يحافظ وجيه قبيلة "الشمر" في الرقة, ابو ميزر, على تراث آبائه وأجداده في الكرم وحسن الضيافة وحل الخلافات، وعدم اندثارها، حيث أنه أنشأ مضافة ضمن منزله الكائن في حي "الثكنة" وسط المدينة.
وتستقبل المضافة كل من يقصدها سواء لحل الخلافات أو للجلسات الاجتماعية التي تجمع الأقارب في مكان واحد، والتي لها طابع مميز لدى عشائر المنطقة، لتعليم مكارم الاخلاق والاحترام المتبادل في الجلسات العربية والمجتمع.
تعد قبيلة " شمر" عربية اصلها من الحائل في نجد "أحد أقاليم شبه الجزيرة العربية", وتنتشر القبيلة أيضاً في عدة أقطار مثل الكويت والعراق وسوريا والأردن وسلطنة عمان وقطر والإمارات.
وتكمن أهمية المضافات العشائرية في المناطق العربية في حل القضايا والخلافات بين أفراد العشيرة, وتسمى بعدة تسميات بحسب اختلاف ثقافة المنطقة "المنزول, الأوضح, الديوان".
وخلال جلسة في مضافة وجيه قبيلة الشمر، تحدث أبو ميزر لوكالة فرات للأنباء حول تاريخ نشأة المضافة قائلاً "يعود تاريخ نشأة المضافة إلى زمن العصر الجاهلي, وكانت تسمى "بدار الندوة" في سابق عهدها، واستمرت على مدى العصور وصولاً إلى يومنا الحالي, حيث لها دور مهم في الواقع العشائري والمجتمعي في المنطقة من حيث حل الخلافات وتقوية النسيج الاجتماعي بين أبناء عشائر المنطقة".
وأضاف ابو ميزر: "في المضافة يناقش الجالسين الاوضاع الاجتماعية والانسانية والخلافات, وسن القوانين وحل الخلافات بين أفراد القبيلة يلجأ أفرادها إلى "العارفة"، ويلتزم بقرار "العارفة" جميع أبناء القبيلة بكل احترام وتقدير للعرف العشائري".
الدخيل والقصير
وقال أبو ميزر حول الفرق بين الدخيل والقصير " تعد المضافة العربية مُنذ القِدم متاحة أمام جميع زوارها "للدخيل والقصير"، القصير هو الرجل الذي يسكن ضمن القبيلة, ويجب ألا يكون عليه دم أو ثأر، وقضايا أخرى تتعلق بالشرف والأخلاق".
وأضاف الوجيه، أما الدخيل يكون عليه ثأر وملاحق من قبل عشيرة أخرى، ، ويتم استضافة "الدخيل" في بيت شيخ القبيلة لحمايته من أي محاولة قتل او اغتيال، فيما يأتي دور "العارفة" لحل مشكلة "الدخيل" بحسب العادات والتقاليد العربية الأصيلة.
التمسك بالعادات والتقاليد
وقال وجيه الشمر "وهناك عادات وتقاليد عدة لازال العرب متمسكون بها، ومنها طريقة الجلوس في المضافة والتي تعبر عن اخلاق الشخص، ويجب على الضيف النظر على وجه المتكلم وعدم الانشغال عنه، بالإضافة إلى طريقة تقديم القهوة العربية الاصلية".
وأضاف "للقهوة العربية فناجينها أول فنجان للهيف والثاني للضيف، والثالث للكيف، وأما الرابع فهو للسيف، وهو الجامع لأبناء العشيرة، حين يتعرضون للضيم والظلم والعدوان، أما باقي الفناجين لإكرام الضيف".
وبكل منطقة في شبه جزيرة العربية يوجد هناك مضافة او ديوان لكل قبيلة، وتعد المضافة رمز من رموز التراث العربي الأصيل الذي يجمع كبار القوم وصغارهم للاستماع للنصائح والحلول التي يصدرها شيخ القبيلة، ويتسم الشيخ بالنضج والذكاء الحاد والمعرفة والإلمام بشتى القضايا التي تهم أفراد القبيلة.