بعد الحكم على صلاح الدين دميرتاش 42 عام.. مجزرة قضائية جديدة من أردوغان بحق الكرد
صدم العالم وأنصار حقوق الإنسان من المحاكمات المجحفة الأخيرة في تركيا والتي قضت بالحكم على رئيس حزب الشعوب الديمقراطي ٤٢ عام.
صدم العالم وأنصار حقوق الإنسان من المحاكمات المجحفة الأخيرة في تركيا والتي قضت بالحكم على رئيس حزب الشعوب الديمقراطي ٤٢ عام.
شهدت تركيا مجزرة قضائية جديدة بعد إصدار محكمة تركية قرار بحبس صلاح الدين دميرتاش الرئيس السابق لحزب الشعوب الديمقراطي 42 عاما وعدد من قيادات الحزب في القضية المعروفة إعلامياً بـ "قضية كوباني"، مما يثير التساؤلات عن تداعيات تلك الأحكام الأخيرة.
كشف محمد أمين، الرئيس المشترك لجمعية عوائل الشهداء، وعضو حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، هذه المجزرة القانونية والمجزرة القضائية ليست لها علاقة بالحقوق، ولا بالإنسانية ولا توافق أي قيم انسانية، هذا القضاء التركي كعادته دائما حكم بحق السياسيين الكرد من حزب الشعوب الديمقراطي عشرات السنين من السجن، أستطيع القول كعادة القضاء التركي في القرن الماضي منذ تأسيس الدولة التركية يعمل بهذا الشكل ضد المعارضين الكرد.
وأكد أمين في تصريح خاص لوكالة فرات، أن الشيء الملفت هنا الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان يريد تغيير الدستور، ومعلوم عند الناس جميعاً أن رجب طيب أردوغان يقول لست معلقا بالقانون الأساسي ولست مشغولا أن يطبق، ويطبق الأعمال على كيفيته ضد السياسات الكردية، ويقول بأن الدستور يعد دستور الانقلاب العسكري لا يصلح لمصلحة الدولة، ولا المصلحة القومية في تركيا.
وأضاف عضو حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، أن أردوغان دائما ينادي المعارضة ويتفقوا على تبديل وتغيير الدستور، أو تعديل الدستور الحالي، مبيناً أنه عندما يقول الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان هذا الكلام يجب أن نسأله أنه أسس دستوراً وفق هواه والأعمال التي يقوم بها الآن ضد السياسات الكردية، وهي أسوأ من الدستور الذي أسسه الانقلاب العسكري الماضي في أواخر العشرينات من القرن الماضي.
وتساءل أمين كيف تثق المعارضة الكردية وحزب الشعب الجمهوري وخاصة المعارضة الكردية، في تغيير دستور جديد احسن من الدستور العسكري، خاصة وأن أردوغان بعد الانتخابات المحلية تقدم بالتطبيع مع المعارضين، حيث اجتمع مع حزب الشعب الجمهوري ليس في مستوى رئيس الحزب ولكن مع بعض قيادات الحزب، كما اجتمع مع بعض أعضاء حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، مشيراً إلى أنه كان المتوقع أنه سيعم التطبيع كل المعارضون، ولكن الشيء الذي تبين هنا أن التطبيع سيكون مع حزب الجمهوري فقط، ولكن الضغط والقمع والإنكار سيدوم على السياسة الكردية، وهذا تناقض واضح جدا بعد هذه المحكمة القضائية غير الحقوقية وغير الإنسانية.
وبيّن عضو حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، أن أردوغان يسوق نفسه على أنه يحارب الإرهاب واحتل أراضي سورية بدعوى محاربة الإرهاب ويحارب مواطنين كرد لأنهم خرجوا في مظاهرة، هذا الكلام غير صادق فيما يقول لأن قضية كوباني أصبحت قضية عالمية، وليست قضية شمال وشرق سوريا والكرد فقط، بل قضية العالم، لأنه كما تعلمون 81 دولة شكلت التحالف الدولي وساندت قوات سوريا الديمقراطية الذين تسببوا في عدم تقدم العقلية الداعشية التي تهدد العالم كله، وليس فقط تهدد سوريا أو يهدد بلد أو بلدين، ولكن يهدد العالم كله.
وأوضح أمين، أن أردوغان لا يري إلا قوات سوريا الديمقراطية على أنها إرهابية كل العالم يثني على دفاعهم ضد هذا الإرهاب الذي يهدد العالم هو فقط يقول بأنهم إرهابيين، كل شيء واضح من الإرهابي ومن يضر العالم ومن يقوم بالعمليات الإرهابية، هذا واضح لا يحتاج إلى تفسير.
وأردف عضو حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، أن المحاكمة غير العادلة انتقام من هزيمة داعش أمام كوباني والإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا، وهذا الانتقام يقول به كل المفسرين والصحفيين هذا انتقام من هزيمة داعش أمام قوات سوريا الديمقراطية.
كما كشف فرهاد أحمد، عضو حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، أن القرار أو بمعنى آخر الفرمان الذي خرج من المحكمة هو سياسي وليس حقوقي، لأن الأوامر أتت من قصر أردوغان.
وتساءل أحمد في تصريح خاص لوكالة فرات، هل هناك في العالم شخص من أجل كتابة شيء على تويتر يحكم بـ ٤٢ عام، بسبب أحداث كوباني عام 2014 والتي استشهد فيها ٣٧ شخص كلهم كرد وأغلبهم أعضاء من حزب الشعوب الديمقراطي
وأضاف عضو حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، أنه قبل تصريح دميرتاش بيومين قال أردوغان في مدينة كيائي بولاية غازي عنتاب بعد عدة ساعات ستسقط مدينة كوباني، وهو تحريض صريح.
وبيّن أحمد، أن الكرد في كردستان تركيا لديهم أقارب في كردستان سوريا، لأن كلهم شعب واحد، ولو حدث في أي مدينة كردستانية أي تعرض لخطر سيفعلون ويخرجون مثلما خرجوا من أجل كوباني.
وأوضح عضو حزب المساواة وديمقراطية الشعوب، أنه قبل أن يكون كرديا فهو إنسان، عندما يتعرض أي شعب لإبادة سيكون هو وحزبه ضد هذه الإبادة، وهو قرار سياسي و ليس حقوقي لا يعترف به، لو حكم ٤٢٠ عام وليس ٤٢ عام سيستمر في الدفاع عن الشعوب المظلومة.
بينما كشف محمد نور الدين، أستاذ التاريخ واللغة التركية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية، والباحث المختص في الشؤون التركية، أنه شكل قرار محكمة العقوبات الثقيلة في أنقرة السجن لمدة 42 عاما على كل من صلاح الدين دميرتاش الرئيس السابق لحزب الشعوب الديموقراطي الكردي وزميلته فيجين يوكسيدال الرئيسة المشتركة السابقة للحزب لمدة 30 عام أيضا بالإضافة إلى آخرين في الحزب الكردي مفاجأة إلى حد ما، نظراً لأنها جاءت في سياق مسار مصالحة داخلية بدأ قبل أيام بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وبين زعيم حزب الشعب الجمهوري أوزغور أوزول، وشاع جو من التفاؤل بهذا الخصوص حتى مسؤولين في الحزب الكردي كانوا متفائلين بمثل هذا المسار، لكن ضمن بعض الشروط التي يجب أن يبادل إليها حزب العدالة والتنمية و رجب طيب أردوغان لإظهار حسن نية في هذا الإطار.
وأكد نور الدين في تصريح خاص لوكالة فرات، أن قرار المحكمة جاء ليؤكد عدة أمور، أن الرغبة في المصالحة بين السلطة وأحزاب المعارضة ككل ليست جدية، ومثل هذا القرار القضائي السياسي المغلف بغلاف قضائي ينسف مقولة أن السلطة في بدء فتحة جديدة مع المعارضة وتعزيز الاستقرار والسلم الداخلي.
وأضاف أستاذ التاريخ واللغة التركية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية، أنه جاء هذا القرار بعد حوالي شهر ونيف من انتخابات البلديات والتي انهزم فيها حزب العدالة والتنمية لاسيما في المناطق الكردية، وأبقى حزب الشعوب الديمقراطي الذي تحول اسمه إلى حزب المساواة وديمقراطية الشعوب على نسبة التأييد الشعبي له والتي تجاوزت 60٪ في الأوساط الكردية وبالتالي يشعر الرئيس التركي وحزب العدالة والتنمية بأن الصوت التركي لا يزال مؤثراً بل كان له التأثير الأكبر هذه المرة في هزيمة حزب العدالة والتنمية وأن يصبح الحزب الثاني في البلاد بعد حزب الشعب الجمهوري، وتأتي هذه الخطوة بمثابة انتقام من الصوت الكردي.
وبيّن نور الدين، أن سياسة السلطة سواء حزب العدالة والتنمية أو شريكه حزب الحركة القومية في محاولة إخماد وقمع الحركة الكردية هي سياسة لا تزال مستمرة ولم تشهد أي تغيير، بل أكثر من ذلك هي تتفاقم يوم بعد يوم وهذه الأحكام التي صدرت بحق مسؤولين بارزين كرد تؤكد نية السلطة في تصفية الزعامة الكردية السياسية في الداخل وهو الوجه الثاني من سياسة تصفية الحركة الكردية المسلحة في الخارج، والمتمثلة في حزب العمال الكردستاني في شمال العراق وشمال شرق سوريا.
وأوضح نور الدين أن مستقبل أو مسألة حل القضية الكردية بطريقة ديمقراطية وسلمية بعد هذه القرارات، أصبح ليس صعباً، بل مستحيلاً، وبالتالي مثل هذه القرارات تغلق الباب بشكل شبه كامل على أي حل مستقبلي سياسي أو قريب للمشكلة الكردية، وهذا يفتح أمام ظهور أشكال متعددة من وسائل النضال والمقاومة ضد السلطة لقمع الحالة الكردية والحركة الكردية، والنخب الكردية في تركيا بدون أن يعني ذلك اللجوء إلى العنف والمعركة المسلحة، فهي بالأساس موجودة ولكن لا أحد يتوقع بما تكون عليه النتائج السلبية الوخيمة لمثل هذه القرارات.
وأردف أستاذ التاريخ واللغة التركية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية، أن التداعيات الأخرى على غير واقع العلاقة بين السلطة والكرد فهو على مداخل المصالحة الداخلية الذي بدأ بين السلطة وبين بعض أحزاب المعارضة والحزب الرئيسي حزب الشعب الجمهوري، الجميع يعرف أن حزب الشعب الجمهوري هو إلى حد كبير حليف ضمني لحزب المساواة وديمقراطية الشعوب بين الشعوب الكردي، والطرفان مناهضين لسلطة حزب العدالة والتنمية وبالتالي سيكون صعب في تقديري على أوزغور استكمال مسار المصالحة مع رجب طيب أردوغان في ظل السعي إلى تصفية أحد الأحزاب السياسية الرئيسية في تركيا وهي الحزب الكردي.
وأشار نور الدين إلى أن المسألة لا تقع فقط على الصعيد السياسي أن قرارات المحكمة بخصوص الكرد تسمم ليست فقط العلاقة السلطوية بل في العلاقة داخل المجتمع التركي وبين أطرافه المتصارعة، وذلك المتوقع أن تتعرض مسار المصالحة إلى التوقف، وهو تلقي ضربة كبيرة في هذا الإطار بهذه القرارات.
ولفت أستاذ التاريخ واللغة التركية في كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية، إلى أن أردوغان يؤكد للمرة الألف أن حزب العدالة والتنمية لا يريد مصالحة حقيقية بل يريد أن ينتقم من الأحزاب الأخرى التي حجبته ومن الحزب الكردي وأنه لا يريد من وراء المصالحة أو مداخل المصالحة مع الشعب الجمهوري سوى كسب الوقت لمحاولة معرفة أسباب تراجع حزب العدالة والتنمية والاستفادة من الثغرات والدروس للانقضاض مجددا على المعارضة سواء بالطرق السلمية التي تسعى لاستقرار وتسخير مقدرات الدولة لصالح حزب العدالة والتنمية أو بالطرق العسكرية والقمعية بمحاولة ضرب حزب العمال الكردستاني خارج تركيا وتصفية القيادة الكردية في الداخل.