النهوض والتحوّل الثقافي.. مساعي المثقفين في الرقة

يسعى الأدباء والمثقفين السوريين في الرقة بالنهوض في كل مجالات الثقافة واللغة والأدب والفن والتراث عبر وضع استراتيجية لبناء بنيه ثقافية دمرتها الحرب.

تحوّلت مدينة الرقة من عاصمة القصة القصيرة إلى عاصمة "داعش" عام 2014، مما دفع المثقفين والأدباء للهجرة من مدينتهم، وتحرير المدينة على يد قوات سوريا الديمقراطية فتح طريق العودة للمثقفين والأدباء والشعراء للارتقاء بالواقع الثقافي.

وكانت الرقة قِبلة المثقفين والإعلاميين العرب والأجانب حيث شهدت زيارة قامات أدبية وثقافية عربية وعالمية خلال العقود الماضية، وقف فوق جسرها العتيق الشاعر نزار قباني عام ١٩٧٩، وواظب على زيارتها الإعلامي جورج قرداحي.

ووثقت الكاتبة آغاثا كريستي رحلتها إلى المدنية بكتابها "قل كيف تعيش"، وخصصت فصل يحمل عنوان "الطريق إلى الرقة"، وقال الشاعر العراقي مظفر النواب أثناء مغادرته الرقة والوقف على جسرها :"مو حزن لكن حزين، مثل صندوق العرس ينباع خردة عشق من تمضي السنين".

وعبر الكاتب والمثقف من مدينة الرقة "منير الحافظ" عن شجونه إثر العزوف الثقافي الذي شهدته مدينة الرقة بعد تعرضها لخراب ودمار، مما عكس سلباً على الواقع الثقافي في كافة المجالات الثقافية.

وسعّت هيئة الثقافة والفن في الرقة للنهوض بالواقع الثقافي لاستقطاب المثقفين والأدباء، من خلال الفعاليات الثقافية والجلسات الحوارية واستحداث المكاتب لمحبي القراءة.

ولاستقطاب القراء من كافة الفئات العمرية، افتتحت هيئة الثقافة في الرقة المكتبة الوطنية في تشرين الأول عام 2022 تزامناً مع الذكرى السادسة لطرد” داعش” من المدينة.

وحول أهمية افتتاح المكتبة، قال مدير المكتبة الوطنية والكاتب والمثقف منير الحافظ "تضم المكتبة كُتب متنوعة منها الآدب والثقافة والترجمة والمسرح والسينما، ونسعى لتشجيع كافة الفئات على القراءة عبر خاصية إعارة الكُتب".

وبهدف توحيد السوريين عبر الأدب والثقافة، نظمت هيئة الثقافة والآثار في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في 18 تشرين الثاني عام 2024، مهرجان الأدب الثاني تحت عنوان "أدب بأقلام سورية"، بمشاركة 51 كاتباً وأديباً من شمال وشرق سوريا والداخل السوري وضيوف من جمهورية مصر العربية.

وأكدت سرفراز شريف الرئاسة المشتركة لهيئة الثقافة والآثار في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا "شعار "أدب بأقلام سورية"، جمّع هوية كافة السوريين بكافة لغاتهم وثقافاتهم، فيما نستمر بدعم الفعاليات الثقافية التي تهدف لتعزيز التماسك المجتمعي بين كافة مكونات الشعب السوري".

وبيّنت الشاعرة إلهام إسماعيل من طرطوس حول دور الأدب في توحيد السوريين قائلة "الأدب جمعنا مع كافة المدن السورية تحت سقف واحد في مدينة الرقة، مما يدل بأن الأدب وحدنا بالفكر والكلمة والعقيدة، وزرع بنا حب كافة المدن السورية بكافة مكوناته".

السعي لدفع عجلة الثقافة

وقال المثقف، منير الحافظ، "لنهوض بالواقع الثقافي وتفعيله على كافة الأصعدة والفئات المجتمعية، عملنا على دفع عجلة الثقافة، وكيفية التعامل مع العقل الثقافي لكل فرد والتوعية الاجتماعية، للمضي نحو التغير والتطوير، إلى جانب تكثيف اللقاءات مع المنابر الثقافية، وإقامة الندوات والأمسيات والمحاضرات لكل كينونة ثقافية في المنطقة، بالإضافة إلى طرح برامج ومناهج وتصورات التي تهدف لزيادة الوعي الثقافي".

وأضاف "المكتبة الوطنية غير قادرة على الحراك الثقافي والانخراط ضمن المجتمع على جميع فئاته، حيث عملنا على طرح موضوع أصدقاء الهيئة الثقافية، والذي يهتم في الجانب الثقافي لكافة القطاعات المدنية لتعاون من أجل تفعيل الثقافة".

استراتيجية ثقافية لنهوض والانتقال 

وبيّن منير الحافظ "نحن في طريق لإقامة الندوة الدولية لتاريخ الرقة، لذلك يجب علينا العودة إلى التراث الرقي المادي واللامادي، وإقامة الاحتفالات لإعادة التراث اللامادي، وتثقيف الأطفال عبر إقامة الندوات الثقافية لإخراجه من الواقع المأساوي الذي عاشه، نحن سائرون نحو بناء بنية ثقافية متكاملة عبر وضع استراتيجية لنهوض والانتقال".

واختتم منير الحافظ "نسعى لإعادة الألق الفني والفكري للمدينة، عبر استراتيجية ثقافية تساهم مع المنابر الثقافية والمعنيين في الشأن الثقافي من أجل إعادة ألق البلد بالفكر والثقافة والفن".