كوباني... المدينة التي لم تسقط - 5

كان مرتزقة داعش يقولون بأنهم سوف يؤدون صلاة عيد الأضحى في الجامع الكبير بمركز مدينة كوباني، لكن لم يتمكنوا من القيام بذلك، وأُديت الصلاة من قِبل الشعب ومقاتلي الحرية، ويتحدث الملا شيخ أحمد حمو عن تلك الفترة.

لقد أطبق الحصار المشدد على كوباني، وكانت كوباني تقاوم بكل عزم وإصرار في مواجهة استخدام الدبابات والمدافع والهاونات والأسلحة الثقيلة وما شابهها من أسلحة، كان المرتزقة يسعون في 4 تشرين الأول 2014، أي في يوم عيد الأضحى، لدخول مركز مدينة كوباني وأداء صلاة العيد في الجامع الكبير، وعلى الرغم من الهجمات المكثفة، لم يتمكنوا من القيام بذلك الأمر، ففي الجامع الذي كان المرتزقة يريدون أداء الصلاة فيها، أدى الشعب والمقاتلون الذين كانوا يقاومون منذ 20 يوماً، صلاة العيد فيها.      

 

وروى الشيخ أحمد حمو، وهو أحد الشهود العيان على مقاومة كوباني، والذي أدى صلاة العيد والمعروف باسم الشيخ مشمش، لوكالة فرات للأنباء (ANF)، الأحداث التي جرت في ذلك اليوم والمحادثة الهاتفية التي أجراها مع عضو اللجنة التنفيذية لحزب العمال الكردستاني مراد قره يلان حول كوباني.

انضم الجميع للمقاومة

وذكر الشيخ مشمش بأن المقاومة الكبيرة والوحدة الوطنية هزمت خطط داعش، وقال بهذا الخصوص "لقد قام المرتزقة في 15 أيلول 2014 بشن الهجوم على كوباني، وكانت هذه الهجمات بالأسلحة الثقيلة مخططة وواسعة النطاق، حيث استخدموا في هذا المكان الأسلحة الثقيلة التي استولوا عليها في الموصل والرقة، وبحسب خططهم المرسومة، كانوا يخططون للسيطرة على كوباني خلال فترة قصيرة، فيما اندلعت معركة كبيرة، وأُبديت مقاومة عظيمة، ففي كوباني، قاومت البشرية بقيادة الشعب الكردي، حيث انضم لهذه المقاومة الثوريون الأمميون من فرنسا وحتى أمريكا، وتمسك الشعب الكردي في الأجزاء الأربعة لكردستان بمدينة كوباني، لم نكن نملك الامكانيات مثل داعش، فلم تكن لدينا ذخيرة كافية، كانت لدينا فقط أسلحة فردية، لقد كانت مقاومة تاريخية، حيث كانت المقاومة في مدرسة سرزوري ومقاومة الشهيد إريش في الأحياء الغربية خير مثال على تلك المقاومة، وكانت حلنج المثال على ذلك، وكانت عملية آرين ميركان مثالاً تاريخياً لتلك المقاومة".              

الأحداث التي جرت في يوم العيد

وأفاد الشيخ مشمش بأن المرتزقة أردوا دخول مركز المدينة يوم عيد الأضحى، لكن مع ذلك لم يتمكنوا من فعل ذلك على الرغم من المعركة الشرسة، وقال " كان يوم 4 تشرين الأول 2014، هو يوم عيد الأضحى، وكانوا قد شددوا الحصار على كوباني، حيث باتت قذائف الدبابات والمدفعية تصل إلى مركز المدينة، لقد أرادوا السيطرة على مركز المدينة، لكن لم يقدروا على فعل ذلك، ووفقاً لهم، كانوا يخططون بأنهم سوف يسيطرون في عيد الأضحى على مدينة كوباني ويؤدون الصلاة فيها، وبدأت الهجمات على كوباني،  وأدى المدنيون والمقاتلون في كوباني صلاة العيد معاُ في جامع كوباني الكبير، ولم يكن هناك الإمام الذي سيؤم بالصلاة، واضطررتُ مجبراً على تولي الإمامة بالمصلين، ولقد قمنا بأداء الصلاة وأيضاً إصدار فتوى، وكان مضمون الفتوى هو أن النبي إبراهيم عليه السلام قد رأى في منامه أن يذبح ابنه إسماعيل كأضحية، فاليوم أيضاً، إن أبناء الشعب الكردي هم قرابين شعوب كردستان، ويضحون بأنفسهم من أجل حماية كردستان ووحدتهم، حيث لاقى هذا العيد صدى واسع في المنطقة والعالم وعلى وسائل الإعلام، ولم يسمح لهم بتحقيق هدفهم المنشود".        

انضموا قبل أن يكتبوا أسمائهم

وتابع الشيخ مشمش قائلاً "إن ما حافظ على كوباني، كان وحدة الشعب الكردي والإنسانية والأممية، وهذا الأمر بحد ذاته غير طبيعي، فقد توجه الفدائيون الكرد والعرب والفدائيون من جميع أنحاء كردستان إلى كوباني وانضموا إلى المقاومة، وتم الإعلان عن التعبئة العامة من أجل دعم كوباني، حيث قُدمت مساندة قوية من شمال كردستان، وتوجه الجميع نحو كوباني، وساند أهالي شمال كردستان كوباني بطريقة غير محدودة، ورأينا بأم أعيينا، استشهاد مناصري نضال حرية كردستان وعشرات الفدائيين الذين جاؤوا لتلبية نداء التعبئة العامة في مدينة المقاومة، وانضموا إلى المقاومة دون أن تُتاح لهم الفرصة لكتابة أسمائهم، ولا تزال هناك العشرات من القبور المجهولة الاسم في مقبرة الشهداء للشهيدة دجلة، وانضم الكثير من كريلا قوات الدفاع الشعبي (HPG) إلى مقاومة كوباني، حيث خلق هذا الأمر وحدة كردستانية، فالمقاومة التي أبديت في هذه المعركة كانت فريدةً للغاية وليس لها مثيل، كما أن الشعب والشبيبة الكردية جاءت من أجزاء كردستان الأربعة واستشهدوا وأصيبوا في المعركة، ومع مرور الوقت، تبيّن أن هذه المعركة ليست معركة الشعب الكردي فقط ، بل هي معركة البشرية جمعاء، لقد تم خوض المعركة في هذه المنطقة من أجل العالم أجمع".

المحادثة الهاتفية مع مراد قره يلان

تحدث الشيخ مشمش عبر الهاتف مع عضو اللجنة التنفيذية لحزب العمال الكردستاني، مراد قره يلان، حول الأحداث التي جرت في كوباني بتاريخ 6 تشرين الأول 2014، وقال بهذا الصدد: "فكما لبى مقاتلو كريلا قوات الدفاع الشعبي (HPG) نداء شنكال، تحركوا مسرعين من أجل كوباني وانضموا الى المقاومة الجارية في المنطقة، وكان نضال حرية كردستان يواكب الوضع عن كثب، ففي البداية تحدثتُ مع الرفيقتين روكن و سيدار اللتان كانتا تقيمان في كركوك، وسألتا عن الوضع القائم، وأنا بدوري أجبتُ "إن الوضع ليس على ما يرام، يجب على حزب العمال الكردستاني أن يتدخل في الوضع"، وقالتا لي "ابق على الخط، سوف يتصلون بك"، تحدثتُ مع الرفيق مراد قره يلان حول الوضع في كوباني، قلتُ لهم بأنه يجب القيام بالتدخل، وقد أبدى اهتماماً كبيراً، واستفسر عن جميع التفاصيل، ولا أعلم بالضبط مع من تحدث أيضاً، ومن ثم علمتُ، بأنها كانت فرصة عظيمة بالنسبة لي".