المواقع الأثرية الأقدم في سوريا ترمم بعد سنوات من إهمالها
باشرت لجنة الثقافة والآثار في مجلس الرقة المدني فور تحرير المدينة على إعادة ترميم والحفاظ على المواقع الاثرية الأقدم في سوريا.
باشرت لجنة الثقافة والآثار في مجلس الرقة المدني فور تحرير المدينة على إعادة ترميم والحفاظ على المواقع الاثرية الأقدم في سوريا.
وتحتضن مدينة الرقة بين طياتها مواقع اثرية عدة, والتي تتصدر قائمة أقدم المعالم الأثرية بين المدن السورية نظراً لتاريخها القديم والعريق, فيما تحتل مدينة الرقة المرتبة الأولى في سوريا لاحتوائها عدد كبير من القطع الأثرية والذي يعود تاريخها لنشأة المدينة عام 242 قبل الميلاد.
ومنذ بداية الأزمة السورية, تعرضت المواقع الأثرية للتخريب على يد الفصائل الإرهابية نتيجة الصراعات والحروب التي شهدتها المدينة على مدى السنوات الفائتة.
وعاث تنظيم داعش بعد سيطرته على مدينة الرقة عام 2014 فساداً في المواقع الاثرية من خلال طمس المعالم الاثرية المهمة في المدينة، وعملت على تدمير الكثير من الآثار والتماثيل بحجة أنها “أصنام”، ونهبت وسرقت التراث القديم وعملت على تصديره للخارج بمبالغ مالية ضخمة، ناهيك عن المعارك الطاحنة قبيل تحرير المدنية من رجس داعش في ١٧ تشرين الاول ٢٠١٧.
وما زالت المواقع الأثرية مشيدة في مدينة الرقة وريفها رغم تعرضها للقصف الجوي والمدفعي، وجرفها ونهبها على يد المرتزقة ، شاهدة على حقبة تاريخية تعني الكثير لأبناء المدينة.
وفور تحرير المدينة، قامت لجنة الثقافة والآثار في الرقة على الحفاظ على المواقع الاثرية، وإعادة ترميم جزء منها من خلال الورشات المختصة في الشأن الأثري لمنع اندثار ما تبقى منها.
وأهم الآثار التي ما زالت قائمة في مدينة الرقة، باب بغداد وتقع في الزاوية الجنوبية الشرقية على السور الخارجي للمدينة، سور الرقة متصل مع باب بغداد، قصر البنات يعود إلى القرنين الثاني عشر والثالث عشر أي إلى العصر الأيوبي وكان مشفى ميداني ، قلعة هرقلة يقع هذا القصر في الجهة الغربية من مدينة الرقة وعلى بعد 7كم ولقد أنشأه هارون الرشيد بعد أن فتح مدينة هرقلة.
وقلعة جعبر تقع على الضفة اليسرى لنهر الفرات على بعد ٥٠ كم من الرقة. ، وهي قلعة ذات سورين يضمان عدداً من الأبراج تزيد عن خمسة وثلاثين برجاً، وفي وسط القلعة مسجد بقي منه مئذنة ، متحف الرقة أسس عام 1981 ، ويعتبر من أهم المعالم الاثرية والشعبية، ويضم آثار مدينة الرقة التي تم الكشف عنها بجهود مجموعات من المنقبين العالميين والمحليين.
والجامع القديم تم بنائه بتاريخ بناء سور الرقة، الرصافة وتسمى أيضا لؤلؤة البادية وتقع على بعد ٣٠ كم عن الرقة، وتل الخويرة، واسط الرقة، البيعة توتل، تل حلاوة، تل حمام التركماني زلبا.
وفي السياق, اجرت وكالة فرات للأنباء لقاءً مع المختص في مجال الآثار والمتاحف في الرقة الأستاذ محمد عزور, والذي أكد بأن عمليات الترميم في المواقع الاثرية تجري على قدم وساق.
واستهل محمد العزو حديثه قائلاً "الآثار في مدينة الرقة لها أهمية كبيرة, كون المدينة تحتوي على مجموعة كبيرة من المواقع الأثرية بدأت تقوم فيها منذ زمن بعيد, وقد تكللت هذه الأعمال التنقيبية بالنجاح الباهر على مدى السنوات السابقة, حيث افتتح متحف الرقة عام 1981, وامتلأت ساحة العرض بمجموعة من القطع الاثرية التي تروي حياة الشعوب المدينة.
المرحلة السوداء
وقال محمد العزو "منذ بداية 2013 بداء حراك واسع في المدينة , وكنت اسمي السنوات ما بين عام 2012 و2018 "المرحلة السوداء", لتعرض الآثار إلى هجمة سوداء متوحشة طالت المواقع الأثرية, حيث تم حفر المواقع الاثرية بشكل عشوائي, وسرقة اللغة الأثرية الموجودة في مخازن البعثات الأثرية المعروضة في معرض الرقة الوطني ,وفي متحف الرقة الاثري تم سرقة حوالي 7000 قطعة اثرية".
وأوضح العزو "كانت الآثار مصانة صيانة جيدة, واهتمام كبير من قبل المشرفين على التراث والمكتشفات الاثرية, ورغم صغر متحف الرقة فهو يعتبر من أجود المتاحف في سوريا نظراً للقطع الاثرية المتنوعة من فترة قبل التاريخ إلى الحقبة الاسلامية".
وبينّ محمد العزو "منذ بداية الأزمة ودخول الفصائل المسلحة الإرهابية الى المدينة عاثت فساداً في المواقع الاثرية , وعدم احترام المواقع الأثرية والقطع والمواقع الفكرية والثقافية, حيث عملت على تدمير الكثير من المواقع الهامة مثل موقع تل غويرة, حمام التركمان تل زيدان, والتنقيب الغير شرعي الجائر الغير العلمي أثر بشكل سلبي على المواقع الأثرية".
الحفاظ على المواقع الأثرية
وقال محمد العزو "بعد تحرير مدينة الرقة, بدأ الاهتمام بشكل ملحوظ في المواقع الأثرية, حيث أطلقت لجنة الثقافة والآثار في مجلس الرقة المدني حملة واسعة لإعادة ترميم المواقع الأثرية داخل المدينة, وبدأت اللجنة بترميم سور الرقة بعد تعرضه إلى الكثير من الانتهاكات, مما ادى لظهور تصدعات في جسم السور وانهيار الكثير من أجزائه, وتم تأهيل التصدعات بمادة الازول واللبن".
وأكمل العزو "ومن المواقع المهمة في المدينة موقع يدعى قصر البنات, حيث كان له اهمية كبيرة قبل الأحداث السورية, وبدأ المختصون في ترميمه عام 1975, ولكن خلال السنوات الفائتة من الحرب تعرض لانتهاكات من خلال حفر أساسات وعمليات القصف، حيث يحتاج الكثير من الترميم، ويجب إيجاد حل لتصريف مياه الأمطار التي تسبب الرطوبة العالية للجدران الداخلية مما ينذر بتصدعها وانهيارها لاحقاً".
وأضاف "مسجد المنصور تعرض للخراب نتيجة الأعمال السيئة من قبل المسلحين، وقامت اللجنة بترميم بعض الأبراج الشرقية, موقع تل البيعة يقع خارج أسوار المدينة على بعد 2 كم، تعرض لتخريب بسبب تواجد المخيمات العشوائية فوق الموقع الأثري، حيث يقوم المجلس المدني بالتنسيق مع الإدارة الذاتية لإيجاد مكان مخصص للنازحين، لإعادة ترميم الموقع مجدداً".
ودعا المختص في الآثار والمتاحف " وندعو الجهات الإعلامية والعالمية على توعية الأهالي من خلال نشر التوعية لعدم الاعتداء على المواقع الأثرية وزيادة الوعي لعدم تخريب ما تبقى من الآثار".