مفكر عراقي: تركيا تريد جر بغداد نحو الحرب القمعية ضد الكرد
أثارت زيارة الرئيس التركي أردوغان إلى العراق وجنوب كردستان كثيراً من علامات الاستفهام، لا سيما وسط مخاوف من جر بغداد للحرب ضد الكرد، وكذلك قضية حصص العراق المائية.
أثارت زيارة الرئيس التركي أردوغان إلى العراق وجنوب كردستان كثيراً من علامات الاستفهام، لا سيما وسط مخاوف من جر بغداد للحرب ضد الكرد، وكذلك قضية حصص العراق المائية.
ولتحليل أكثر لهذه الزيارة، حاورت وكالة فرات للأنباء (ANF) الدكتور تيسير عبد الجبار الآلوسي المفكر والمحلل العراقي، واستعراض رؤيته بشأن زيارة أردوغان إلى العراق والملفات التي طرحت للحوار، وما رافقها من عشرات الاتفاقيات في مختلف الشؤون.
وقد أكد "الآلوسي" أن المعضلة تأتي من نهج الضيف والدولة التركية، التي ارتكبت للتو اعتداءات عسكرية، بقصد الضغط باتجاه جر العراق لصراع يضاعف أزماته ويفرض عليه ما يتعارض ونهجه الفيدرالي المثبت دستورياً.
إلى نص الحوار:
كيف تقرأ زيارة الرئيس التركي أردوغان إلى العراق؟
الأصوات التضامنية مع صوت شعوب كردستان تتعالى، رفضاً لاستمرار النهج العدواني تجاه حقوقها، فيما كان العراقيون يبحثون في زيارة الرئيس التركي عن علاقات متكافئة بين البلدين تقوم على الاحترام المتبادل، بديلاً عن أشكال الأعمال العدائية وارتكاب جرائم بآلية الابتزاز والاستغلال، وأشير هنا إلى أن الحركات الوطنية الديمقراطية العراقية تتطلع إلى معالجة تأخرت طويلاً للملف الأمني بكل ما يتضمنه من اعتداءات تركية عسكرية على السيادة العراقية، وأبعد من ذلك ما بات واجباً ملزماً بوجه فوري عاجل من ضرورة تصفية القواعد والمراكز والنقاط العسكرية وسحب كل أنقرة قواتها بصورة كلية ونهائية، ويجب عدم التلكؤ بهذا لأية ذريعة أو حجة قد تتعكز عليها أنقرة بقصد جر العراق للتورط في اتخاذ موقف يساند النهج التركي القمعي تجاه القضية الكردية.
هل يمكن أن ينجر العراق إلى هذا الفخ التركي؟
باختصار هذا الملف التركي لا يمكن للعراق أن يكون طرفاً فيه، والأبعد أن العراق عالج ملفاً شبيها بتبني الحكم الفيديرالي، ما يتعارض مع توريط بغداد في الصراع الدائر بتركيا مع الكرد بالمخالفة مع دستوره ومع حلول البنية السلمية العميقة للقضية الكردية في جنوب كردستان.
ماذا عن مسألة استيلاء تركيا على المياه العراقية؟
هذا بعد آخر مهم للزيارة، فالجانب التركي يصادر حصة العراق في مياه نهري دجلة والفرات، وتستمر في التعامل مع النهرين الدوليين العابرين للحدود وكأنهما نهرين تركيين منبعاً ومصباً، على نحو يخالف الحقيقة الجغرافية لهما، علماً أن نسبة مجراه في العراق أطول مما هي في الأراضي التركية وغيرها.
لكن تركيا أفرجت عن جزء من المياه، ألا يمثل ذلك نوعاً من حسن النوايا؟
إذا كانت تركيا قد أطلقت كمية جد محدودة بوقت سابق، فقد فعلت ذلك بذات النهج على أساس هدية أو مكرمة، بخلاف ما يلزم أن يكون من حصة ثابتة مستقرة وفق القوانين والعهود الدولية المعمول بها بشأن الأنهر الدولية عابرة الحدود، إن الموقف العراقي هنا ينبع من حق الشعب في مياه النهرين بحصة تتناسب ومسافة الجريان ونسبتهما بغض النظر عن أية مواقف سياسية أو غيرها، وأي مناورة أو تهاون في هذا سيمنح الزائر (أردوغان) مزيداً من الفرص لمواصلة نهج الابتزاز العدواني وليستمر في الإيغال بموقفه تجاه القضية الكردية في شمال كردستان.
ما المطوب هنا؟
بين تلك الوقائع والملفات وما جاء به الرئيس التركي وبين مصالح شعوب المنطقة وبلدانها يلزمنا موقف مبدئي لا يسمح بالتورط بقضايا ستكون صكاً على بياض لمصلحة قوى العنف الفاشية التركية في التعامل مع الملفات بصورة استغلالية وبنهج ابتزازي وعدواني لا يجوز أن يحكم العلاقات بين بلدان الجوار، والحل النهائي يكمن في تجاوز قصر النظر والفروض القسرية لهذا التناول أو ذاك والبحث عن حلول بديلة عميقة نوعية كما في النظام الفيديرالي العراقي، فهلا تفكرنا في تلبية مقدمات الحل الأشمل والأعمق؟ ذلك ما ستجيب عنه مواقف الحكومة الاتحادية (المركزية) في بغداد يوم تنطلق من نهج يتمسك بالدستور وبالنظام الفيدرالي وبمصالح مكونات الشعب العراقي وجناحيه الفيدراليين، بخلافه ستقع المنطقة بمدخلات خطيرة أخرى هي في غنى عنها.
ما أكثر ما يجب على الحكومة العراقية القيام به؟
المطلوب من الحكومة العراقية مقابلة الضغوط التركية باللجوء للتحكيم الأممي، واستقطاب القوى المؤثرة عبر شبكة من أشكال الربط بين المياه والأمور الأخرى، على أن تتذكر الحكومة حال الاستقلالية عن التأثيرات الإقليمية الإيرانية تحديداً، مستفيدة من علاقة بالولايات المتحدة وبالدول العربية، وإلا فإن طهران قوة طالما أضعفت الموقف العراقي كي يبقى تحت خيمتها، وبالمحصلة كنت أشرت إلى أن عدم الانجرار أو الانزلاق للحرب ضد الكرد يقوي الموقف العراقي، خاصة أن سبباً لرفض الابتزاز التركي يستند إلى الدستور والنظام الفيدرالي عراقياً، إذن للعراق اتخاذ موقف إيجابي في ضوء مخرجات الزيارة الأخيرة للولايات المتحدة وللعلاقة الاستراتيجية، ومحددات مرجعية الدبلوماسية العراقية استناداً للدستور والنظام الفيدرالي، وفرص الوحدة الوطنية بين مكونات الشعب واستعادة علاقة إيجابية مع الكرد، والاستفادة من العلاقات مع الدول العربية، وهذه مؤشرات إيجابية لكنها لن تكون بالضرورة مفعلة، وسنرصد ذلك في ضوء عشرات مذكرات للتفاهم التي يلزم عدم الاستجابة لها، حتى لا ينطلق العراق لأزمات مركبة والأخطر استدارته إلى حيث اصطدام بالكرد بالمخالفة مع سلامة الموقف ومرجعياته.
ما الذي تود قوله بشأن الاتفاقيات التي أعلن التوقيع عليها؟
لاحظ أن الزيارة تمت وتم التوقيع على عديد الأمور، لكن الحقيقة أن إحالتها للجان بحد ذاته شكل من التحايل على أمرين، إما التغطية على الفشل أو ولوج طريق سبق ولوجه، والنتيجة هي استمرار الاختراق التركي واختلال التوازن لمآرب أحادية، وما سيمرر لن يكون بمصلحة العراق أو السلام بالمنطقة، طالما أمعن في للتعامل مع ملف تقرير المصير وسلامة التعايش بين الشعوب سلمياً على أساس أنه ملف إرهاب، فضلاً عن عدم تمكين العراق من حصصه المائية، ودع عنك قضية التوازن التجاري المفتقد، فعلى الرغم من صفحة جديدة لحكومة بغداد في ملف الحدود، لأنها بالأساس تتعامل بتأثيرات خارجية، لكن مجددا لنتمعن فيما جرى قبل إطلاق أحكام نهائية والثقة بأن لحركات التحرر صوتها الآتي حتماً.