإدارة التابعة للهيئة.
وتعمل الأبواق الإعلامية التابعة لتنظيم الإخوان على استغلال سقوط نظام بشار الأسد في سوريا كورقة للتحريض ضد الدولة المصرية ونظامها، الذي أتى إثر ثورة شعبية في 30 يونيو/حزيران 2013 أطاحت بحكم الجماعة.