في حوارٍ خاص مع وكالة فرات الإخبارية (ANF), تحدّث الرئيس المشترك لهيئة الخارجية في الإدارة الذاتية, الدكتور عبد الكريم عمر عن تفاصيل بشأن حضورهم في مؤتمر "سوتشي", حيث أشار إلى محاولات تركيا وإيران لإقصاء ممثلين عن الكرد وكلّ مكونات الشمال السوري. كما شدد على علاقاتهم الإيجابية مع أمريكا وروسيا, مؤكّداً أنّ تلك العلاقات قد تجاوزت المجال العسكري ودخلت طور الديبلوماسية.
وفيما يلي, نقدّم لقرّاءنا الأكارم نصّ الحوار كاملاً:
-لا تزالُ الأنباءُ متضاربةً بشأن دعوة الإدارة الذاتية لحضور مؤتمر سوتشي, هلّا أوضحتم لنا ماهي شكل الدعوة التي وُجّهت اليكم؟
**بدايةً, كان المؤتمرُ تحت اسم "مؤتمر شعوب سوريا", تحوّل فيما بعد, تحت ضغط النظام السوري, إلى مؤتمر الحوار الوطني السوري, وتمّ تأجيله عدّة مرات. وفيما سبق وقبل آخر تأجيل للمؤتمر, كانت هناك زيارةٌ لمسؤولين سياسيين وعسكريين روس إلى روج آفا, تمّ فيها, بعد اللقاء مع مسؤولين من الإدارة الذاتية الديمقراطية, الاتفاق أن تكون الدعوة باسم الإدارة ومكونات شمال سوريا. وعلى هذا الأساس تم تسليمهم قائمة مؤلفة من 140 شخصاً يمثّلون الإدارة الذاتية ومختلف المكونات السياسية والقومية في شمال سوريا. أما ما تم ذكره في وسائل الإعلام بعد مؤتمر آستانا 8, حول اتفاق الدول الثلاث الضامنة لسوتشي على إقصاء حزب الاتحاد الديمقراطي والإدارة الذاتية الديمقراطية من المشاركة بالمؤتمر, لم يتم إبلاغنا بذلك بشكلٍ رسمي من روسيا الاتحادية.
وكان هناك اجتماع بتاريخ 25/12/2017 بين مكونات الإدارة الذاتية الديمقراطية والكيانات السياسية في روج آفا وشمال سوريا بخصوص ذلك, انبثق عنه بيانٌ أكّدت فيه هذه القوى السياسية على تأييدهم لعقد أيّ موتمرٍ من شأنه أن ينهي الاستبداد ويحقق السلام في سوريا, إلى جانب تأكيدهم على أنّ المشاركة في مؤتمر سوتشي يجب أن تكون باسم الإدارة الذاتية الديمقراطية والقوى السياسية في شمال سوريا, كونهم يمثلون الإرادة السياسية للكيانات والقوى الاجتماعية في المنطقة. ومن جهة أخرى ذكر البيان بأنّ تلك القوى لن تشارك بغير ذلك كأفراد أو أشخاص من مكونات شمال سوريا .
-هل ترون تأثيراً لتركيا, إلى الحدّ الذي ربما يكون رفضها مشاركة ممثلين عن الإدارة الذاتية سبباً في غيابكم عن المؤتمر؟
**تركيا نجحت لتاريخ اليوم بإقصاء الكُرد وممثلي الإدارة الذاتية الديمقراطية والكيانات السياسية في شمال سوريا وقواها العسكرية ( قوات سوريا الديمقراطية ) عن المشاركة في المحافل الدولية, مثل جنيف وآستانا وغيرها. وتكرّر محاولة الإقصاء من المشاركة بمؤتمر سوتشي أيضاً, لأنّها تكنّ عداءً للشعب الكُردي ومشاريعه الديمقراطية. لذلك باءت كلُّ تلك المؤتمرات بالفشل ولم تساهم بحلّ الأزمة في سوريا ولم تحقق أيّ نتيجة لوقف دوامة الحرب وإراقة الدم السوري.
-غيابكم عن المؤتمر يعني غيابَ واحدة من أكبر القوى المقاتلة في سوريا (قوات سوريا الديمقراطية), وفقاً للكثير من المراقبين, كيف يمكن عقد مباحثات في غياب ممثلين عن تلك القوى؟
**واحدة من أسباب عدم نجاح كلّ المؤتمرات التي انعقدت لحلّ الأزمة في سوريا, اعتباراً من لقاءات جنيف الثمانية إلى لقاءات آستانا, هي أنّ الهيئات التي كانت تتفاوض لم تكن تمثل الشعب السوري بمختلف مكوناته, وبسبب إقصاء مكونٍ أساسيٍ من مكونات الشعب السوري عن العملية السياسية التفاوضية, وخاصةً أنّ هذا المكون استطاع أن يهزم الإرهابَ وينتصر عليه وأن يحرّر أكثر من ثلاثين بالمئة ن جغرافية سوريا، ولديه مشاريع ديمقراطية تصلح أن تكون نموذجاً يحتذى به في المناطق الأخرى لبناء سوريا جديدة ديمقراطية اتحادية كوطنٍ مشترك لكل السوريين.
-في حال غيابكم عن المؤتمر, كيف ستتعاملون مع ما سينجم عن المحادثات من قرارات وتوصيات؟
**مجرّد إقصائنا عن المشاركة بأيّ مؤتمرٍ أو اجتماعٍ ينعقد لحلّ الأزمة في سوريا يعني أنّه ليست هناك إرادة دولية وإقليمية جدّية لإيجاد الحل. باعتقادنا هناك دولٌ إقليمية ليست من مصلحتها حلّ الأزمة السورية, خاصةً تركيا وإيران.
إيران من جهتها, تخوض حربها في الخارج ( في سوريا والعراق واليمن ولبنان), وأيّ استقرارٍ في المنطقة يعني انتقالَ الحرب إلى الداخل الإيراني. أمّا بالنسبة لتركيا, فهي تحتلّ جزءاً هامّاً من الأراضي السورية ( جرابلس, اعزاز, الباب وجزءاً من إدلب), أيّ استقرارٍ في سوريا يتطلّب انسحاب تركيا من الأراضي التي احتلّتها وهي, كما معروفة تاريخياً, لا تنسحب من أيّة منطقة تحتلّها. لذلك تعمل هذه الدول على إقصائنا من أيّة عمليةٍ سياسيةٍ. لذا نقول أيّ مؤتمرٍ أو اجتماعٍ لم تتم دعوتنا إليه ولم نشارك به, لن نكون معنيين بقراراته وتوصياته.
-أنتم في الإدارة الذاتية، طالما رددتم من إنكم تمكنتم من إيجاد توازن في العلاقات مع روسيا من جهة وأمريكا من جهة أخرى, هل تنحصر تلك العلاقات في المجال العسكري وحده, أم أنّ هناك علاقات موازية ديبلوماسياً؟
**منذُ بداية الأزمة في سوريا عام 2011, لم نقبل أن نكون جزءاً من الصراع المذهبي الطائفي في هذا البلد, ولا من محاوره الإقليمية والدولية. هذا هو سرّ كل الإنجازات التي تمّ تحقيقها على الأرض سياسياً وعسكرياً, وذلك نتيجةً لاختيارنا الخطّ الثالث وامتلاكنا لإرادتنا الحرّة, علاوةً على اعتمادنا على شعبنا والعلاقة بين مكونات شمال سوريا. من جهةٍ أخرى, نسّقنا مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتّحدة الأمريكية لمواجهة الإرهاب الأسود الذي كان يهدّد كلّ العالم الحرّ والإنسانية جمعاء, وحققنا نجاحات باهرة في هذا المجال. التنسيق معهم في البداية كان يقتصر على المستوى العسكري, علماً أنّه كانت هناك لقاءات هامّة بين المسؤولين في الإدارة الذاتية الديمقراطية وفيدرالية شمال سوريا ومجلس سوريا الديمقراطية مع قيادات سياسية أمريكية في المنطقة وفي واشنطن أيضاً.
كانوا يؤكّدون دوماً بأنّ مهمتهم في المنطقة تنحصر في مواجهة الإرهاب. فيما بعد, وبعد تحرير الرقة ودير الزور, حصل تطورٌ وتغيير في السياسة الأمريكية, وكان قرارهم هو البقاء في المنطقة لتثبيت الاستقرار وإعادة إعمار المناطق التي تمّ تحريرها, تمهيداً لعودة النازحين إليها. بالإضافة إلى تدريب قوات سوريا الديمقراطية والأسايش وقوات الأمن الداخلي للتأكّد من عدم قدرة الإرهاب على العودة مرّةً أخرى إلى المنطقة.
بنفس الوقت علاقاتنا جيّدة مع روسيا الاتحادية عسكرياً, وهناك تنسيقٌ بيننا وبينها في المناطق التي تخضع لنفوذها. أيضاً علاقاتنا السياسية على مستوى عالٍ جدّاً, هناك لقاءات دورية بيننا وبينهم سواء في العاصمة موسكو أو في روج آفا. وكما هو معلوم, لدينا ممثليةٌ للإدارة الذاتية الديمقراطية في موسكو ونحن بصدد فتح مكتبٍ في واشنطن أيضاً .
بشكلٍ عام, علاقاتنا جيدة مع كلّ الدول المعنية بالأزمة في سوريا, باستثناء تركيا التي تعادي الشعب الكردي ومشاريعه الديمقراطية على طول الخط. وهناك مقولة شهيرة للرئيس التركي السابق, سليمان ديميريل, يقول فيها "نحن سنقف بالضدّ من إقامة أيّ كيانٍ سياسي للكرد ولو كان على شكل خيمةٍ في أدغال إفريقيا.
-روسيا كانت الأكثر وضوحاً ومطالبةً فيما يتعلّق بضرورة مشاركة حزب الاتحاد الديمقراطي في جنيف, في الوقت الذي بتنا جميعاً نتابع التصريحات الروسية المناقضة حول حضور مؤتمرٍ تعقدها على أراضيها, كيف ترون ذلك؟
**روسيا هي حليفةٌ للنظام ودخلت إلى سوريا حفاظاً على مصالحها, وهي على علاقةٍ جيدةٍ معنا منذ البداية, واستثمرت هذه العلاقة دائماً لابتزاز تركيا. وعن طريقها ومن خلال آستانا واتفاقيات خفض التوتر أنهت المعارضة وهي تحاول سحب البساط من تحت جنيف من خلال سوتشي. لذلك تحاول بقدر الإمكان أن تحافظ على هذه العلاقة مع تركيا. من جهةٍ أخرى, تحاول أن تستمرّ بعلاقتها الجيدة معنا أيضاً. لذلك بعد آستانا 8 مباشرةً، تمّت دعوة القائد العام لوحدات حماية الشعب لزيارة موسكو, حيث أكّدت في ذلك اللقاء ومن جديد على ضرورة مشاركة الكرد في العملية السياسية في سوتشي. وستحاول بقدر الإمكان أن توفّق بين علاقتها الجيدة معنا ومع تركيا أيضاً. أعتقد بأنّها ستستمرّ بهذه الاستراتيجية في المستقبل.