محمد الأسمر لـ ANF: مشروع الإخوان في ليبيا مُنتهي رغم شكليته والوجود التركي شكّل سابقة في العلاقات الدولية

قال الكاتب والحلل السياسي الليبي محمد الأسمر، مدير مركز الأمة للدراسات إن مشروع الإخوان في ليبيا مُنتهي رغم أنه لا زال قائما شكليا.

قال الكاتب والحلل السياسي الليبي محمد الأسمر، مدير مركز الأمة للدراسات إن مشروع الإخوان في ليبيا مشروع مُنتهي، رغم أنه لا زال قائما شكليا ولكن مضمونا لا حاضنة اجتماعية لهم وإن المجتمع الليبي لا يعترف بالإسلام السياسي.
وأوضح الأسمر في مقابلة خاصة مع وكالة فرات للأنباء ANF أن الوجود التركي في ليبيا شكل سابقة في العلاقات الدولية، وأنه أكثر من مرة يصرح المسؤولون الأتراك وعلى رأسهم الرئيس التركي ووزير دفاعه بأن القوات التركية الموجودة في ليبيا هي قوات غير أجنبية بما يخالف الأعراف والقوانين الدولية.
ولفت وشدد على أن الوجود الأجنبي والاحتلال وواحد مهما كانت جنسيته وبالتالي يجب على كل الأطراف تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في جنيف والالتزام بقرارات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن (القرارين ٢٥٧٠، ٢٥٧١) الصادرين في السادس عشر من أبريل بضرورة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة وتثبيت وقف إطلاق النار ومعاقبة المعرقلين والذين ينفذون ما تم الاتفاق عليه في جنيف في الثالث والعشرين من أكتوبر كما أشرنا.
وأكد أن الوجود التركي في ليبيا هو رهينة بمجموعة من التقاطعات والمواجهات والتجاذبات والمصالح الدولية جعلت من مسرحا لتواجدهم أيضا بوجود غطاء من بعض المتواطئين والعملاء الذين قدموا لهم اتفاقيات غير شرعية ولم يتم المصادقة عليها. فإلى نص الحوار:ـ


** إلى أين تتجه البوصلة بعد مصادقة مجلس النواب الليبي، أمس، على قانون الانتخابات.. وهل برأيك ووفق المؤشرات الحاصلة على الأرض ستصل ليبيا إلى مرحلة الانتخابات نهاية العام؟
أولا بعد أن صادق مجلس النواب على قانون انتخاب المجالس النيابية وقد صادق قبل ذلك على قانون انتخاب الرئيس في الثامن من سبتمبر، يصبح الاتجاه الموالي هو رد الفعل الدولي.. باركت البعثة الأممية هذا القانون ونتوقع أن يتم التعامل معه كما تم التعامل مع قانون انتخاب الرئيس وتبقى المرحلة الموالية في أن تشرع مفوضية الانتخابات الليبية ببدء العمل بفتح باب الترشح وفقًا للمعايير والضوابط التي وضعتها هذه القوانين، وبالتالي فمن الناحية النظرية فإن العائق الذي كان متمثلا في التشريعات الضابطة والمنظمة للانتخابات قد تم إنجازها بعد كثير من التقاطعات والمداولات والجدل الذي كان حاصًلا حولها.

**يبدو أن الجدل في الداخل الليبي لازال قائما بين الشرق والغرب.. عليننا ذلك في مواقف الحكومة وكذلك في قرار البرلمان الأخير بسحب الثقة من الحكومة؟

الخصومات الحاصلة ما بين قوة في الشرق والغرب لا يجسدها قرار مجلس النواب بسحب الثقة من الحكومة إذ أن مجلس النواب الليبي يضم نواب الشعب من كافة أنحاء شرقا وغربا وجنوبا وأن سحب الثقة تم بناء على معطيات واختصاصات للبرلمان وفقا للمواد من المادة ١٨٨، وحتى المادة ١٩٢ من اللائحة الداخلية المشرعة بالقانون رقم أربعة لسنة ٢٠١٤ وأيضا بناء على المادة ١٩٤ أنه حال ما تم سحب الثقة فإن الحكومة تتحول لحكومة لتصريف الأعمال إلى حين تكليف حكومة أخرى ولكن لوجود خلافات الآن بين شرق وغرب تبدأ من تعامل المجتمع الدولي، الذي لا زال حتى الآن يتعامل في الموضوع العسكري الأمني مع لجنة خمسة + خمسة وهي قد قدمت دور كبير ووطني ومهم ولكن المسمى في حد ذاته لا زال خمسة +خمسة أي خمسة يمثلون قوى الشرق وخمسة يمثلون قوى الغرب مما رسّخ هذا الوجود وحكومة الوحدة الوطنية نفسها إذ أنه عندما تم إنتاج هذه الحكومة كان عليها أن تتعامل مع كافة الاطراف وتوحيد كافة المؤسسات وفي مقدمتها المؤسسة العسكرية والأمنية.

 ولكن خروقات قامت بها الحكومة بأن احتفظت لنفسها بحقيبة وزارة الدفاع لمدة تجاوزت ما تعهدت به وقد تعهدت أن يكون ذلك فقط خلال شهر، وعندما خاطبها البرلمان والمجلس الرئاسي باعتبارهما شريكين مع الحكومة في هذا الموضوع امتنع رئيس الحكومة وأصر على أن يحتفظ لنفسه بهذه الحقيبة لينبه أن خارطة الطريق أشارت إلى أن حقيبة الدفاع وحقيبة الخارجية يتم ترشيح الوزراء بهما من قبل رئيس الحكومة وتُعرض على المجلس الرئاسي إذا ما وافق على هذه المقترحات تحال إلى البرلمان لمنح الثقة، وبالتالي أيضا هناك كان إجراء آخر فيما يتعلق بتكليف رئيس أركان حكومة الوحدة الوطنية ذات الشخصية، التي كانت مكلفة برئاسة أركان ما كان يعرف بالوفاق وهذا مخالف للاتفاقات التي تمت بالخصوص وهذا الصدد والشأن بالا يتم تكليف شخصية قيادية من المرحلة السابقة وأيضا تمركز الحكومة في طرابلس جعلها رهينة للذين يريدون هذه التفرقة وخاصة بين الميليشيات والجماعات المسلحة. وبالتالي الخلافات الحاصلة الآن مردها إلى عدم ايفاء استحقاقات كان يجب إيفائها قبل مباشرة الحكومة وهي توحيد المؤسسات المقدمة للمؤسسة العسكرية الأمنية وخروج المرتزقة والقوات الأجنبية المسلحة.

**برأيك ما الخطوات المطلوبة على الأرض فعليا لتحقق معادلة الانتخابات..؟
عمليا لإنجاح الانتخابات تم الآن الانتهاء من بند التشريعات. يجب الآن على كل الأطراف الالتزام بهذه القوانين وأن يكون الذهاب إلى صناديق الاقتراع آمنًا.
موضوع الأمن الآن والحفاظ عليه مهم جدًا ويقع على عاتق الحكومة مع أنها لا تسيطر على الميليشيات والمجموعات المسلحة التي شاهدناها عقب صدور قانون الانتخاب بأن قامت بحشد اتباعها والتهديد بأنها ستقوم بإغراق الصناديق وصد الناخبين بالقوة إذا ما ترشح بعض الشخصيات ويقصدون هنا شخصية سيف الإسلام معمر القذافي والمشير خليفة حفتر وبالتالي المطلوب الآن فعلا هو تنسيق دولي لرعاية ومراقبة وحفظ إجراءات هذه الانتخابات.

** رغم أفول نجم الإخوان في معظم دول المنطقة لايزال اخوان ليبيا ينعمون بشيء من الأمن والحضور النسبي في الشارع الليبي خاصة في الغرب فما السبب في ذلك.. وما الذي يمكن لهم تحقيقه خلال العملية الانتخابية المرتقبة؟
مشروع الاخوان في ليبيا مشروع مُنتهي رغم أنه لا زال قائما شكليا ولكن مضمونا لا حاضنة اجتماعية لهم المجتمع الليبي لا يعترف بالإسلام السياسي مجتمع وسطي مجتمع مسلم بالكامل، سني على مذهب الإمام مالك لا يعترف بمثل هذه الاجسام. ولكن وجودهم في ليبيا حتى الآن هو نتيجة للوضع الراهن. السيطرة والتغلغل التي تمكن من خلالها الاخوان المسلمين على التمركز في مؤسسات عديدة في الدولة الليبية وأيضا التحكم في بعض المجموعات المسلحة وتسييرها لصالحهم، أيضًا الفراغ السياسي والأمني الكبير الحاصل في البلاد وخاصة في الغرب كل هذه الظروف هيأت لهم متكئًا ومرتكزًا، لكن بالمقياس والمعيار عندما خاضوا انتخابات المجالس البلدية في بداية هذا العام مُنيوا بخسائر كبيرة خاصة في طرابلس والزاوية وهي معاقل كبيرة لهم، وشهدنا انسحابات كبيرة في شهر أغسطس من العام الماضي في مصراتة والزاوية وانقسامات حول ما يعرف بحزب العدالة والبناء الذراع السياسي لهم وأيضًا محاولة إعادة بناء وصياغة جديدة لوجودهم السياسي نتيجة للتداعيات الحاصلة داخل ليبيا وخارجها في دول الجوار، وبالتالي هم أيضا الآن يمارسون مراوغة حول موضوع الانتخابات الرئاسية لإيقافها تارة، ومحاولة انتاجها من داخل قبة البرلمان وليس بالاقتراع المباشر من قبل الشعب الليبي، ومحاولة إبعاد وإقصاء شخصيات وطنية لديها شعبية في الشارع الليبي، وهذه محاولات يائسة وأخيرة من قبلهم للتشبث بالبقاء كلما أمكن.

**بعد تجديد مجلس الأمن للبعثة الأممية في ليبيا.. كيف تقيم الدور الذي تقوم به البعثة في الوقت الراهن؟
هو انتهى دور البعثة، تجديد مشروط في جلسة الخامس عشر من سبتمبر تم التمديد لهم فقط إلى الثلاثين من سبتمبر ثم بعد ذلك مدد لهم إلى الثلاثين من يناير والمهمة الوحيدة الباقية هي تنفيذ ما بقي من اتفاقات في إطار خارطة الطريق وهو الاستحقاق الانتخابي والتسليم والاستلام فيما بعد ذلك. وبالتالي البعثة بشكل من الأشكال بتعاقبها وسبعة مبعوثين مروا على ليبيا منذ ٢٠١١، وآخرها التمديد بالقرار ٢٥٤٢ الصادر في سبتمبر الماضي متضمنا بروتوكولات بصلاحيات الأمين العام للمبعوث في ليبيا. إلا أن البعثة قد اخفقت حقيقة في العديد من الجوانب كبعثة ضابطة وراعية لعمليات وقف إطلاق النار وتثبيت الأمن والسلام يفترض ذلك.
 هي لم تقم بالواجب المناط بها قدر الإمكان ربما أيضا قد واجهتها صعوبات في الإمكانيات، ربما في التوزيع أيضا على كامل المناطق الليبية، ولكن ضغوطات دولية أيضا لا ننسى أنه لم تجاهد بالتدخلات الخاصة بالخروقات الخاصة بحظر توريد الأسلحة وخرق وقف إطلاق النار والعديد من الملفات كالهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر ولم تتخذ أيضا إجراءات توضيحية عن وجود المرتزقة والقوات الأجنبية واكتفت في شهر الثاني من ديسمبر الماضي بأن قالت ستيفاني أن المرتزقة والقوات الأجنبية عشرين ألف مرتزق في عشر قواعد لكن لم تحدد أماكن هذه القواعد وجنسيات هؤلاء المرتزقة ومع من يتحالفون لكي يكون الأمر واضح أمام الشعب الليبي لمسائلة الليبيين المتعاونين المتحالفين معهم كخطوة أساسية ومهمة وعلى كل حال لم يبق من الوقت الكثير أمام البعثة إلا الإشراف على عملية الانتخابات أو متابعتها وفق مخرجات خارطة الطريق التي أطلقت في التاسع من نوفمبر من العام الماضي.

**تبقى معضلة تركيا ووجودها في ليبيا إلى أين برأيك ستصل هذه المسألة.. وما الذي يمكنه أن يردع تركيا عن تدخلها في الشؤون الداخلية لليبيا ولدول المنطقة؟

الوجود التركي في ليبيا شكل سابقة في العلاقات الدولية، أكثر من مرة يصرح المسؤولون الأتراك وعلى رأسهم الرئيس التركي ووزير دفاعه بأن القوات التركية الموجودة في ليبيا هي قوات غير أجنبية، وبالتالي لم نتعود ولم نسمع بذلك في الأعراف الدولية وخاصة فيما يتعلق بتنظيمات القوات الأجنبية الزائرة وأن الاتفاقية التي أبرمت بخصوص التعاون العسكري في نوفمبر ٢٠١٩ بين تركيا والوفاق قد عًلقت تماما منذ الثالث والعشرين من أكتوبر في اتفاق جنيف بين خمسة + خمسة الذي نصت فقرته الثانية على خروج كافة القوات الأجنبية المسلحة والمرتزقة وتعليق كافة الاتفاقيات بما بها يشمل أيضا اتفاقيات التدريب وإرجاء ذلك والنظر في شرعية هذه الاتفاقات إلى حين إنتاج حكومة منتخبة بعد إنهاء الحالة الانتقالية، ولكن الوجود التركي المتغلغل في ليبيا أيضا لم يلاقي صدا دوليًا خاصة من أمريكا، التي تتقاطع مصالحها في المنطقة ومجلس الأمن، وأن القول بوجود قوات أخرى بخلاف القوى التركية، والإشارة هنا إلى قوات فاغنر الروسية. نحن دائما نؤكد ان الوجود الأجنبي والاحتلال وواحد مهما كانت جنسيته وبالتالي يجب على كل الأطراف تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في جنيف والالتزام بقرارات الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن (القرارين ٢٥٧٠، ٢٥٧١) الصادرين في السادس عشر من أبريل بضرورة خروج القوات الأجنبية والمرتزقة وتثبيت وقف إطلاق النار ومعاقبة المعرقلين والذين ينفذون ما تم الاتفاق عليه في جنيف في الثالث والعشرين من أكتوبر كما أشرنا. وبالتالي الوجود التركي في ليبيا هو رهينة بمجموعة من التقاطعات والمواجهات والتجاذبات والمصالح الدولية جعلت من مسرحا لتواجدهم أيضا بوجود غطاء من بعض المتواطئين والعملاء الذين قدموا لهم اتفاقيات غير شرعية ولم يتم المصادقة عليها.
**كيف تقرأ مشهد الحديث عن بدء خروج المرتزقة من ليبيا؟

الحديث عن خروج المرتزقة من ليبيا هو خروج الحقيقة مخجل قبل كل شيء وشاهدناه في العديد من المرات الماضية. خروج أربعين مرتزق وبعد ذلك طائرة في هذا الأسبوع ثلاثمائة مرتزق من سوريا يمكن عادوا إلى شمال سوريا.
 الوجود إذا كانت الأمم المتحدة تقول عشرين ألف، فإن خروج هؤلاء لا يعني شيء شاهدنا مثل هذا الخروج في يناير الماضي خروج متوازي وعلى التوالي ولكن بعد ذلك اتضح أنه في إطار الإجازات وإعادة إبدال وإحلال مجموعة خرجت ومجموعة دخلت وكانت هناك أيضا مجموعة غادرت لعدم الإيفاء بالالتزامات مرتبات المرتزقة. وبالتالي الخروج الآن إذا لم يكن ممنهجا وبجدولة زمنية محددة ومعلن عنهم من الأطراف ذات المسؤولية عن وجود هؤلاء المرتزقة من الليبي والجانب المصدر له وخارطة واضحة المعالم عن خروجهم وبلدان المرور وبلدان الهدف والاستقرار. بالتالي نحن الآن أمام حالة جديدة وهي وجود المرتزقة في ليبيا حالة لم تشهدها المنطقة شمال أفريقيا ستجعل منهم إن لم يتمركزوا بشكل دائم في ليبيا سينظمون رحلات ارتزاق إلى دول الجوار الافريقي التي تشهد اضطرابات ومناخا جيدا لممارسة هؤلاء لنشاطهم الارتزاقي والإرهابي.

**كيف تقيّم أداء الحكومة الليبية الراهن وإلى أي درجة يمكنها استكمال مسعاها وصولا لمرحلة الانتخابات نهاية العام؟
الأداء الحكومي دائمًا مرهون بالجهة الرقابية، والجهة الرقابية والإشرافية على الحكومة هي مجلس النواب وهو منذ ٣٠ يوليو استدعى الحكومة لاستجوابها في جلسات احاطة واستماع. هناك قصور كبير خاصة فيما يتعلق بمشروع الميزانية الذي لم يتم اعتماده لوجود خروقات فنية وكذلك ما يتعلق بعدم توحيد المؤسسات القائمة وموضوع الاحتفاظ بحقيبة وزارة الدفاع، وتمكين أشخاص محسوبين أسريا وعائليًا على رئيس الحكومة في بعض المواقع الحساسة وأيضًا عدم إنجاز مهمة المصالحة الوطنية التي كانت أحد أهم ركائز انتاج هذه الحكومة بمجلسها الرئاسي والحكومة التنفيذية وبالتالي حتى الوصول الآن إلى مرحلة الانتخابات مطالبة الحكومة فقط بعد أن أعلنت المفوضية إجراءاتها واستحقاقاتها. الجانب الأمني كما أشرنا إليه لن تستطيع الحكومة إيفاءه مالم تكن هناك متابعة دورية في هذا الموضوع.