تواصل التصعيد بين أمريكا وإيران ... والعراق امام اختبار صعب

في الوقت الذي تتجه الأنظار نحو حالة التصعيد بين إيران وأمريكا، خاصة بعدما أعلنت واشنطن إرسال حاملات الطائرات "أبراهام لنكولن" إلى الخليج.

رداً على تهديدات إيرانية سابقة بإغلاق مضيق هرمز، يسعى الساسة العراقيون إلى أن لا تكون العراق مسرحاً لعمليات متبادلة بين إيران والولايات المتحدة أو ساحة لتصفية الحسابات.

وأرسلت الولايات المتحدة الأمريكية حاملة الطائرات "أبراهام لنكولن"، إلى الخليج لحماية مصالحها ومواجهة تهديد إيراني محتمل، في ذات الوقت، الذي تقول فيه إيران إن جيشها على أهبة الاستعداد.

وقال المحلل السياسي هلال العبيدي لوكالة فرات للأنباء ANF: إن "نقل كل هذه المعدات من حاملات الطائرات والطائرات هو للبدء في الحرب قريباً على إيران حين تكتمل الإعدادات لساحة العمليات والتي سيكون العراق جزاء منها وذلك لعدة أسباب،

أولها: لوجود ميليشيات عقائدية تابعة لإيران.

ثانياً: وجود معسكرات كبيرة للجيش الأمريكي.

ثالثاً: لضعف حكومة بغداد في اتخاذ القرارات الكبرى التي من الممكن أن تحسم مصير العراق سواء بالحياد وبالابتعاد عن الحرب أو الانحياز إلى جهة ما، وخصوصاً أن العراق مقبل على موسم صيف سيكون ساخناً على جميع المستويات وهذه ستكون أول اختبار حقيقي لمدى صلاحية عادل عبد المهدي لإدارة الأزمات في العراق".

وأضاف العبيدي أن"النظام الإيراني في موقف لا يحسد عليه، فإذا أذعن للتفاوض فهناك ١٢ نقطة أعلنها سابقاً وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو إن التزم بها فستنتهي مشاريعه التوسعية في المنطقة ويعود إلى حجمه الدولي الحقيقي وستقتل طموحاته النووية ويخلق حالة من عدم الإستقرار داخليا". ولفت إلى أن "النظام الإيراني وخلال ٤٠ عاماً يسوّق لفكرة تصدير الثورة وتحرير فلسطين ودفع مستقبل الشعوب الإيرانية إلى المجهول بسبب هذا الخطاب، الذي إذا تراجع عنه فسوف يثير حفيظة الشعوب الإيرانية وخصوصاً تلك غير الفارسية إلى التمرد"، مشيراً إلى أن "الحالة الاقتصادية المتهالكة للنظام، والتي تستدعي عدة سنوات من إعادة البناء والعمل والتنظيم للعودة إلى اقتصاد مستقر".

من جهته قال المحلل السياسي غيث التميمي، لوكالة فرات للأنباء ANF إن" الفرق بين الرئيس الامريكي دونالد ترامب والمرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي هو أن ترامب يستخدم العنف والقوة من أجل السياسة، لذلك هو يحرك أساطيره ويرسل رقم هاتفه ويدعو للتفاوض، وبالعكس تماماً لدى خامنئي، إذ أنه يستخدم السياسة من أجل العنف والقوة ويستخدم السياسية ليعزز من نفوذ ايران ومدها من خلال ميليشياته في المنطقة وهذه المعادلة من المفروض أن تكون حاضرة عندنا".

وأضاف التميمي "أتصور أن ترامب آخر احتمالاته ستكون الحرب، بينما خامنئي فإن احتمالاته أو خياراته هي الحرب". ونوه بأنه "قطعاً ستكون إيران الخاسر الأكبر في أي حرب أو أي مواجهة مع الولايات المتحدة الامريكية".

ولفت إلى أن "العراق قد يتضرر في أي حرب مع إيران، ولكن هذا الظرف سيكون على المدى القصير على المدى المتوسط والبعيد حصار إيران ومواجهة توغل إيران في المنطقة"، مشيراً إلى أن "العراق لم يعلن استراتيجية واضحة لتفادي ما يحصل في المنطقة وكل ما تسعى له الحكومة العراقية هو حماية المصالح الإيرانية وليس وحماية استقرارها في هذا الصراع".

وأما عن إرسال الولايات المتحدة حاملة طائرات إلى الشرق الأوسط، فيرى أن ذلك من أجل إبلاغ إيران "رسالة واضحة وجلية".

وتتباين التحليلات في الخيارات المطروحة أمام إيران في مواجهة الولايات المتحدة وسط تحذيرات من اندلاع صراع عسكري بين الدولتين، لكن الاجماع يكاد يكون حول أن العراق في دائرة الخطر.

وكان وزير الخارجية الامريكي مايك بومبيو التقى مع مسؤليين عراقيين الأسبوع الماضي في زيارة مفاجئة إلى العراق، وهذا ما أكدته مصادر مقربة بأن "الزيارة كانت مفاجئة للحكومة العراقية"، وأن "الهدف الرئيسي منها هو إبلاغ بغداد أن أي اعتداء يطال القوات الأميركية في العراق سيفهم على أنه من أذرع أيران، كما أبلغهم بإمكانية منح العراق استثناءً جديداً في ما يتعلق بالعقوبات على إيران".

ورغم ذلك اعتبر الوزير الأمني الوطني العراقي السابق، شروان الوائلي، أن زيارة وزير الخارجية الأمريكي مايكل بومبيو إلى بغداد جاءت تجسيداً لرغبة أمريكية بتحييد العراق في ظل التوتر مع طهران. وقال الوائلي في مقال كتبه: إن "الوزير الأمريكي حدد أربع نقاط أساسية في الزيارة عبر لقائه المسؤولين العراقيين، والنقاط هي: أولا، أن ينأى العراق بنفسه عن الأزمة مع رغبة أمريكية برؤية العراق مستقرا وأن يكون دوره محايدا لمصلحته ومصلحة شعبه".

وأضاف أن "النقطة الثانية تتعلق بكون الحكومة العراقية عليها حماية المصالح الأمريكية لأن الوجود الأمريكي هو من أجل حماية العراقيين ولهذا كان على الحكومة العراقية دور مفصلي في حماية أمن المصالح الأمريكية".

وأشار الوائلي إلى أن "النقطة الثالثة تتعلق بأن أي اعتداء يصل من إيران أو من الأطراف المرتبطة بإيران سواء كانت في لبنان أو في العراق أو أي منطقة يعني اعتداءا قادما من إيران وسيكون الرد على إيران مباشرة".

وتابع الوزير السابق: أما رابعا فإن الوزير الأمريكي كان مغتبطا بالاتفاق الذي حصل مع الشركة العملاقة الأمريكية "أكسن موبيل" في مجال الغاز والنفط، موضحا "كما ناقش بومبيو ملف إعفاء العراق من العقوبات حيث يستطيع العراق استيراد الغاز والكهرباء من طهران".

وتساءل: "ما هو دور العراق في الأزمة الأمريكية الإيرانية، هل سيقوم العراق بتوجيه النصح لطهران بالعودة إلى طاولة المفاوضات أو ينصح الأمريكان أن الحصار المفروض على طهران هو حصار للشعب الإيراني وليس حصار الأنظمة والحكومات وبالتالي سيكون له أثر جانبي كبير على الشعب العراقي، أم ينصح بعدم الحرب وتجنيبهما حربا طويلة الأمد لكون الحرب ليست حربا تقليدية ومؤثراتها وردود فعلها كبيرة جدا ومؤثرة لأنها حرب متشعبة".