نقل مسؤولون أمريكيون لوسائل إعلام محلية أن طائرات الشحن الروسية الضخمة نقلت أنظمة رادارات «إس-400» و«إس-300»، فضلاً عن أسلحة متطورة وطائرات حربية إلى الأراضي الليبية مؤكدين أن الحضور الروسي في ليبيا عن طريق مجموعة «فاغنر» يسمح لها بنقل تلك الأسلحة إلى شرق ليبيا، خاصة وأن موسكو سبق وإن اتفقت مع خليفة حفتر على استغلال مواني بنغازي أو طبرق في رسو السفن الحربية الروسية الضخمة مقابل منح الأخير أنظمة دفاع جوي متطورة تمكنه من فرض سيطرته على الأوضاع الليبية إلى جانب قيام روسيا بتطوير مدارج الطائرات والدفاعات المحيطة في القواعد الجوية الليبية، وبناء هياكل جديدة، فضلاً عن تسليم أسلحة متطورة لقوات "القيادة العامة"، التي تمثل خصماً لتركيا الداعمة لحكومة الدبيبة.
محطة ترانزيت لإفريقيا
ووفقاً لمصادر عسكرية ليبية اعتادت موسكو على استخدام مواقع عسكرية شرق ليبيا كمحطة للتزود بالوقود في طريقها لبعض الدول الإفريقية لنقل السلاح والمعدات، فضلاً عن تحالفها مع القيادة العامة للجيش الليبي خليفة حفتر ضمن محاولات فرض الوجود العسكري على الأراضي الليبية، مشيرة إلى أن إمكانية بقاء الأسلحة الروسية في ليبيا محتمل.
صالح همة المحلل السياسي الليبي قال في اتصال لوكالة فرات للأنباء «ANF»، إنّ «ليبيا تعاني من حالة استقطاب دولي، تسببت في خلق انقسامات في الداخل ضمن الصراع القائم بين الروس والغرب، فضلاً عن التدخل التركي القوي، وتبنت الفصائل الليبية أجندات خارجية موزعة على القوى المسيطرة على ليبيا، فيما يحاول خليفة حفتر الموازنة بين علاقاته مع موسكو والبيت الأبيض، الذي تدخل في وقت سابق ومنع حفتر من الموافقة على إقامة قاعدة عسكرية روسيا، إلا أن الأخيرة ستسعى بكل قوة إلى تحقيق هذا الهدف خاصة بعد الخسارة التي تعرضت لها في سوريا بخروج حليفها الأسد»، فيما أكد شكري السنكي في اتصال لوكالة فرات للأنباء «ANF»، أنّ تحركات موسكو قد تنعكس على الأوضاع الداخلية في ليبيا، خاصةً إذا أقنعت روسيا قائد القيادة العامة للجيش الوطني المشير خليفة حفتر بالسماح لها بإنشاء قاعدة دائمة في ليبيا، فإن هذا من شأنه أن يشكل تحدياً كبيراً لحلف شمال الأطلسي، ومن ثم سيعود الصراع مرة أخرى حيث سيستغل الناتو حلفائه في الداخل الليبي لإشعال حرب مع القيادة العامة للجيش الوطني للحيلولة دون تنفيذ روسيا مخططاتها العسكرية في الداخل الليبي».
رفض ليبي
من جهته، رفض رئيس حكومة "الوحدة الوطنية المؤقتة" عبدالحميد الدبيبة، في تصريحات صحفية، وجود قوات روسية على الأراضي الليبية، مشدداً على أن أي دولة أجنبية قد تدخل ليبيا سيتم التصدي لها، وأكد على عدم السماح بتحويل أراضيهم إلى ساحة حرب دولية بين القوى العظمى في ظل الصراع الدائر بين حلف الناتو وموسكو، وفي الوقت نفسه، أفادت وزارة الدفاع التركية في بيان لها بأنها تتابع الموقف في ليبيا بعد تواتر أنباء عن نقل بعض السفن والأنظمة الروسية من سوريا إلى ليبيا، مشيرة إلى أن موسكو تتواصل مع الحكومة المؤقتة في سوريا لبيان موقفها من التواجد العسكري الروسي.
ويمثل الشرق الليبي منطقة ذات طموحات تركية، إذ تسعى أنقرة إلى السيطرة على مصادر الطاقة في شرق البحر الأبيض المتوسط، فقد أكدت عمليات المسح الجيولوجي التي أُجريت بواسطة مركز "المسح الجيولوجي الأمريكي (USGS)" في عام 2010 وجود مخزونات هائلة من النفط والغاز في حوض شرق المتوسط، والذي يحتوي على 122 تريليون قدم مكعبة من الغاز و7.1 مليار برميل من النفط، هذا المخزون الكبير يعزز الانتعاش الاقتصادي لجميع الدول المطلة على هذه المنطقة، وتأمل تركيا من خلال تدخلها في ليبيا الاستحواذ على عقود التنقيب عن النفط والغاز، الذي يُعتبر واحداً من أكبر الاحتياطيات في القارة الإفريقية، مما يجعل هذه المنطقة هدفاً لتوسعها، وفي المقابل، قد تشكل الخطط الروسية المستقبلية تهديداً للأطماع التركية في شرق ليبيا.