عودة اللاجئين والمهجرين... تحذيرات من تلاعب أردوغان بتركيبة سوريا الديمغرافية
مع الحديث عن عودة اللاجئين من تركيا عقب سقوط نظام بشار الأسد، تزداد التحذيرات من تلاعب الرئيس التركي بتركيبة سوريا الديمغرافية، خاصة شمال وشرق البلاد.
مع الحديث عن عودة اللاجئين من تركيا عقب سقوط نظام بشار الأسد، تزداد التحذيرات من تلاعب الرئيس التركي بتركيبة سوريا الديمغرافية، خاصة شمال وشرق البلاد.
تأتي المخاوف من أن الاحتلال التركي دأب على تغيير هوية المناطق التي دخلها في شمال وشرق سوريا، من خلال تهجير سكانها الأصليين وفي مقدمتهم الغالبية الكردية، ووضع مخططات ليحل محلهم سوريون من العرب والتركمان، مع رفض عودة المهجرين إلى مناطقهم الأصلية، ما يشكل تلاعباً فجاً بالتركيبة الديمغرافية لتلك المنطقة الواقعة على الحدود التركية.
وسبق أن بنى الاحتلال التركي مستوطنات في شمال وشرق سوريا لتسكين السوريين من غير الكرد فيها، وسط تقارير تؤكد أن بعض تلك الوحدات السكنية بتمويل قطري، وباعتبار أنقرة تستضيف العدد الأكبر من اللاجئين السوريين، فإن مراقبين يؤكدون أن أردوغان يواصل مخططاته بالفعل للتلاعب بتركيبة شمال وشرق سوريا السكانية عبر ورقة اللاجئين.
مؤشرات على أرض الواقع
تقول ليلى موسى ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية "مسد" في القاهرة إنه من المفترض عودة جميع اللاجئين إلى أماكنهم الأصلية بعد تنحي النظام السوري، وعودة أولئك المتواجدين في الداخل السوري من مهجرين، مثل المهجرين إلى عفرين الذين يجب عودتهم إلى المناطق التي هجروا منها كالغوطة وغيرها، وكذلك لا بد من عودة مهجري عفرين أنفسهم إليها.
وأضافت، في تصريح لوكالة فرات للأنباء (ANF) أن ما حصل نتيجة العمليات التي يقوم به مرتزقة الاحتلال التركي مؤخراً أن مهجري عفرين جرى تهجيرهم مرة ثانية إلى مناطق أخرى، مشددة على أن المؤشرات على أرض الواقع تشير إلى أن النظام التركي متعمد المضي قدماً في تنفيذ مخططه بالتغيير الديمغرافي.
ولفتت إلى أن هذا يأتي في ظل تقارير تتوارد من مناطق سري كانيه وكري سبي تشير إلى رغبة لدى السكان بتبادل الأهالي وأن يعود كل إلى مناطق سكنهم الأصلية بعد تنحي بشار الأسد؛ لكن هناك إصرار للإبقاء عليهم كما هم عليه، وعدم السماح لهم بالعودة.
رغبة في الوصاية
وتؤكد السياسية السورية أن أنقرة من خلال التحكم في طريقة عودة اللاجئين، وعمليات التغيير الديمغرافي التي تصر عليها على الأرض، فإنها تعمل على أن تكون رقماً صعباً في المعادلة السورية، وتتمكن من خلال ذلك أيضاً من فرض وصايتها على أي حكومة جديدة في سوريا.
ولفتت ليلى موسى إلى أن المخاوف من قيام تركيا بعمليات التغيير الديمغرافي في شمال وشرق سوريا تأتي بناء على معطيات معاشة على أرض الواقع، معربة عن أملها أن تتعامل أنقرة مع الدولة السورية على أساس حسن الجوار، وليس التدخل وفرض الوصاية على السوريين، وأن يترك حل القضايا المختلفة للسوريين.
أردوغان واستغلال اللاجئين
وملف اللاجئين السوريين أحد أهم الأوراق التي تلاعب بها النظام التركي داخلياً وخارجياً، فعلى الصعيد التركي تم تجنيس جزءاً منهم لتحويلهم إلى كتلة تصويتية لصالح أردوغان وحزبه في الاستحقاقات الانتخابية، خاصة المناطق التي تشهد شعبية مهتزة له، فضلاً عن المتاجرة بهم لكسب مزيد من أصوات الأتراك المتعاطفين مع السوريين وما ألم بهم من قبل النظام السابق.
كما استغل أردوغان ملف اللاجئين لابتزاز الدول الأوروبية؛ فحصل على المليارات من اليورو مقابل استضافتهم وعدم تركهم يتوجهون إلى أوروبا، لكن تقارير من الاتحاد الأوروبي أكدت أن تلك الأموال لم توظف لرعاية هؤلاء اللاجئين، وإنما تم توجيهها لأمور أخرى، فضلاً عن استخدامهم للضغط على أوروبا في ملفات أخرى.
ولم يكتف أردوغان بما سبق، بل استخدم قسماً كذلك من اللاجئين لتوطينهم في المناطق الكردية التي احتلها على مدار السنوات الماضية، بهدف القضاء تماماً على فرص عودة السكان الأصليين لتلك المناطق، بل وربما يستتبع ذلك صراعات داخلية مستقبلاً تضمن لتركيا دولة سورية ضعيفة مفتتة داخلياً.
انتفت الحجة
بدوره، يقول رامي عبد الرحمن مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، في اتصال لوكالة فرات للأنباء (ANF)، إن إعادة تسكين اللاجئين السوريين في مناطق هجر سكانها الأصليين مثل عفرين المحتلة أو كوباني أو تل أبيض تكريس للتغيير الديمغرافي؛ خصوصاً أن تركيا لا تعمل على إعادة نحو 250 ألف كردي هجروا من مناطقهم في عفرين.
ويضيف عبد الرحمن أن الحجة كانت وجود نظام بشار الأسد، وبما أنه سقط فقد سقطت تلك الحجة أو المبرر لاستمرار عدم إعادة السكان إلى مناطقهم الأصلية سواء لاجئين أو مهجرين في الداخل السوري، مشدداً على أن عدم إعادة مهجري عفرين وكذلك مناطق السيطرة التركية تكريس مرفوض للتغيير الديمغرافي.
ويشير مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى أنه في السابق أعاد النظام التركي لاجئين من تركيا، وقام بتوطينهم في بعض مناطق سيطرته في شمال وشرق سوريا، ولم يتركهم ليعودوا إلى المناطق الأصلية التي هاجروا منها إلى الأراضي التركية.
والتغيير الديمغرافي لدولة أو منطقة معينة بالقوة انتهاك واضح لمبادئ القانون الدولي، ويتعارض مع العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية مثل اتفاقية جنيف الرابعة، كما يقع في خانة الجرائم ضد الإنسانية بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1998)، إذا تم تنفيذه كجزء من هجوم واسع النطاق أو منهجي ضد المدنيين، وهو ما ينطبق على ممارسات الاحتلال التركي.