غزة بعد الحرب .. فيتو أمريكي – إسرائيلي – فلسطيني ضد حكم حماس

مع سريان المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، كانت الصور الاستعراضية لحركة حماس في القطاع تتصدر المشهد، ومعها تساؤلات حول مستقبل حكمها هناك.

وأثار ظهور مقاتلين تابعين لحماس يشهرون أسلحتهم علناً في قطاع غزة على متن سيارات جدلاً واسعاً؛ من حيث طبيعة الرسائل التي أرادت أن تصلها، لا سيما تأكيد حضورها في اليوم التالي للحرب، وأنها لا تزال جزءاً فاعلاً في المشهد الغزاوي والفلسطيني، حتى لو لم تكن تلك الحركة التي كانت قبل أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول.

نجحت إسرائيل بلا شك في إضعاف حماس التي تحكم قبضتها على غزة منذ عام 2007 تقريباً، إلا أن الحركة لا يزال لها وجودها، وحكمها يبدو قائماً بدرجة ما على الأرض، لكن هنا كانت التساؤلات عديدة بشأن بقائها حاكمة في القطاع، الأمر الذي يصطدم مجازاً بـ "فيتو أمريكي – إسرائيلي – فلسطيني".

الموقف الأمريكي

الموقف الأمريكي من استمرار حكم حركة حماس في غزة يمكن الوقوف عليه من خلال تصريحات مستشار الأمن القومي الأمريكي مايك والتز، الذي قال لشبكة "سي إن إن" الأمريكية، بشكل واضح وقاطع إن "حماس لن تحكم غزة أبداً، نقطة من أول السطر".

ولم ينف المسؤول الأمريكي البارز أن تكون هناك محاولات من قبل ما وصفها بـ "جيوب حماس" لحكم القطاع، إلا أنه يؤكد أن "الطريق ستكون صعبة في المستقبل أمامهم"، ما يعني أن واشنطن ربما تتخذ إجراءات أو تدعم ضربات تحول دون ذلك السيناريو في القطاع، وقد يكون ذلك بمساعدة حليفتها إسرائيل.

لا يتوفر وصف.

حول تفسير تلك التصريحات، يقول الدكتور نبيل ميخائيل أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن، في اتصال هاتفي لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن إدارة دونالد ترامب لن تسمح بعودة حركة حماس لحكم قطاع غزة، لكنها في الوقت ذاته ستراقب الموقف ولن تسمح لإسرائيل بتنفيذ أي ضربات من شأنها خرق اتفاق وقف إطلاق النار.

ويرى ميخائيل أن بعد ما تعرضت له حماس؛ فإنها ستلجأ إلى الحيل والأساليب التي اعتادتها التنظيمات الإسلامية في المنطقة مثل جماعة الإخوان، كأن يخوضوا أي انتخابات قادمة – إن جرت – تحت صفة المستقلين أو مسميات أخرى، مشيراً إلى أن الرئيس الأمريكي الجديد معني بألا تكون العناصر الإسلامية قوية في القطاع، كما هي رؤيته بالنسبة لحكم الإسلاميين في سوريا.

الموقف الإسرائيلي

وعندما شنت إسرائيل أعنف هجماتها على غزة بعد هجوم حماس فجر 7 تشرين الأول 2023، أعلنت عدداً من الأهداف على رأسها إنهاء حكم الحركة في القطاع، أي أن تل أبيب بديهياً لا تقبل بعودة الحمساويين للسيطرة على السلطة في الأراضي الغزاوية.

لكن أتى ظهور مسلحي حماس ليثير الكثير من الأحاديث داخل إسرائيل بشأن مستقبل حكم حماس لغزة، وما إذا كانت تل أبيب حققت هدفها من الحرب أم لا، وهنا قال وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر إن بلاده ملتزمة بتحقيق جميع الأهداف بما فيها تفكيك قدرات حماس الحكومية والعسكرية.

وأقر ساعر أن إسرائيل لم تنجح حتى الآن في التخلص من حماس، ولكنها أحرزت "تقدماً"، وحولتها "من جيش إرهابي إلى جماعات حرب عصابات"، مشدداً على أنه إذا أراد المجتمع الدولي تحويل وقف إطلاق النار إلى اتفاق دائم، فعليه إيجاد كيان بديل حاكم في غزة، دون الإشارة إلى خطة واضحة لآلية الحكم الجديدة، أو ما قد تفعله تل أبيب.

موقف السلطة الفلسطينية

أما عن موقف السلطة الوطنية الفلسطينية التي تعبر بشكل أو بآخر عن حركة فتح، والمسيطرة على الضفة الغربية، فهي رافضة أساساً لحكم حماس في غزة. ومع تطورات الحرب الأخيرة على القطاع عرضت أن تتسلم السلطة فيه بدلاً، إلا أن إسرائيل رفضت ذلك الطرح، مؤكدة أن من يدير غزة يمكن التفاوض بشأنه لاحقاً.

لا يتوفر وصف.

في هذا السياق، يقول الدكتور محمود الهباش مستشار الرئيس الفلسطيني، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن حركة حماس لا يجب أن تستمر في حكم غزة، معتبراً أن هذا يعني استمرار الانقسام الفلسطيني، قائلاً إن إسرائيل مستفيدة من ذلك، وعلى العكس فهي صاحبة مصلحة في أن تبقى حماس حاكمة للقطاع، لتدمير المشروع الوطني الفلسطيني.

ويعتبر الهباش أن حماس حين تحكم غزة فإنها بشكل ما تنفذ أجندة إسرائيلية لفصل القطاع عن الضفة الغربية، داعياً إلى ضرورة عودة الشرعية إلى أراضي غزة ممثلة في منظمة التحرير والسلطة الوطنية الفلسطينية، كما طالب حماس بإجراء مراجعة لكل فترة حكمها للقطاع، مؤكداً فشلها في تجربة الحكم وإقحامها غزة في 6 حروب جعلتها شبه مدمرة بشكل كامل.

واقتراحات الولايات المتحدة الأمريكية سابقاً أن تخضع غزة لإدارة قوات عربية وفلسطينية، إلا أن بعض الدول العربية وفي مقدمتها مصر ترى أن حكم القطاع يجب أن يكون فلسطينياً خالصاً، في إطار مشروع وطني يقوم على تحقيق المصالحة بين فتح وحماس، وإجراء انتخابات وتشكيل حكومة تعبر عن كل الفلسطينيين.

ووسط حديث داخلي عن الفشل في إنهاء حكم حماس، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو صرح قبل أيام أن ترامب منحه الدعم الكامل للعودة للقتال إذا احتاج لذلك، ثم وجه حديثه للإسرائيليين قائلاً: "أعدكم أننا سنحقق كل أهداف الحرب، بما في ذلك تدمير حماس"، مشدداً على أن "المعركة لم تنته بعد".