تزامنت سياسية الاحتلال التركي باستهداف القيادات الكردية المنتخبة في البلديات، مع شن حرب إبادة واسعة في إقليم شمال وشرق سوريا، حيث يسعى الاحتلال -من خلال الحرب العسكرية خارج الحدود والحرب السياسية في الداخل وتحديدا في المناطق الكردية- إلى إضعاف قوة الكرد تزامنا مع إعلان استمرار المفاوضات مع القائد عبدالله أوجلان، في محاولة لإقناع المجتمع الدولي بأن دولة الاحتلال تسعى لحل الخلافات مع الكرد وفي الوقت ذاته تستخدم أبشع أنواع جرائم الحرب بدءاً من استهداف المدنيين بالصواريخ ومقذوفات الآليات العسكرية ومرورا بسجن السياسيين المنتخبين وانتهاء باستمرار حالة التضييق الأمني على كل ما هو كردي ومنع تعلم الأطفال بلغتهم الأم ضمن خطة ممنهجة لطمس الهوية، ليكرر أردوغان سيناريو الأرمن دون أن يعبأ بالقانون الدولي وحقوق الإنسان.
بلديات تحت حكم الوكلاء
تمثل قرارات عزل رؤساء البلديات المنتخبين وتعيين وكلاء تابعين لحكومة الاحتلال، اعتداءً واضحا على القانون والدستور، وتعكس أن الاحتلال لم يعد يحترم الدستور الذي تضْمن مواده استقلالية الإدارات المحلية، وهو ما سيؤثر سلبا على الأوضاع الداخلية خاصةً وأن الاحتلال عزل أكثر من 10 رؤساء بلديات انتخبهم ملايين المواطنين، ومن ثًم قد تتعرض الأوضاع الداخلية في تلك البلديات لحالة من الاضطرابات الواسعة نتيجة مصادرة الاحتلال أصواتهم التي انتخبت من يقود البلديات ويحقق مصالحهم، إلى جانب أن تلك القرارات تمثل بداية على طريق انتهاك الدستور والقانون وسيادة منطق القوة الذي قد يخلق فكرا متشددا بين الشباب طالما خلقت تلك الممارسات انسدادًا في الأفق السياسي والقانوني.
تفوق القومية الكردية
لقد تسبب نجاح النموذج الكردي على كل المستويات في حالة من الهلع والفزع دفعت أردوغان إلى شن حرب شعواء ضد الكرد الذين نجحوا في حصد أصوات الشعب في أغلب الاستحقاقات الدستورية بسبب تفوقهم في كثير من المجالات المرتبطة بالعمل السياسي وإثبات جدارتهم في تولي المسؤولية وإدارة شؤون المدن بما يحقق مصالح المواطنين ويوفر لهم حياة مناسبة، وهو ما يفضح فشل حكومة الاحتلال التي أغرقت البلاد في الديون وتسببت في غرق الليرة التركية وانفجار التضخم وغلاء الأسعار حتى بات جميع المواطنين يعانون من السياسات الفاشلة التي لم تعد تنظر للمواطن وإنما ينظر قائدها الخَرِف إلى حلم الزعامة العثمانية حتى لو كان الأمر على حساب الشعب.
![لا يتوفر وصف.](https://scontent.fosm20-1.fna.fbcdn.net/v/t1.15752-9/473557972_538409652551952_6113226690682306403_n.jpg?_nc_cat=103&ccb=1-7&_nc_sid=9f807c&_nc_ohc=4Mlns2ApdZgQ7kNvgF1cijX&_nc_oc=Adg0C6OHhUT24_W7cRsvRUiYm-iY2p4YBS2Qkt0bBsL612DERpP83ggT5mMJyquxgXc&_nc_zt=23&_nc_ht=scontent.fosm20-1.fna&oh=03_Q7cD1gH0sNqoFz7BZ2vp1s0pUQ3G_C8hQnRbaqnNX-il2De4ww&oe=67CD3B0B)
الدكتورة فرناز عطية الكاتبة والباحثة أكدت في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، أنّ «رئيسة بلدية سيرت المعزولة تنتمي إلى حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، وهو حزب مؤيد لحقوق الكرد، ومن ثم ادعت وزارة داخلية الاحتلال التركي أنها تنتمي إلى منظمة مسلحة، والهدف من تلك الإجراءات القمعية معروف حيث أن من يتم عزله من رؤساء البلديات لا يتم إعادته مرة أخرى حتى ولو بالانتخابات، بما يضمن استبعاد الكفاءات الكردية التي استحقت مناصبها بتصويت ملايين المواطنين، في محاولة من قبل الاحتلال للالتفاف على حق الشعب في انتخاب من يمثله ويحقق مصالحه وفقا للدستور والقانون، وتأتي تلك السياسات القمعية ضمن خطة الإقصاء والتميز والنيل من حق الشعب الكردي في الحياة في تناقض صارخ لما أعلنته حكومة الاحتلال بشأن مبادرة القائد عبدالله أوجلان في إطار المفاوضات الجارية معه، الذي أبدى مرونة لحل الخلافات الكردية التركية وإحلال السلام ليس في تركيا فقط ولكن في منطقة الشرق الأوسط برمتها، وهو ما يؤكد ضلوع حكومة الاحتلال التركي في تطهير عرقي سواء من خلال الحرب على إقليم شمال وشرق سوريا أو باستهداف قيادات كردية منتخبة».
سياسات تاريخية
![لا يتوفر وصف.](https://scontent.fosm20-1.fna.fbcdn.net/v/t1.15752-9/475437209_1445324466425523_6455868696719758239_n.jpg?_nc_cat=109&ccb=1-7&_nc_sid=9f807c&_nc_ohc=qUhwDeeKgoQQ7kNvgEXEyTr&_nc_oc=Adh2RD34KOX6vO72k364XvwGDW6_6uvD1KRZSfl6J8CN50ApRLdgqakcIjfQe3CC29Q&_nc_zt=23&_nc_ht=scontent.fosm20-1.fna&oh=03_Q7cD1gG0iAD0mjl3W3kqI888SDvt_BS_ZWv7LD1_IDrDlN8New&oe=67CD13A6)
فيما أكد الدكتورعلى ثابت الكاتب الصحفي والمحلل السياسي في تصريح لوكالة فرات للأنباء «ANF»، أنّ «سياسة الإدارة التركية لم تتغير تجاه الملف الكردي منذ انهيار الدولة العثمانية، وعليه فإن السياسات القمعية تجاه الكرد جزء لا يتجزأ من الإبادة الممنهجة، التي رسمتها القومية التركية لقيام الجمهورية على حساب الكرد، تعود تلك السياسات إلى خزف تركيا من تفوق الكرد وإصرارها على سجن وعزل القائد أوجلان، نظرا لأن أفكاره ورؤيته الاصلاحية بخصوص التعايش السلمي لا تتماشي مع الطموحات التركية التي تريد إبادة الشعب الكردي وطمس هويته وثقافته وحضارته».
هناك بعض الأدوار والإشارات من المنظمات الأممية والحقوقية، إضافة إلى الحملة العالمية لحرية القائد عبدالله أوجلان، قد حركت طوبة في المياه الراكدة، وتمت زيارة القائد مؤخراً من قبل ابن أخيه، والتي أطلق القائد عبرها رسائل السلام والتعايش السلمي جنبا إلى جنب مع الشعب التركي، طرح الحلول الديمقراطية لحل القضية الكردية، وعلى النقيض تماماً قامت الإدارة بمنع الزيارة مجددا ولمدة ستة أشهر.
كذلك فإن الانتهاكات التركية تجاه القائد اوجلان لا تنفصل عن الانتهاكات التركية بحق الشعب الكردي.
ومنن الممكن حدوث انفراجة نسبية إذا تزايدت الضغوط المحلية والاقليمية والدولية، واصبحت ضغوط حقيقية لفك أسر القائد عبدالله أوجلان.